نافذة ضوء
الوعيّ القومي الاجتماعي الإنساني
بداية النهوض السليم والنجاح
} يوسف المسمار*
اذا لم نستيقظ من غفلتنا، واذا لم نع جيداً ونعرف قيمة أنفسنا وأهمية موقع بلادنا على خريطة العالم، ستستمر معاناتنا لأجيال وأجيال، وربما لعصور وعصور الى أن نعي وننهض ونعرف أهمية موقع بلادنا المتميّز على وجه الأرض، ودور أمتنا في صناعة الحضارة والسلام بين الأمم ليكون لنا الموقف المسؤول الذي يقوم على الوعي والمعرفة القوميين الاجتماعيين، وتنكّب أعباء الصراع في سبيل تحقيق ما هو أجدى وأنفع وأفضل لوجودنا وحياتنا ومصيرنا.
لقد سلخ المجرمون في معاهدة سايكس – بيكو بتواطؤ الحقيرين من أبناء أمتنا من أرض بلادنا ما شوّه كيانها، وخلق لها عداوات مع جميع جيرانها في الشمال والجنوب والشرق والغرب، ومزقوا إجراماً وقهرا مجتمعنا الى تجمعات هزيلة تابعة مستعبَدة، وفجـَّروا في هذه التجمّعات قنابل التجهيل، وبث الفتن، والعصبيات الجاهلية، وتلميع الموبقات والفواحش والكراهيات.
ولا ينقذنا من هذه الحالة الزرية الا تنبهنا ووعينا وخروجنا من الأنفاق والسراديب التي حبسنا أعداؤنا فيها وحبسنا نحن أنفسنا، وقيّدونا وقيّدنا أنفسنا، وعطّلوا إرادتنا وعطلناها نحن بخوفنا وخنوعنا واستسلامنا لعفن التخاذل الخانق المميت.
ووحدهم أحرار الأمة الواعون الوطنيون المخلصون المقاومون كل هوان، والمهاجمون كل فساد وظلم الذين رفضوا التشويه والتمزيق والقيود وما زالوا رافضين ويرفضون تفسيخ وحدة الوطن الممتدة على كامل ربوع بلاد الشام والرافدين، ورفضوا ويرفضون تفتيت وحدة الشعب الممتدّ عبر تاريخ طويل يرجع الى ما قبل الزمن التاريخي الجلي، ويمتدّ الى ما لا نهاية في مستقبل الزمان، قادرون على فتح تلك السراديب وفك القيود وتحريرنا من الخمول الذي نُـكبنا به وخنعنا نحن بإرادتنا لنكبتنا والخمول والذل.
موقع بلاد الشام والرافدين وأهميته
هذا الوطن الذي يتوسّط القارات الثلاث: أوروبا وآسيا وأفريقيا, ويتصل عبر المتوسط والخليج بقارتي أميركا وأوقانيا هو قلب العالم ومحوره، ومهد حضارته، ومصدر إشعاعه، ومرتكز تاريخه، ومنبع رسالات أرضه وسمائه، ومصنع آدابه وعلومه ومعارفه وفلسفاته وفنونه، ونبع نوابغه وعباقرته والملهمين والمتلقين وحي رب العالمين الذي لا يريد للإنسان إلا خيراً، ولا للإنسانية الا رقياً وسمواً.
هذه البيئة الطبيعية الممتازة هي هي لا غيرها مركز الإشراف على سماء العالم وبحاره وأطراف أراضيه، وقاعدة السيطرة والتحكم بحضارة حياة شعوب العالم ومصائرها التي لا تكون ولا جدوى منها الا اذا كانت حياة حرية وعز ورقي.
فأذا كان في هذه البيئة الممتازة مجتمع حضاري فضائلي عبقري كما شهد تاريخ ولادة الحضارة الإنسانية عمت الحضارة والفضائل على كل انحاء الارض، وشملت جميع الناس دون تمييز وتفضيل.
فالحضارة التي لا ترتكز الا الى الحق والعدل، لا ولن يمكن أن تكون الا همجية. أما اذا سيطر في هذه البيئة تجمهر أو تجمهرات جماعات انحطاطية متخلفة عدوانية مرتكزها الباطل والظلم، فلا انقاذ للإنسانية من انتشار التخلف وهيمنة الجاهلية والتجهيل، وسيادة التكفير والعدوان على جميع الشعوب.
هذا الوطن الذي يحتل هذا المركز الفريد في وسط العالم هو هو بالضبط لا غيره هدف العدوان، وقبلة أنظار المعتدين وسبب جميع الغزوات العدوانية الطغيانية.
وما إنشاء الكيان اليهودي الصهيوني الإجرامي على جزء من وطننا الا لتفتيت شعبنا وتهجير أبنائنا، ومحو تاريخنا، واقتلاع آبائنا وقتل من لا يخضع ويخنع للعدوان، وتسخير مَن يقبل بالذل والهوان لخدمة منافع المعتدين.
*باحث وشاعر قومي مقيم في البرازيل.