نافذة ضوء
هنيئاً للأمة بأبنائها الأبرار
الذين وصلوا شرف الموت بعزّ الحياة
} يوسف المسمار*
اختصر سعاده معنى الحياة بتعبير جاء من ثلاث كلمات هي أن «الحياة وقفة عـز». وبما أن الموت هو نهاية كل مولود فقد عبّر عنه سعاده بأن للموت شرفاً لا يناله الا أبناء الحياة الأعزاء، فقال: «كلنا يموت ولكن قليلنا من يظفر بشرف الموت من أجل قضية عظيمة».
فإذا كان من المهم أن ينتمي السوري بيقظة وجدانه الاجتماعي، ووعيه القومي الى أمته السورية ويعمل ويجاهد لتحقيق نهضتها السورية فتخرج الأمة بالنهضة وبإنتاج بناتها وأبنائها العاملين المبدعين من الظلمة الى النور، ومن الغفوة الى اليقظة، ومن الغموض الى الوضوح، ومن التعاسة الى السعادة فتحيا الأمة بالعز ويحيا أبناؤها بالعز قوميين اجتماعيين عاملين من أجل حياةٍ أفضل، فإن الأهم هو أن لا يكتفي القومي الاجتماعي بحياته الفردية من أجل عزه الفردي في هذه الحياة وسعادته الفردية التي تنتهي برحيله عن هذا الوجود، بل الأهم الأهم أن يظفر بشرف الموت في لحظة موته بعد موته كما ظفر بموقف العز في حياته فيستمرّ على عقيدته وإيمانه وجهاده القومي الاجتماعي ويموت قومياً اجتماعياً كما عاش قومياً اجتماعياً ويوصل موته القومي الاجتماعي الشريف بحياته القومية الاجتماعية العزيزة، فتتوحّد حياته العزيزة بموته الشريف ويفرض حقيقته السورية القومية الاجتماعية بالموت كما فرضها في الحياة، ليصبح الموت بذلك مكمّلاً للحياة التي هي وقفة عـزٍّ لا يستقيم عـزّها ولا عـزُّ صاحبها الا اذا كان الموت بالعز والشرف، كما هي الحياة التي لا تكون إلا بالعز والشرف.
وبهذا تعتزّ به أسرته ويعتز به رفقاؤه وأبناء أمته ويفتخرون به بعد موته كما اعتزوا به وافتخروا به عندما كان بينهم في حياته ويصبح من الأعلام القدوة الذين ظفروا بشرف الموت حتى لو داهمه الموت طبيعياً لأن كل مولود لا مفرّ له من الموت يوماً.
فهنيئاً للأمين العزيز الراحل الدكتور نذير العظمة الجدير بتقدير من عرفه في حياته السورية القومية الآجتماعية وباستمراره على إيمانه بقضية أمته الذي ما ضعف، ولا غيّره، ولا بدّله، ولا تراجع عنه، ولا أخفاه بالرغم من كل ما تعرّض له من صعاب ومصاعب وآلام حتى استقبل الموت بشرف وهو لا يزال على إيمانه بعقيدته السورية القومية الاجتماعية.
وهنيئاً للأمة السورية ولحزب نهضة الأمة السورية بحياة وبموت الأمين نذير العظمة وبحياة وموت كل أمين أو رفيق او مواطن سوري عمل وأنتج وأبدع وجاهد وضحّى في سبيل نهضة الأمة السورية وحريتها وسيادتها وعزتها وتقدّمها واستمر على إيمانه وجهاده حتى الاستشهاد أو الموت الطبيعي.
فهؤلاء هم أعلام وطلائع نهضة الأمة السورية الذين يرسّخون أساساتها، ويرفعون بنيانها، ويحققون رقيها، ويحافظون على عزتها وكرامتها ومجدها حتى شرّفوا الموت بلقائهم واستحقوا أن يكونوا بعد رحيلهم قناديل نور يستضيء بها كل مَن يطمح الى أن يكون من أبناء الحياة العزيزة.
لقد عاش الأمين نذير العظمة سورياً قومياً اجتماعياً منتجاً ومبدعاً ومجاهداً، ومات وهو على إيمانه بالقضية السورية القومية الاجتماعية العظيمة التي تعني أن تكون أمتنا سيدة على نفسها ووطنها ولها مكانها اللائق بين الأمم الحيّة الحرة.
ولذلك لا يسعنا أن نقول في يوم رحيل الأمين نذير العظمة إلا:
«ولا تحسبن الذين وعوا وآمنوا وعملوا وانتجوا وابدعوا وصارعوا وضحوا وتحملوا الآلام الكبيرة في سبيل نهضة الأمة وعزتها أمواتاً بعد تحلل أجسامهم، بل هم أحياء في ضمائر أبناء الأمة وأجيالها خالدون خلود الأبرار الأحرار الأعزاء المبدعين الذين فرضوا حقيقتهم بإنتاجهم وإبداعهم وجهادهم ورسّخوا مجد أمتهم في الوجود الإنساني الى ما سوف يكون الوجود.
فبمثل هؤلاء الطلائع تحتل سورية مكانها المتقدّم بين الأمم الحضارية ويحيا أبناؤها بالعز، ويظفرون بشرف الموت من أجل الحياة التي لا قيمة لها الا بالعز ولا قيمة لأبنائها الا اذا عاشوا وماتوا أعزاء.
*باحث وشاعر قومي مقيم في البرازيل.