التحريض الأميركي ـ «الإسرائيلي» على إيران…
} رنا جهاد العفيف
زيارات أميركية إلى المنطقة، وتصريحات لاذعة من وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، تحمل في طياتها مخططات وأجندات واشنطية على مستوى المنطقة، لا سيما المحاولات الهجومية الفاشلة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية لعزلها عن المنطقة، فماذا يحمل بلينكن لتل أبيب، وتحديداً ما قاله حول ضرورة مواصلة العمل للتصدّي لسلوك إيران في المنطقة؟
طبعاً الجمهورية الإسلامية الإيرانية محط استهداف كبير من قبل الأعداء، لأسباب باتت معروفة لدى الجميع، أبرزها دعمها للقضية الفلسطينية، إضافة لدورها الأساسي في المنطقة، وهذا يسبّب قلقاً كبيراً للولايات المتحدة الأميركية وحليفتها «إسرائيل» جراء التقدّم الذي تحرزه إيران، سواء كان على مستوى المنطقة، أم من خلال برنامجها النووي وإثبات قدراتها العسكرية.
هذا التحريض المتصاعد عليها، يأتي بعد نجاح الحكومة الإيرانية وأجهزتها الأمنية بمحاصرة أعمال الشغب، وإحباط معظم العمليات الإرهابية التي خُطط لتنفيذها في البلاد…
وكان لافتاً انخراط الدول الأوروبية الغربية بطريقة واسعة، عبر وصف ما يجري بالحركة الاحتجاجية والتي تلتها عقوبات جديدة، فرضتها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها على الشعب الإيراني، كخطوة تحريضية تنال من المواطنين عامة، أيّ بمعنى أدقّ تحريض الإيرانيين على قيادتهم من جهة، وتقديم جرعة دعم لمن يقوم بأعمال الشغب لتصعيد تحركاتهم من جهة أخرى…
وبالرغم من مخططات الفوضى لكنها لم تحقق أهدافها كما هو مطلوب، لذا فإنّ واشنطن وحلفاءها انتقلوا من عملية الحملات المكثفة، إلى فتح جبهات جديدة تتمثل بإعطاء «إسرائيل» الضوء الأخضر، لتنفيذ اعتداءاتها المباشرة على أهداف داخل إيران. كما تأتي الغارة التي نفذتها بمُسيّرات «إسرائيلية» على منشأة عسكرية في أصفهان ضمن سياق مخطط الاستهداف الذي يُدار ضدّ طهران على ثلاثة محاور، والهدف واحد وواضح، هو تدمير قوة البلاد ومحاولة عزلها، والضغط عليها من خلال حملات التحريض وفتح جبهات، ربما قد تكون مرتبطة بإعادة إحياء الاتفاف النووي، بعد مواصلة واشنطن الدعوة إلى العمل على التصدي لسلوك إيران في المنطقة، وهذا بالإشارة إلى تحركات واشنطن والزيارة التي قام بها أنتوني بلينكن إلى القاهرة وبعدها إلى تل أبيب، إضافة للبيان المنفتح بالخيارات الموضوعة على الطاولة، الذي يطال برنامج طهران، وتحديداً بعد اقتنائها قدرات نووية عسكرية، الأمر الذي تمّ إقراره من قبل إدارة بايدن هو السعي في إحياء خطة عمل شاملة مشتركة، بعد جملة من التعقيدات في المحادثات دون جدوى، مع إحباط كبير بشأن التعامل مع إيران، فـ بينما إيران تواصل عملها وتقدّمها، تتراجع واشنطن سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وهذا ما تسبّب بامتعاض كبير جعل بايدن يخطط للضغط على طهران، رغبة منه في إحياء بعض الخيارات المختلفة حول الاتفاق النووي، والأهمّ من ذلك أنّ الاتفاق السابق الذي انسحب منه ترامب بات الحوار بشأنه عقيماً، ولا بدّ من اللجوء إلى أطراف أو وسيط جديد قريب بعيد، لا يهمّ شرط أن تبقى قنوات الحوار مفتوحة، وبالتالي تكون واشنطن أمام معضلة حقيقية، بين واقع السياسة المتناقض ما بين دعمها للمتظاهرين في إيران وتحريضهم، وبين مدّ يد الحوار، لذا سيكون هناك حوار عبر رسائل أو قنوات دبلوماسية لتهيئة أرضية للاتفاق وقد تلعب قطر دور الوسيط في المفاوضات، لكن يبقى هذا مجرد تحليل بعيد قليلاً عن تقارب طهران في هذا التصعيد، خاصة في ظلّ الخيارات والجبهات المفتوحة ضدها.
وعلى الرغم من أنّ واشنطن نفت علاقتها بالعدوان على أصفهان بالمُسيّرات، إلا أنّ التحريض الأميركي «الإسرائيلي» مستمر ومتصاعد على أكثر من جبهة، ما يعني أنّ كلّ من الأطراف المتورّطة بالإرهاب، تريد إخضاع إيران وانصياعها للأوامر الأميركية، متناسية حجم الردّ ونتائجه، وهنا نتحدث عن ردّ إيراني مباشر، إذا ارتكبت «إسرائيل» حماقة، وقد يقول قائل، هذة ليست العملية الأولى، وهناك حرب معلنة أو خفية؟ نعم هناك حرب بين إيران و»إسرائيل»، كما هناك عمليات أخرى تدعمها الجمهورية الاسلامية الإيرانية في الضفة الغربية وغيرها، أيّ قد يكون الردّ من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية، بين قوسين مواجهة عسكرية نتائجها واضحة بالنسبة للكيان «الإسرائيلي»، وبالتالي عندما نتحدث عن الردّ المباشر الإيراني، يكون الحديث هنا عن صواريخ دقيقة وبعيدة مماثلة، قد تصيب العمق «الإسرائيلي»، إذا ما حصل تزايد أو تصعيد خاصة بعد فشل «إسرائيل» بعد العمليات البطولية في القدس الذي جعل بنيامين نتنياهو يأخذ خيار الأهداف واستهداف إيران…
لذا فإنّ كلّ الاحتمالات واردة في ظلّ سياسة الحماقات «الإسرائيلية»، ليكون الردّ بشكل حتمي ضمن موازين القوى في المنطقة، بعد أن قالها نتنياهو بكلّ صراحة، حان الوقت لاتخاذ «إسرائيل» والولايات والحلفاء موقفاً موحداً لمواجهة إيران، ورأينا تناغم الموقف الأميركي، المتزامن مع تصريحات بلينكن وهذا له تبعات ربما عسكرية قد يتورّط بها بايدن…