المقاومة البطلة والشجاعة تحرّر فلسطين!
} د. محمد سيد أحمد
ليست المرة الأولى نتحدث فيها عن المقاومة الفلسطينية البطلة والشجاعة ولن تكون الأخيرة بالطبع، فالقضية الفلسطينية هي القضية المركزية لكلّ شريف في أمتنا العربية، ولكلّ من يؤمن بالحق والعدل ذلك لأنّ ما شهدته الأرض العربية الفلسطينية واحدة من أهمّ الجرائم العالمية التي ارتكبت في تاريخ البشرية، فعلى مدار التاريخ الإنساني بأكمله لم يتعرّض شعب لعملية اقتلاع من أرضه ووطنه كما حدث لأبناء شعبنا العربي الفلسطيني، وتعدّ هذه الجريمة مكتملة الأركان لأنها تمّت مع سبق الإصرار والترصّد، حيث تمّ اغتصاب وطننا العربي الفلسطيني من خلال عدو صهيوني غاشم، ارتكب جريمته بشكل منظم وممنهج، حيث نشأت الفكرة الشيطانية مبكراً، ووضعت المخططات، وقاموا بتنفيذها عبر المراحل التاريخية المختلفة، وفي كلّ مرة نعاود الكتابة لا بدّ من التذكير بما حدث حتى تعلم الأجيال الجديدة كيف تمّت الجريمة.
وفي هذا السياق يعتبر «موشي هس» من أوائل من طرح فكرة انبعاث الأمة اليهودية في نهاية القرن التاسع عشر، لكن الفكرة دخلت حيّز التنفيذ مع بداية الظهور الفعلي للحركة الصهيونية والتى تمّ انشاؤها على يد «ثيودور هرتزل» والذي كتب في يومياته عام 1895 حول موقف الحركة الصهيونية من العرب الفلسطينيين «سنحاول نقل الشرائح الفقيرة إلى ما وراء الحدود، بهدوء ودون إثارة ضجة، بمنحهم عملاً في الدول التي سينقلون إليها، لكننا لن نمنحهم أيّ عمل في بلادنا» ومن هنا بدأت الفكرة الشيطانية تتبلور.
وبدأت الدخول في حيّز التنفيذ مع فرض الانتداب البريطاني على فلسطين حيث بدأت بريطانيا في مساعدة الصهاينة من أجل التوسّع في بناء المستوطنات داخل مستعمراتها، حيث ارتفعت نسبة الاستيطان وصولاً إلى قيام الكيان الصهيوني وتشريد الشعب العربي الفلسطيني من أرضه ووطنه.
ودخلنا في مرحلة جديدة من الجريمة عندما وافق «بن غوريون» مؤسس الكيان علي قرار التقسيم 181 كشرط دولي للاعتراف بالكيان، وكان يدرك أنّ بقاء أقلية عربية فلسطينية في القسم الصهيوني ستتعاظم وقد تصل إلى حدّ التوازن الديموغرافى، فلجأت العصابات الصهيونية إلى أساليب الترويع والطرد وارتكبت المجازر بأبشع صورها وشرّدت العائلات الفلسطينية من ديارها وقراها ومدنها واستولت على ممتلكاتها واستوطنت أراضيها بالقوة.
ولم يتوقف العدو الصهيوني عند هذا الحدّ بل ظلّ يمارس أبشع الجرائم والاعتداءات اليومية ضدّ شعبنا العربي الفلسطيني، تحت سمع وبصر العالم أجمع وبالمخالفة للمواثيق والعهود الدولية، والعجيب والغريب أنّ النظام الدولي الذي وضع هذه المواثيق والعهود قد أغمض عينيه على هذه الجريمة البشعة، بل ويقف في صف المغتصب، بل وصل فجره بوصف الشعب العربي الفلسطيني المجني عليه حين يدافع عن نفسه وأرضه ووطنه بالإرهابي، وهذه أحد أهمّ سمات هذا النظام العالمي الذي يكيل بأكثر من مكيال في ما يتعلق بحقوق الإنسان، وكم من جرائم ترتكب باسم حقوق الإنسان وتحت مظلة منظماته الدولية المنحازة دائما للعدو الصهيوني.
