الاتفاق النووي ورسائل «إسرائيل» الصاروخية
} د. حسن مرهج
حقيقة الأمر، أنّ المتابع للتصريحات «الإسرائيلية» المتعلقة بمسار المفاوضات النووية مع إيران، يُدرك جيداً حجم الإحباط لدى الساسة «الإسرائيليين». هو إحباط يرتكز على مسارين، الأول الخوف المتعلق بالتوصل إلى اتفاق نووي وفق الشروط الإيرانية، والثاني مُتعلق بفشل المفاوضات والتي ستكون نتائجها وفق إطار زيادة التخصيب، فضلاً عن الوصول إلى امتلاك إيران سلاح نووي يُهدّد «إسرائيل».
في الإطار ذاته، فإنّ القلق والإحباط «الإسرائيلي» من الناحية الواقعية، يبدو منطقياً، لا سيما أنّ «إسرائيل» تُدرك أنّ العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة، أقرب إلى المستحيل، كما تدرك «إسرائيل»، أنّ المجتمع الدولي يُفاوض إيران على العودة إلى اتفاق 2015، وتضمينه تشديد الإجراءات الرقابية على البرنامج النووي الإيراني، للتأكد من التزام إيران بعدم تطوير برنامجها النووي. وعليه، فإنّ إطار التفاوض لا يخدم التطلعات «الإسرائيلية»، بل إنّ هذا الإطار نفسه يمكن أن يحوّل اتجاه الجهود الدولية من الضغط على إيران إلى الضغط على «إسرائيل» لمنعها من مواصلة سعيها المنفرد لمنع إيران من الوصول للعتبة النووية.
في المقابل، ثمة هواجس «إسرائيلية» في سياقات متعدّدة، إذ تفترض «إسرائيل» أنّ المجتمع الدولي الذي يفاوض إيران، لا يعتمد مقاربات مغايرة، في حال عدم التوصل إلى اتفاق، وبالتالي، فإنّ حالة الفشل ستؤدي وفق صانع القرار «الإسرائيلي»، إلى وضع عبء كبير على «إسرائيل»، لجهة تفرّدها في منع إيران من امتلاك سلاح نووي، في وقت تجمع آراء خبرائها الأمنيين والعسكريين على عدم قدرة بلادهم على مواجهة هذا الخطر بمفردها.
ربطاً بما سبق، فإنّ الإجراءات «الإسرائيلية» تنطلق وفق محدّدات ثلاث، الأول وضع الدول التي تفاوض إيران في إطار معادلة تقسيمية، بمعنى وضع الولايات المتحدة أولاً، وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ثانياً، وروسيا والصين ثالثاً، في أطر وجهات النظر المتعددة، وصولاً للاختلاف على شكل وماهية الاتفاق النووي، بما يُعطي هامشاً كبيراً لـ «إسرائيل» للمناورة، وامتلاك الوقت الكافي للانتقال إلى خطط استخبارية معقدة، تعتمد على ضرب إيران من الداخل.
الإجراء الثاني الذي تعتمده «إسرائيل»، يرتكز على تغيّر طبيعة ونمطية الصراع مع إيران، من صراع بالوكالة، إلى صراع مباشر. الأمر الذي ترجمه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» السابق نفتالي بينيت في مقابلة له مع مجلة «إيكونوميست» البريطانية بقوله: «إنّ إسرائيل باتت تتبنّى مبدأ ضرب الأخطبوط وليس قطع أذرعه»، والذي يعني تكثيف العمليات السرية ضدّ برامج إيران النووية والصاروخية والطائرات بدون طيار على الأراضي الإيرانية، بدلاً من استهداف حلفائها الإقليميين في دولة ثالثة.
أما الإجراء الثالث، يعتمد على تشويه صورة إيران في المجتمع الدولي، والقول بأنّ سياسات إيران مُهدّدة للأمن والسلم الدوليين، وفي هذا الصدد تقوم «إسرائيل» بتقديم معلومات استخبارية وتقارير لمراكز أبحاث للوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد إخفاء إيران لمعلومات عن أنشطتها النووية، فالتقرير الأخير للوكالة في شهر يونيو/ حزيران الماضي أكد أنّ مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، القريبة من تلك اللازمة لصنع أسلحة نووية، وصل إلى المستوى الذي يكفي، في حالة زيادة تخصيبه، لصنع قنبلة نووية. وذكر أيضاً أنّ السلطات الإيرانية لم تقدّم حتى الآن إجابات شافية حول مصدر جزيئات اليورانيوم التي عثر عليها في 3 مواقع غير معلن عنها، قبل سنوات.
ختاماً، قد تكون الضغوط الأميركية والغربية تجاه إيران، تعتمد على ما تقدّمه «إسرائيل» من معلومات حيال برنامج إيران النووي، وعليه قد تُثمر المعلومات الاستخبارية التي تقدّمها «إسرائيل»، في حالة فشل إحياء الاتفاق النووي إلى إرسال الملف الإيراني مجدّداً إلى مجلس الأمن لمحاولة فرض مزيد من العقوبات على إيران، وإنْ كان هذا التطور يواجه عقبات بسبب الموقف الروسي والصيني الرافض لفرض أية عقوبات ضد إيران خاصة مع تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين من جانب وبين كلّ من روسيا والصين من جانب آخر بسبب تداعيات الحرب الروسية ـ الأوكرانية.
