السوداني… انسجام الرؤية والاستراتيجية والأهداف
} د. هيثم الخزعلي*
عند استماعي إلى حديث رئيس الحكومة العراقية السيد محمد شياع السوداني قبل أيام على قناة «العراقية»، وهو يتحدث عن استراتيجيته في تحقيق الأهداف التي أعلنها لبرنامجه الحكومي، الحقيقة اللقاء يحتاج عدداً من المقالات لتغطية ما تمّ طرحه فيه من رؤية واستراتيجية لبلوغ الرؤية… ولكني تناولت نموذجاً مما يثبت ذلك…
وأبدأ من مكافحة الفقر حيث تمثلت خطوات السيد السوداني بثلاث مراحل أولية لمكافحة الفقر.
المرحلة الأولى: رواتب الرعاية الاجتماعية وإطلاق حملة للتفتيش عن المستحقين من الفقراء الذين وصل عددهم إلى (1.700.000) مليون وسبعمائة ألف طلب مسجل للحصول على رواتب الرعاية الاجتماعية. فإذا علمنا انّ معدل عدد أفراد الأسرة العراقية يبلغ 6 أفراد، فهذا يعني شمول (10.600.000) عشرة مليون وستمائة الف مواطن برواتب الرعاية.
المرحلة الثانية: متمثلة بتوزيع سلة غذائية كمية ونوعية لهذه العوائل، إضافة لمواد البطاقة التموينية وتستمرّ على طوال السنة.
المرحلة الثالثة: في بادرة غير مسبوقة توزيع رواتب للعوائل الفقيرة حسب عدد الأولاد والمرحلة الدراسية لتعينهم على أكمال دراستهم.
هذه الخطوات الواقعية تؤكد أننا امام حكومة من طراز خاص تشعر بآلام الفقراء وهمّها الأول أن تكافح الفقر، كيف لا وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام (لو كان الفقر رجلاً لقتلته).
وفي مجال الإسكان تحدث السيد السوداني عن أول خطوات الحكومة وهي توفير الخدمات للمناطق الفقيرة والمحرومة، إضافة لمبادرته بتمليك الأراضي الزراعية والعشوائيات مع توفير خدماتها وتكييف وضعها التخطيطي مع التصميم الأساس للمدن.
وشخّص بشكل لافت أسباب فشل الحلول السابقة في حلّ أزمة السكن، فحدّد أن توزيع الأراضي كان يتمّ في مناطق بعيدة وتفتقر للخدمات وليس أمام المواطن إلا أن يبيع الأرض بمبلغ زهيد ويبقى بدون سكن.
كما أنّ المجمعات التي تبنى عن طريق الاستثمار أسعارها مكلفة جداً بحيث لا يتمكّن الموظف وأبناء الطبقة الوسطى من اقتنائها فكيف بالفقراء!
وطرح حلاً واقعياً عبر تبنّي الدولة بناء مدن متكاملة الخدمات، يحصل الفقراء على الجزء الأكبر من منازلها مجاناً، وباقي الأفراد تقسّط لهم بمبالغ ميسّرة ولآجال طويلة بحيث يتمكن المواطن من شرائها بسهولة.
أعتقد انّ تشخيص السبب والعلاج معقول ومنطقي ويوحي بوضوح الرؤية والقدرة على العلاج.
وفي مجال الطاقة فإنّ رؤية السيد السوداني ليست من مبدأ (أنّ إيقاف الخسارة ربح)، ولكن من مبدأ (تحويل الخسارة الى ربح)، حيث أنّ العالم وخصوصا الأوروبي متعطش لاستثمار الغاز، خصوصاً بعد قطع الغاز الروسي.
في الوقت عينه فإنّ ما يهدره العراق من الغاز سنوياً بلغ ما يقارب ١٠ مليارات دولار حسب تقديرات بعض المنظمات الدولية، وهو الغاز الذي يحترق مصاحباً لإنتاج النفط،
بينما تنفق وزارة الكهرباء من 8 إلى 10 مليارات سنوياً لشراء الغاز من ميزانيتها، مع انّ الغاز الإيراني يُباع للعراق بسعر مخفض.
فكرة السيد السوداني ان تستثمر ألمانيا وفرنسا الغاز المحترق وتستورده من العراق بالإضافة لاستثمار الغاز الطبيعي.
وهنا يضمن جدية كلا الدولتين بالاستثمار لحاجتهم للغاز، وتحقيق العراق أرباح تقدّر بأكثر من 10 مليارات دولار فقط من استثمار الغاز المصاحب، يمكن توظيفها لقطاعات أخرى، كما يعني أن تكتفي المحطات العراقية من الغاز العراقي دون الحاجة للاستيراد.
إضافة لدخول العراق كمصدّر إلى أسواق الغاز العالمية.
ما تقدّم يثبت انّ رؤية الحكومة للنهوض بالاقتصاد العراقي تنسجم مع أهدافها واستراتيجيتها لتحقيق تلك الأهداف، رسالتها (قيادة التنمية بدءاً من الطبقات المحرومة).
وتأكد لي ولكلّ متابع منصف صوابية ما طرحه رئيس الوزراء، وواقعيته التي تحدوها صدق النية والعزيمة، وتأكد لي أني أمام إداري تنفيذي واقتصادي ناجح.
وسيقود العراق بإذن الله لكلّ نجاح وخير…
*كاتب وباحث عراقي