دبوس
سودان البرهان
هل نحن بحاجة لأن نشهد بأمّ العين، ونستمع بآذاننا، ونتلمّس بالمحسوس ما جرى قبل ما يُدعى بالثورة ضدّ عمر البشير سنة 2019؟ وبعد ان تمخض الموقف السياسي بعد الإنقلاب، وهو التعبير الأقرب الى الحقيقة، عن مجموعة من المواقف والمتغيّرات التي تشي بأنّ رجال الإنقلاب، من عبد الفتاح البرهان وحتى محمد حمدان دقلو «حميدتي»، مروراً بالمجلس العسكري برمّته هم أدوات مستحوَذ عليها بطريقة مطلقة من قبل أميركا والكيان الصهيوني، من خطوات التطبيع المتقدّمة البارحة، والتوقيع على اتفاقيات أمنية وعسكرية مع كيان الإحلال، واستبدال اللاءات الثلاث، لا للصلح، لا للسلام، لا للمفاوضات، والتي تكرّست في وعينا منذ 1967، فتحوّلت إلى، نعم للصلح، نعم للسلام، نعم للمفاوضات، مجاناً، وبدون أيّ مقابل، ثم الإيغال بدم الشعب اليمني تحالفاً ارتزاقياً مع قوى التحالف السعودي الأعرابي الصهيوأميركي، وأخيراً الموقف اللافت والذي طرأ البارحة، حيث أصدرت وزارة الخارجية السودانية اعتبارها أنّ سدّ النهضة لا يشكل بحالٍ تهديداً لاستقرار التدفق المائي، وعلى العكس من ذلك، فهو يشكل منفعة ومصلحة مشتركة مع أثيوبيا…
موقف يشكل استدارة بمئة وثمانين درجة، بعد ان كان منسجماً مع الموقف المصري في اعتباره سدّ النهضة تهديداً مائياً للقطرين العربيين، لسنا محتاجين للتواجد في دهاليز المؤامرة، من النتائج التي نراها الآن تترى تباعاً في بلد كان في يوم من الأيام الرديف الأقرب لمصر ناصر، والقطر الذي يتبوّأ مركزاً متقدّماً في تبني كلّ قضايا الأمتين، العربية والإسلامية، أصبح الآن منشغلاً بمجلسه العسكري في تكديس الذهب في بنوك الإمارات، بينما يتضوّر جوعاً الشعب السوداني، والذي لو قيّض لبلده ان يدار بطريقة ناجعة عصرية، لكان أطعم كلّ الأفواه في طول الأمة العربية وعرضها، ولكن مجلسه العسكري المطواع لقوى التجبر والهيمنة ليس في هذا الوارد، وآخر همّه النهوض بالبلد نحو الاكتفاء الذاتي والنمو والتطوير.
سميح التايه