} د. حسن مرهج
حقيقة الأمر، أنّ المتابع للتصريحات «الإسرائيلية» المتعلقة بمسار المفاوضات النووية مع إيران، يُدرك جيداً حجم الإحباط لدى الساسة «الإسرائيليين». هو إحباط يرتكز على مسارين، الأول الخوف المتعلق بالتوصل إلى اتفاق نووي وفق الشروط الإيرانية، والثاني مُتعلق بفشل المفاوضات والتي ستكون نتائجها وفق إطار زيادة التخصيب، فضلاً عن الوصول إلى امتلاك إيران سلاح نووي يُهدّد «إسرائيل».
في الإطار ذاته، فإنّ القلق والإحباط «الإسرائيلي» من الناحية الواقعية، يبدو منطقياً، لا سيما أنّ «إسرائيل» تُدرك أنّ العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة، أقرب إلى المستحيل، كما تدرك «إسرائيل»، أنّ المجتمع الدولي يُفاوض إيران على العودة إلى اتفاق 2015، وتضمينه تشديد الإجراءات الرقابية على البرنامج النووي الإيراني، للتأكد من التزام إيران بعدم تطوير برنامجها النووي. وعليه، فإنّ إطار التفاوض لا يخدم التطلعات «الإسرائيلية»، بل إنّ هذا الإطار نفسه يمكن أن يحوّل اتجاه الجهود الدولية من الضغط على إيران إلى الضغط على «إسرائيل» لمنعها من مواصلة سعيها المنفرد لمنع إيران من الوصول للعتبة النووية.
في المقابل، ثمة هواجس «إسرائيلية» في سياقات متعدّدة، إذ تفترض «إسرائيل» أنّ المجتمع الدولي الذي يفاوض إيران، لا يعتمد مقاربات مغايرة، في حال عدم التوصل إلى اتفاق، وبالتالي، فإنّ حالة الفشل ستؤدي وفق صانع القرار «الإسرائيلي»، إلى وضع عبء كبير على «إسرائيل»، لجهة تفرّدها في منع إيران من امتلاك سلاح نووي، في وقت تجمع آراء خبرائها الأمنيين والعسكريين على عدم قدرة بلادهم على مواجهة هذا الخطر بمفردها.
ربطاً بما سبق، فإنّ الإجراءات «الإسرائيلية» تنطلق وفق محدّدات ثلاث، الأول وضع الدول التي تفاوض إيران في إطار معادلة تقسيمية، بمعنى وضع الولايات المتحدة أولاً، وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ثانياً، وروسيا والصين ثالثاً، في أطر وجهات النظر المتعددة، وصولاً للاختلاف على شكل وماهية الاتفاق النووي، بما يُعطي هامشاً كبيراً لـ «إسرائيل» للمناورة، وامتلاك الوقت الكافي للانتقال إلى خطط استخبارية معقدة، تعتمد على ضرب إيران من الداخل.
الإجراء الثاني الذي تعتمده «إسرائيل»، يرتكز على تغيّر طبيعة ونمطية الصراع مع إيران، من صراع بالوكالة، إلى صراع مباشر. الأمر الذي ترجمه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» السابق نفتالي بينيت في مقابلة له مع مجلة «إيكونوميست» البريطانية بقوله: «إنّ إسرائيل باتت تتبنّى مبدأ ضرب الأخطبوط وليس قطع أذرعه»، والذي يعني تكثيف العمليات السرية ضدّ برامج إيران النووية والصاروخية والطائرات بدون طيار على الأراضي الإيرانية، بدلاً من استهداف حلفائها الإقليميين في دولة ثالثة.
أما الإجراء الثالث، يعتمد على تشويه صورة إيران في المجتمع الدولي، والقول بأنّ سياسات إيران مُهدّدة للأمن والسلم الدوليين، وفي هذا الصدد تقوم «إسرائيل» بتقديم معلومات استخبارية وتقارير لمراكز أبحاث للوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد إخفاء إيران لمعلومات عن أنشطتها النووية، فالتقرير الأخير للوكالة في شهر يونيو/ حزيران الماضي أكد أنّ مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، القريبة من تلك اللازمة لصنع أسلحة نووية، وصل إلى المستوى الذي يكفي، في حالة زيادة تخصيبه، لصنع قنبلة نووية. وذكر أيضاً أنّ السلطات الإيرانية لم تقدّم حتى الآن إجابات شافية حول مصدر جزيئات اليورانيوم التي عثر عليها في 3 مواقع غير معلن عنها، قبل سنوات.
ختاماً، قد تكون الضغوط الأميركية والغربية تجاه إيران، تعتمد على ما تقدّمه «إسرائيل» من معلومات حيال برنامج إيران النووي، وعليه قد تُثمر المعلومات الاستخبارية التي تقدّمها «إسرائيل»، في حالة فشل إحياء الاتفاق النووي إلى إرسال الملف الإيراني مجدّداً إلى مجلس الأمن لمحاولة فرض مزيد من العقوبات على إيران، وإنْ كان هذا التطور يواجه عقبات بسبب الموقف الروسي والصيني الرافض لفرض أية عقوبات ضد إيران خاصة مع تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين من جانب وبين كلّ من روسيا والصين من جانب آخر بسبب تداعيات الحرب الروسية ـ الأوكرانية.