ومع انطلاق شرارة الربيع العربي المزعوم، وقف العدو الصهيوني يترقب من بعيد النيران التي اشتعلت في البلدان العربية، على أمل أن ينجح مخططه لابتلاع فلسطين كاملة، وعلى الرغم من فشل المشروع بفضل صلابة وبسالة الجيشين المصري والسوري إلا أنّ ما حدث على الأرض الفلسطينية يعني أنّ العدو الصهيوني قد نجح في جزء من مخططه، وهو أن تنشغل كلّ بلد عربي بقضاياها ومشكلاتها وصراعاتها الداخلية، لينفرد العدو ببقايا شعبنا العربي الفلسطيني الصامد والمقاوم عبر عقود طويلة في مواجهة الكيان المغتصب لدرجة أنه وبمفرده تمكن من الانتفاضة ضدّ هذا الكيان الغاصب عدة مرات خلال العقود الثلاثة الأخيرة.
وفي كلّ مرة ينتفض فيها شعبنا العربي الفلسطيني لا يلقى مساندة ودعم إلا من الشرفاء في هذه الأمة، وبالطبع حين نقول الشرفاء نستثني من ذلك الخونة والعملاء والمطبّعين مع الكيان المغتصب من الأنظمة الرسمية، ومعهم الفصائل الإرهابية الصهيونية وفي مقدّمتها الفصيل الصهيوني الإخواني، وكذلك الفصيل الصهيوني الداعشي الذي صرّح ذات يوم بأنّ الإسلام لم يدعهم لمحاربة الكيان الصهيوني، ولا يمكن أن استثني أيّ مواطن عربي أغمض عينيه عن المجازر الصهيونية التي ترتكب يومياً ضدّ شعبنا العربي الفلسطيني.
وخلال هذا الأسبوع شهدت الأراضي العربية الفلسطينية في جنين جريمة بشعة من قوات العدو الصهيوني راح ضحيتها عشرة شهداء من المقاومين الأبطال، وعلى أثر الجريمة البشعة توعّدت فصائل المقاومة قوات الاحتلال «بالردّ على المجزرة على نحو يوازي حجم الجريمة»، مشيرة إلى أنّ الاحتلال «إذ يكشر عن أنيابه ويصعّد وتيرة إجرامه بحقّ الشعب الفلسطيني في جنين، فإنه يجرّ نفسه نحو المواجهة والخيبة والهزيمة»، وأكدت المقاومة أنه «ليس أمام هذا العدوان إلا الرصاص والعبوات المتفجرة وإسقاط طائراته واستهداف جنوده وتدمير آلياته»، وبالفعل جاء الردّ سريعاً من خلال عملية القدس التي نفذها البطل الفلسطيني الشهيد خيري علقم الذي زلزل كيان العدو الصهيوني وقتل عشرة من المستوطنين المغتصبين للأرض الفلسطينية المحتلة، وفي الوقت الذي ندّد فيه كلّ شرفاء الأمة العربية بجريمة جنين وأشادوا بعملية القدس، جاءت كالعادة ردود الأفعال الرسمية مخيّبة للآمال حيث أدانت عملية القدس ووصفتها بالإرهاب مساوية بينها وبين مجزرة جنين وهذا بالطبع خزي وعار واستمرار للانبطاح والركوع أمام العدو الصهيوني الذي لا يعرف إلا لغة القوة، فتحرير فلسطين لن يتمّ إلا من خلال البندقية والمدفع والصاروخ، ولتتذكروا ولنتذكر معكم مقولات الزعيم الخالد جمال عبد الناصر «لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض»، «وما أخذ بالقوة لا يُستردّ إلا بالقوة»، فالمقاومة البطلة والشجاعة وحدها ستحرّر فلسطين، اللهم بلغت اللهم فاشهد.