مُشاغلات الاستثقاف والأجوبة الجاهزة في سؤال القراءة والكتابة
} رضوان هلال فلاحة
في سياق المُراجعات النقدية، ثمّة مُنطلقٌ معرفيٌّ للقصديّة والغائيّة مِن الشيء بمضمونه آراءً وأفكاراً. ولعلّ المُفردة «المحتوى» الأقرب بالمعنى اللفظي لاحتمالات التقييم والتلقّي الناجزَين تسويقيّاً لتداعيات استجلاب الآخر ما قبل التحوّل الرقميّ معرفيّاً وثقافيّاً، وإن تمظهرت بأسلوبيّة أكثر انفلاشاً مع تحوّلات الأداة والآليّة، ليصير للمفردة دلالاتها التصحيفيّة، ليس على المستوى اللفظي الدال، بل بالانجراف التجميعي وراء الرائج… تكريساً للفوضى الثقافية بتنميطات سايكولوجية تسعى حثيثاً لإفراغ الفكرة مِن قصديّتها المنهجية وغائيّتها المعرفيّة.
فالامتلاء بالفكرة تَفتُّقٌ كُلّيُّ الاستجابة لعوامل تشكُّلها فكرةً، العلّةُ الثَّبْت لتأصيلها هُويّةً، مع دوافع الإغناء والإثراء اللذينِ لا ينفصلان عن كونهما المُعبِّرَينِ عن أحقيّة الفكرة بما تتماثل إليه مِن يقينيّة تتجلّى بصدقيّتها سلوكاً؛ ذلك الفعل وردُّ الفعل المُتمثِّلان بالقيم العليا، فـ «الحق والخير والجمال..» بالبديهيّ المُنظَّرِ له على غير مستوى في غير سياق، ومِن المعنى المقصود إلى غير وجهة بدون تَمثُّلٍ سلوكيّ يُكرِّس الدعائيّة بادّعائيّة الأنموذج الذي يُقدِّم مساحةً واسعة للسَّيَبان الانتهازي بتلك المساحة لجهة الاستثمار في الرداءة.
ما وسّع مساحة التراشُقات النقديّة الاقتباسيّة الاعتباطيّة المُفتقِرة لشروط نضوجها الطبيعيّة معرفيّاً وثقافيّاً، والمُتداعية إلى الصحافة الاستهلاكيّة باتجاهين يُخصِّبان عضويّة الرداءة؛ أحدهما يتَّكئ على فوبيا الأنموذج المفقود والإقصائيّة بعواملها الذاتيّة المُنعكسة عن اضطرابات نفسيّة حديّة أولاً، وبعواملها المُوجَّهة لإعمال التخريب وتعطيل توالديّة الأنموذج ثانياً، والآخر يتّكئ على مُعدّلات ارتفاع أو انخفاض الربحيّة المُتساوقة مع عجلة الاستهلاك، التي تضافرت مع فَورة الاستثقاف كنتيجة وعلّة في آن، عبر مُساهمات كتابيّة مُغيّبة بفعل توهيماتها الذاتية التي باتت في المُرتهَن لعمليّات النشر والتوزيع التي تُغلِّب المنفعة الماديّة على قيميّة المحتوى الذي لا يعدم مشروعيّة الربح مرفوعاً بالقِيميّة.. ومشروعيّة الإبداع بسؤاله القِرائيِّ والكِتابيّ الجدليّ نهضويّاً على مستوى الأنا والآخر والنحن.