بايدن من بولندا لمزيد من السلاح لأوكرانيا… ووديعة سعودية بمليار دولار لليمن تبشر بحلحلة / بوتين: متفوقون عسكرياً وقادرون اقتصادياً… نعلق ستارت حتى تعديلها مع الناتو مجتمعاً ميقاتي يغازل القوات بوجه التيار: حل قريب لإضراب المصارف… وقضية السعودية هو اليمن /
كتب المحرّر السياسيّ
تحت رعب الزلازل والهزات من جهة، وحريق الناعمة الذي أدّى لسقوط طابق من بناء معمل كونكورد، يواصل اللبنانيون مراقبة المراوحة التي يعيشها الاستحقاق الرئاسي، وحالة الركود السياسي سواء في نشاط المجلس النيابي والنشاط الحكومي، أمام تغول الأزمات المعيشية ومزيد من الانهيار المالي يترجمه سعر الصرف على عتبة الـ 85 ألف ليرة للدولار، يواصل اللبنانيون التساؤل عن الغد الغامض.
المشهد الدولي إلى مزيد من التأزم، من جهة زيارة الرئيس الأميركي الى أوكرانيا ومن بعدها الى بولندا تحت عنوان حشد المزيد من الإمكانات العسكرية لمواجهة روسيا، ومن جهة مقابلة الكلام الصادر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ذكرى مرور سنة على بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، إشارة الى أن الحرب خرجت من دائرة مفترضة لنزاع روسي أوكراني، وأخذت حجمها ومساحتها الطبيعية كمواجهة بين روسيا وحلف الناتو، كما قال الرئيس بوتين، مضيفاً أن موسكو واثقة من قدرتها العسكرية وتفوقها على الناتو مجتمعاً، وواثقة من نجاحها في احتواء العقوبات الغربية، ذاهباً الى خطوة استراتيجية مفصلية عنوانها الانسحاب من اتفاقية ستارت لوضع حد لسباق التسلح النووي، الذي يضمّ واشنطن وموسكو، معتبراً أن واشنطن لم تنفذ تعهداتها من جهة، وأن الحرب أظهرت أن حلف الناتو الذي يضمّ دولاً نووية اضافة الى اميركا يقف مجتمعاً مقابلها، ولذلك فإن روسيا لن تعود للاتفاقية قبل إعادة تقييم مخزونها النووي مقابل مخزون الناتو مجتمعاً.
بموازاة التوتر المتصاعد دولياً، مؤشرات انفراجات إقليمية تحملها المواقف العربية نحو سورية من جهة، ومؤشرات حلحلة في ملف الحرب اليمنية تمثلت بإعلان السعودية عن تخصيص المصرف المركزي اليمني بوديعة من مليار دولار، يمكن لها أن تسهم في تمكين حكومتي عدن وصنعاء من سداد الرواتب للعاملين في الدولة، الذي يشكل بنداً من بنود التفاوض.
لبنانياً، كان الحوار التلفزيوني لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الحدث الأبرز، حيث بقي موقفه من قضية بقاء المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في موقعه بعد نهاية ولايته القانونية مطلع الشهر المقبل غامضاً بداعي انتظار الأجوبة القانونية حول المخارج المقترحة، لكن ميقاتي كان واضحاً في ملاقاة التيار الوطني الحر على خيار الاشتباك، سواء بكيل المديح لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع و«حكمته» و«وطنيته»، أو بدعوة التيار الذي يملك تمثيلاً نيابياً وازناً إلى الذهاب لانتخاب رئيس للجمهورية بدلاً من خوض معارك بلا جدوى لمنع المجلس النيابي من التشريع ومنع الحكومة من الانعقاد. وفي الشأن الإقليمي نفى ميقاتي نيته زيارة سورية معتبراً أن الأمر أكبر من قدرة لبنان وحده، بينما أعاد أزمة العلاقة السعودية مع لبنان إلى أزمة في العلاقة مع حزب الله محورها اتهامات سعودية للحزب بالتدخل في حرب اليمن.
فيما انصرف اللبنانيون أمس، لمتابعة المعطيات والتحليلات والتوقعات عن مخاطر حدوث هزات ارتدادية ناتجة عن الزلزال الذي ضرب تركيا مساء الاثنين، والاحتياطات الواجب اتخاذها بحال حصول هزات جديدة، تتراكم الملفات والأزمات السياسية والاقتصادية والمالية والمصرفية والقضائية، وعلى رأسها الخلاف حول التشريع في ظل الفراغ برئاسة الجمهورية في ظل عقبات عدة تحول دون انعقاد الجلسة التشريعية لعدم توافر النصاب وتوافق هيئة مكتب المجلس على جدول أعمال الجلسة.
وتتراجع فرص التوصل الى التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم التي تنتهي ولايته الشهر المقبل، بقانون في مجلس النواب، ما دفع بالمرجعيات الرئاسية للبحث عن آلية قانونية جديدة بتدبير إداري عبر وزارة الداخلية أو بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.
