الأسد وخبرة الحرب والحصار في مواجهة الزلزال
كعادته عندما يطلّ على شعبه يحمل الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد في خطابه أبعاداً فكرية جديدة، وفيما تعمّد وضع الظواهر المرضية التي ترافق الكوارث ضمن إطارها داعياً للتعامل معها بموضوعية ومسؤولية، مركزاً على المعاني الكبيرة التي أظهرتها نخوة السوريين وشهامتهم وحماستهم وتعاضدهم بصفتها السلاح الأمضى في مواجهة الكارثة، منوّهاً بوقفة الأصدقاء والأشقاء وانتصار المظلومية السورية على خطاب الكراهية الذي يحمله أعداء سورية، وضع بين أيدي السوريين معادلة جديدة.
خبرة السوريين مع الحرب والحصار شكلت زاداً مهما ولا تزال ذخيرة لا يُستهان بها في مواجهة الزلزال وتداعياته، لأن سورية الواقعة خارج مناطق الزلازل منذ مئتين وخمسين عاماً، كان يمكن لخسائرها أن تكون أكبر، ومواجهتها أن تكون أضعف، لولا الخبرة التي راكمتها في زمن الحرب والحصار، من كيفية القيام بأعمال الاغاثة والانقاذ على الصعيد الشعبي، والاسعافات الاولية للمصابين والتعامل مع المنكوبين الذين شردوا من منازلهم، وكيفية رفع الأنقاض والبحث عن الناجين، وتجميع المساعدات والتبرعات وإقامة مراكز الإيواء، ومعرفة الأولويات التي يصعب الانتباه إلى تسلسلها في ظروف الوفرة قياساً بظروف الحاجة والفاقة.
رغم أهمية المساعدات الآتية من الأصدقاء والأشقاء، يركز الأسد على تحويل عمليات الإغاثة والمساندة في الكارثة إلى حركة اجتماعية وثقافية يدعو شعبه إلى الانخراط فيها ومراكمة المزيد من الخبرات على ما مكنته ظروف الحرب والحصار من امتلاكه، لأن الرصيد الذي يريده لسورية أبعد مدى من مجرد التعافي من الكارثة على الصعد المادية، بل تزخيم الروح الوطنية ووحدة وتماسك النسيج الاجتماعي، وتشجيع روح التعاون والعمل الطوعي وشعور الوحدة الوطنية، وهي قيم تقوم عليها الدولة التي يتطلع الأسد اليها.
التعليق السياسي