أولى

بوتين والنقلة الاستراتيجية الكبيرة

 

كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ذكرى سنة على بدء العملية العسكرية في أوكرانيا عبرت عن قراءة بوتين الاستراتيجية التي يتم تظهيرها تدريجياً على إيقاع تطورات الحرب، فمن يدقق في كلمة الرئيس بوتين سيكتشف شبه غياب لمفردات أزمة روسية أوكرانية كانت جوهر الخطاب الروسي مع بدء العملية الروسية، حيث الوجهة الرئيسية هي الصراع مع مشروع الهيمنة الأميركية الذي ضمّ تحت جناحه أوروبا ودول الناتو.
روسيا بلسان بوتين تبدو وقد حزمت أمرها وأعدّت العدة لمواصلة معركتها بإمكانياتها الذاتية دون الحاجة لحلفاء يشدّون أزرها عسكرياً واقتصادياً في هذه الحرب، وهي حرب مع حلف الناتو دون أي مواربة، كما يقول بوتين.
روسيا واثقة من أن قدراتها العسكرية تكفي لخوض الحرب والفوز بها. والمعيار هو توافر الذخائر والأسلحة، حيث روسيا واثقة من مخزونها مقابل الناتو مجتمعاً الذي يشكو من نفاد مخزونه رغم صراخه العالي.
روسيا واثقة من قدرتها الاقتصادية على الصمود، ومن نجاحها في احتواء العقوبات، وسعر الروبل الذي حافظ على سعر أفضل مما كان قبل الحرب، وقد قرّرت روسيا عدم تركه يحقق مكاسب بوجه العملات الغربية حرصاً على طاقتها على التصدير، لكنها أبقت السعر أفضل مما كان قبل الحرب كإشارة لقوّتها.
على خلفيّة هذه القراءة يتخذ بوتين قراراً بنقله استراتيجية كبيرة، بحجم الانسحاب من معاهدة ستارت للأسلحة النووية، ويضع معادلة العودة إلى احتساب كل مخزون دول الناتو مقابل مخزون روسيا وحدها، ويضع خطاً أحمر تحت كلمة روسيا وحدها، رغم كل التهديدات الغربية للصين وإيران تحت شعار الاتهام بتقديم الدعم العسكري لروسيا، بينما أول من ينتهك عدم التشجيع على الحرب عبر إمداد أطرافها بالسلاح هو الناتو نفسه وعلناً.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى