متى تستيقظ إنسانية الولايات المتحدة الزائفة؟
} د. عدنان منصور*
لم يستيقظ ضمير الولايات المتحدة رغم كلّ المآسي التي سبّبتها للشعب السوري، نتيجة قانون قيصر والعقوبات الظالمة الأحادية الجانب المفروضة على سورية، وعلى كلّ دولة تتعامل معها، وتتجاوز هذه العقوبات.
ظنّ العالم انّ القيم الإنسانية التي تتشدّق بها واشنطن، وتنصّب نفسها للدفاع عنها، ستترجمها عملياً على الأرض السورية، كي تتيح للحكومة مواجهة أكبر كارثة حلّت بسورية، جراء الزلزال العنيف الذي أوْدى بحياة الآلاف، ودمّر آلاف المنازل، وشرّد عشرات الألوف من ساكنيها.
بقيَ ضمير أميركا نائماً أمام الأهوال والمعاناة القاسية التي تتفاقم يوماً بعد يوم، بسبب تداعيات الزلزال، وضعف الإمكانات نتيجة الحصار الأميركي والغربي على سورية. قصاص تعتبره واشنطن على انه موجه ضدّ النظام، متجاهلة تماماً أنها بفعلها هذا تنال من شعب بأكمله، تعاقبه تعسّفاً وظلماً، دون وجه حق، غير عابئة بمأساته، ومعاناته وقت الشدة، وهي التي تتعمّد في تعاطيها مع دمشق، على عدم الفصل بين القرارات السياسية التعسّفية بحقها، والقرارات الإنسانية التي عليها اتخاذها، بغية إفساح المجال أمام الدول القادرة على مساعدة سورية وتزويدها بكلّ ما تحتاج إليه في هذه الظروف الكارثية الصعبة. لكن الولايات المتحدة، ومعظم دول الغرب معها، لم يكترثوا للنواحي الإنسانية حيال ما حلّ بالشعب السوري من مصائب، حيث لم يكتفوا بالعقوبات الاقتصادية والمالية والتجارية، بل آثروا أن يؤازروا أهوال الزلزال، ونتائجه، ويقفوا شماتة الى جانبه ضدّ شعب بأكمله.
بئس المبادئ الإنسانية التي يحملها قرصان العالم، ومعه دول ما كانت يوماً الا معياراً للاستبداد، والقتل، وقهر الشعوب،
ونهب خيراتها.
البنك الدولي أسرع الى تقديم مساعدة عاجلة لتركيا قيمتها مليار وسبعمائة مليون دولار، مقابل 12 مليون يورو قدّمتها فرنسا لسورية، لكن أن تفكّ واشنطن والغرب الحصار عن سورية، فهذا الأمر مرفوض ولا يخضع للاعتبارات الأخلاقية أو الإنسانية!
الى متى هذا الجبروت الأميركي، وهذا التعسّف والاستبداد، الذي ما غادر يوماً عقل، ونهج، وسلوك أميركا وسياساتها على مساحة القارات الخمس!
حقد دفين، وعنجهية مقيتة، وعقوبات شرسة فاقت كلّ حدود، وحصار استنسابي صارم تفرضه هنا وهناك، دون أن يرفّ جفن لمسؤول فيها، وهو يشاهد مأساة إنسانية مستمرّة يعيشها المواطنون السوريون.
قد يظنّ الحمقى في الغرب، انّ فرض المزيد من العقوبات والضغوط على الشعوب، ومنها الشعب السوري، سيحملها على العصيان على حكوماتها. لكن ما تعانيه الشعوب الحرة، ومنها الشعب السوري، من سياسات الولايات المتحدة والغرب معها، سيجعلها تختزن في داخلها المزيد من السخط، والكراهية حيالها، وتدفعها الى التمسّك أكثر فأكثر بحكوماتها الوطنية، التي تواجه أبشع الأساليب، وأقذر السياسات العنصرية المتبعة بحقها، والتي دمغت على الدوام أقذر سلوك لا إنساني لأسوأ استبداد لدولة عظمى في العالم كله…
*وزير الخارجية والمغتربين الأسبق