«بيان».. كنتُ نائمة وخفتُ كثيراً
حلب ـ ع.ح
لم يتبقّ للطفلة «بيان» ابنة السنوات العشر سوى خالها وعائلته، وحدَها نجت من الزلزال المدمّر الذي أفقدها أبويها وأخوتها في أقل من دقيقة واحدة، بين الانقاض دُفِنت كل الذكريات والكتب المدرسية والصور والضحكات.
ويُخبرنا من يعرف حكاية «بيان» ان الذي أخرجها من منزلها المدمر عمل بجهد فردي مستعيناً بـ«ملعقة» وأدوات أخرى بسيطة.
مُحال أن تسأل طفلة لم تستوعب هول الصدمة بعد، ولعلها تبحث عن أمس قريب في محاولة للتماسك بحيث كبرت كثيراً برفة عين وظلمة ليل من ليالي الشتاء البارد الذي تحوّل صقيعاً يخدر الروح الطرية.
«بيان» قالت لـ «البناء» بصوت خافت إنها تريد إكمال دراستها لتصبح دكتورة هي وابنة خالها، الذي تعيش معه الآن، كي تساعد الناس وتنتظر العودة الى مقاعد الدراسة قريباً، وتجيب على سؤالنا عن ما إذا كانت بحاجة الى الكتب المدرسية أو أي شيء آخر «اعطوني في المدرسة الجديدة التي سأذهب اليها كتباً ودفاتر».
في عينيها حزن أكبر من مفردات اللغة، هادئة الى حد يربكنا ونحن الذين ظننا أننا قادرون على نقل الصورة التي تعيشها حلب الى المتلقي بثبات وجدنا أنفسنا صغاراً أمام صبرها..
«كنت نائمة وخفت كثيراً» عبارات كافية لندور في فلك السؤال الذي لا نجرؤ على طرحه، لا بل لا يحق لنا نطقه، علماً أن بعض الوسائل الإعلامية سألتها عن شعورها حين «مات أهلها» فكان ردها «البكاء» وكيف نسأل طفلة عن وجع يحفر عميقاً في الروح ونحن الكبار لم نزل ندمع جراء غصة غياب أهلنا ومن نحب؟!
تقول لنا «هم في السماء. ليرحمهم الله ويجعل مثواهم الجنة وأعدهم أن أكون مجتهدة كما يتمنون لي».
هي صورة من حكايا حلب الكثيرة، تلك المدينة الاستثنائية رغم نكبتها وتداخل دمار الحرب بدمار الزلزال فيها… ولم يزل في الحبر قصص لا تنتهي.