بالتوازي يحتاج لبنان للخروج من الأزمة المالية، كما يقول السياسيون على اختلاف مشاربهم وأولوياتهم، إلى إعادة الاهتمام الخليجي بلبنان أملا بتدفق مالي وسياحي وتعاون تجاري واكتساب صدقية مصرفية، والى انجاح عودة النازحين السوريين وترسيم الحدود البحرية الشمالية للبنان مع سورية والى وقف التهريب، ومثلما تختصر المهمة الأولى بتحسين او تصحيح العلاقة اللبنانية مع السعودية، تختصر المهمة الثانية بتحسين أو تصحيح العلاقة اللبنانية مع سورية.
تحسين العلاقة اللبنانية مع السعودية يعني شيئا واحدا هو وجود مناخ سياسي إقليمي يحول دون استمرار التوتر في علاقة حزب الله والسعودية، لأن الرهان على وجود وسائل ترضي السعودية وتستعيد اهتمامها بلبنان خارج وقف ما تعتبره الحملة الاعلامية لحزب الله، على الأقل، في غير مكانه، والرهان على تحقيق ذلك بالضغط على حزب الله مجرب وغير ممكن، الى حد يمكن القول معه إن الطريق اللبناني لاستعادة العلاقة مع السعودية واستعادة الاهتمام السعودي يبدأ من اليمن، ونجاح مساعي وقف الحرب فيها، وصولا لمصالحة ايرانية سعودية راسخة، وانتهاء بعودة تعاون سوري سعودي يعيد فتح ملف العلاقات بين حزب الله والسعودية طلبا لفكفكة القضايا العالقة بين الطرفين ويفتح الطريق لعلاقات طبيعية، بدونها لن يعرف اللبنانيون نوعاً من أنواع العودة السعودية. ولعل الانكفاء السعودي من الاستثمار في قواعد اللعبة السابقة إشارة الى قناعتهم بأن الأفضل أن يضمنوا مصالحهم اللبنانية من خلال معادلة من فوق تأتي عبر العلاقات الدولية والإقليمية وليس عبر الاستثمار المباشر في الشوارع والزعامات، كما يفصح بعض المسؤولين السعوديين في مجالس دبلوماسية.
المطالب اللبنانية من سورية مستحيلة التحقيق بالرهان على المكاسرة مع سورية، وقد انضم لبنانيون إلى المكاسرة التي خاضتها دول في المنطقة بقيادة أميركية مع سورية ومحاولة لي ذراعها، وانتهى الأمر بأن تركيا والسعودية اللتان شكلت كل منهما حلقة محورية في هذه الحرب تنفتحان على خيار العودة إلى سورية، وبوقة المنطق وخبرات الدول، لا طريق لاعادة النازحين السوريين وحسم ملف الترسيم البرحي شمالا ولا وقف التهريب إلا بتعاون لبناني مع الدولة السورية .
نظريا يبدو الاستحقاق الرئاسي الحالي متحررا من معادلة سين سي أي سورية والسعودية، بعدما سقطت هذه المعادلة التي رعت اتفاق الطائف منذ ولادته حتى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لكن عندما يضع اللبنانيون للرئيس مواصفات تربط بتحسين وتصحيح العلاقات مع السعودية وسورية، فهم يربطون الرئيس الذي ترضى السعودية التعاون معه بأن يكون مقبولا في سورية، والرئيس الذي يحظى برضى الدولتين في زمن الصراع بينهما غير موجود، لأن معيار كل من الدولتين للرضى سيكون مرتبطا بدرجة عداوته للدولة الأخرى، وهذا يعني أن ولادة الرئيس الجديد باتت مرتبطة بأن تكون العلاقات السورية السعودية قد بلغت مرحلة متقدمة من التحسن، وهذا يعني أن شخص الرئيس يجب أن يأتي من صفوف الذين لم يتورطوا بمهاجمة الدولتين، وبالتالي من كنف عودة العلاقة بينهما، وهذا يعني عمليا أن الرئيس المقبل هو رئيس “السين – سين”.
