خيارات باسيل الرئاسية… وجنبلاط!
ناصر قنديل
– في الكلمة المطوّلة لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس، كثير من المواقف تستحق التوقف والنقاش، منها ما يطال المسائل الوطنية الكبرى المتصلة بمفهوم بناء الدولة والإصلاح السياسي والاقتصادي، ومنها ما يتصل بمفهوم الشراكة الوطنية وقواعده وشروطه، ومنها ما يطال التفاهم بين التيار وحزب الله ومستقبله، لكن الأهم سيبقى في كلام باسيل عن الخيارات الرئاسية للتيار رغم ما قد يطال هذا الجانب من الكلمة من تأويل يريد التوقف أمام تلويحه باحتمال الترشح، رغم ورود هذا الخيار من باب آخر الخيارات غير العملية، التي لا توصل رئيساً لكنها تحفظ حق الترشح للقول إن الرئيس يجب أن يمثل شريحة واسعة من المسيحيين، وفقاً لصيغة ورود الأمر في الكلمة.
– وفقاً للتسلسل الذي عرضه باسيل، الأولوية هي للـ “توافق على برنامج صغير وسريع التطبيق، وتوافق على لائحة مصغرّة من الأسماء للاتفاق على واحد منها، أو اقلّه للتصويت عليها إذا تعذّر اختصارها باسم واحد، وإذا لم نلق نتيجة”. والمقصود السعي لإقناع عدد من الكتل النيابية التي تستطيع بمجموعها تأمين نصاب الـ 86 نائباً، وتتفق على اسم جديد من خارج لائحة الأسماء الثلاثة المتداولة، النائب ميشال معوّض، والوزير السابق سليمان فرنجية، وقائد الجيش جوزف عون، وصولاً لمنح هذا المرشح حداً أدنى هو الـ 65 صوتاً، وبحساب بسيط، دون الحاجة للدخول بالتفاصيل، ورغم مغازلة باسيل النائب السابق وليد جنبلاط كمرشح رئيسيّ لهذا التوافق، فمعلوم أن عين جنبلاط هي على حزب الله، وأن الممرّ الإلزامي بكل الأحوال لهذا الخيار الرئاسي بالاسم الرابع يتوقف على قبول حزب الله بالتخلي عن دعم ترشيح فرنجية، وهو ما لا يبدو بالنسبة لباسيل مرجحاً، بدليل مضي شهور على هذه المحاولة دون جدوى.
– إذا كان خيار باسيل الثالث بترشيح نفسه، غير مطروح على أحد وهو خيار أخير بالتسلسل، بهدف حفظ الحق كما وصفه، بقوله “بحال فشل المسعى الأوّل والثاني، واعتبرت مواقفنا منطلقة من الضعف بدل اعتبارها منطلقة من الحرص، سأفكر جدياً بالترشّح لرئاسة الجمهورية بغض النظر عن الخسارة والربح، لنكون أقلّه احتفظنا بمبدأ أحقيّة التمثيل”، فإن الخيار الثاني الذي طرحه يبقى خياراً تفاوضياً لم يتبلور وينتظر اختبارات لم تنته بالنسبة لباسيل تدور حول فرص الخيار الأول، والأرجح أنها تنتظر جنبلاط، والرغبة بتشكيل ثنائي معه يلتقي على لائحة مصغرة وبنود برنامج عناوين رئاسية، ليتولى الثنائي جنبلاط باسيل العمل على التشاور مع الآخرين على أساس هذه اللائحة، وهو ما يستبعد الكثيرون حدوثه، لأن جنبلاط أيضاً يسعى لتسويق لائحة يشكل اسم قائد الجيش أبرز الأسماء فيها ويسعى لاختبار فرص التفاهم عليها مع حزب الله، قبل أن يذهب لتعديل اللائحة.
– الأرجح أن باسيل يستطيع تطوير الخيار الثاني الذي طرحه ليشكل مشروعاً مشتركاً مع جنبلاط، يتناسب واقعياً مع حاجات المعركة الرئاسية. وهذا الخيار المؤجل عند باسيل، وربما عند جنبلاط، والذي قال باسيل “سندرسه” يقول بـ “الموافقة على أي مرشّح يصل بشرط، انّه قبل انتخابه، الكتل المؤيّدة له تنفّذ مطالب إصلاحية لا تتعلّق بالتيار ولا بمحاصصة، بل فيها خير لكل اللبنانيين، وأبرزها قانون اللامركزية وقانون استعادة الأموال المحوّلة وغيره”. وهذا يعني ضمنا قبول باسيل بفرنجية أو سواه مرشحاً ضمن هذه الشروط، لكن ضمن تحالف نيابي ووجود ضامن قادر وموثوق.
خريطة الطريق المعقولة والواقعية للتشاور الرئاسي لتشكيل “حلف الراغبين”، وصولاً لجمع 86 نائباً منهم 65 على الأقل ينتخبون اسماً واحداً، هي التشاور على عناوين مشروع يجمع الكتل النيابية المعنية، يليه تحديد الضامنين للمشروع وفقاً لبنوده، ثم منح الضامنين هامشاً واسعاً في اسم الرئيس الذي يستطيعون الوثوق بالتزامه بالمشروع، والمشروع الذي يضمن اللامركزية بحدود ما نصّ عليه اتفاق الطائف، وهو ما يطلبه باسيل، والاستراتيجية الدفاعية بحدود ما يطلبه جنبلاط، يطلبان موافقة حزب الله وجعله الضامن، ما يعني منحه مساحة أوسع من سواه في تحديد اسم الرئيس، وهذه خريطة طريق لوصول فرنجية، لا يبدو أن توقيتها قد نضج، والأرجح أنها تنتظر المزيد من الوقت، بالنسبة لكل من باسيل وجنبلاط، بعد اختبار كل منهما على حدة لفرضية لائحة تضمّ مرشحي الاسم الرابع.