ولفتت مصادر كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» الى أنه «لا يمكن تعطيل السلطة التشريعية بكافة الأحوال، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري مصرّ على انعقاد الجلسة ويسعى لتأمين نصابها، بهدف تسيير أمور الدولة وخدمة اللبنانيين وتأمين مصالحهم واستمرارية المرافق العامة والمؤسسات»، مذكرة بأنه في مراحل الشغور الرئاسي السابقة حصلت جلسات عدة للتشريع وأقرّت قوانين بلغت حوالي 70 قانونا، وبالتالي النص الدستوري لا يمنع التشريع أبداً». وحمّلت المصادر التيار الوطني الحر مسؤولية تعطيل التمديد للواء إبراهيم للتيار الوطني الحر لعدم مشاركته بالجلسة التشريعية التي دعا إليها الرئيس بري.
وعن اعتراض البعض على التشريع بظل الفراغ وبأن تكون الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية وعقد جلسات لهذا الهدف، شدّدت المصادر على أن «رئيس المجلس قال قبل نهاية العام قال إنه لا بد من مقاربة جديدة لجلسات الانتخاب، فالبلد لم يعُد يحتمل لأكثر من أسابيع قليلة قبل الانهيار الكبير، ولذلك بدأ الرئيس بري سلسلة من اللقاءات والاتصالات على أكثر من مستوى وعندما يرى إمكانيّة جدية للوصول الى انتخابات رئاسية في جلسة منتجة سيدعو فوراً ولو كان في منتصف الليل».
ولم يُسجل الملف الرئاسي أي جديد، باستثناء ثلاثة معطيات وفق معلومات «البناء»: الأول تضاؤل آمال اتفاق التيار الوطني الحر وحزب الله على مرشح موحّد بعد تردّي العلاقة بينهما والحديث عن فض التفاهم، والثاني الحديث عن اتفاق تكتل لبنان القويّ على 3 مرشحين سيطرحهم في الوقت المناسب، والثالث توجّه الفريق الداعم لترشيح النائب ميشال معوّض القوات والكتائب اللبنانية مع قوى التغيير والمستقلين عن مرشح آخر غير معوّض والتصويت له في أي جلسة مقبلة».
وأوضحت أوساط التيار الوطني الحر لـ«البناء» «أننا نسعى مع الأطراف للاتفاق على سلة مرشحين تنطبق عليهم المواصفات الرئاسية التي وضعناها، ولم نتبنَ أي مرشح، وإذا وصلنا الى توافق على هذه الأسماء بالبرنامج الانتخابي مستعدّون لانتخابه ولسنا متمسكين باسم ولا فيتو على اسم آخر، لكن معوّض لا يمثلنا، وايضاً سليمان فرنجية لا يمثل طموحاتنا، ومأخذنا عليه أنه لم يعلن ترشيحه ويخوض معركته بنفسه، بل فريق الثنائي يخوض معركته»، متسائلة: ما هو البرنامج الانتخابي للمرشح الخفيّ فرنجية؟ فليعلن موقفه لربما يقنعنا أم لا. ونريد مرشح لديه حس كياني لبناني ولا يتحدثون عن حل أزمة النازحين السوريين على سبيل المثال».
في المقابل توضح مصادر الثنائي حركة أمل وحزب الله لـ«البناء» الى «أننا لسنا متمسكين باسم، والحوار الذي يدعو اليه الرئيس بري ليس على فرنجية بل ذاهبون للنهاية الى رئيس يمتلك الحد الأدنى من التفاهم والتوافق من خلال جلسة نصاب 86 وأغلبية الـ 65».
وبالتوازي، واصل راعي أبرشيّة أنطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم، موفداً من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، على القيادات المسيحية، والتقى أمس رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في معراب.
وعقب الاجتماع الذي استغرق ساعة من الوقت، وصف المطران بو نجم اللقاء بـ«الجيد»، اذ تم البحث في مسائل كثيرة. ودعا الجميع، ولا سيما المسيحيين، الى «الصوم والصلاة عن نية لبنان باعتبار ان الشرَّ كبيرٌ في هذا البلد».
وعلمت «البناء» أن المطران بو نجم لم يطرح مبادرة أو أسماء خلال لقاءاته، بل جس نبض وأسئلة وأجوبة أكثر من مبادرة تحمل أسماء واضحة، بل يقوم بجوجلة لتوجهات المرجعيات المسيحية لنقلها إلى الراعي ليبني عليها خطوته المقبلة أكانت حواراً ثنائياً مع كل قطب أو جمع الأقطاب أو ممثلين عنهم».
واستمر النزاع المصرفي – القضائي بالتوازي مع إضراب المصارف، وعلمت «البناء» أن الوساطة التي يقوم بها الرئيس ميقاتي لتجميد المعركة بين المصارف والقضاء، دونها عقبات كبيرة، ولم تلجم المسار القضائي الذي تسير به القاضية غادة عون رغم محاولات سياسية – قضائية لتطويق القاضية عون وتنحيتها عن الملف وفق معلومات «البناء»، وتؤكد مصادر القاضية عون بأنها ماضية بإجراءاتها القانونية والقضائية بعيداً عن التسويات السياسية.
في المقابل أعلن بنك بيروت أن القاضية غادة عون قرّرت ختم مركز الداتا العائد للمصرف وليس أحد فروعه، كما تردّد. وأدان المصرف في بيان «الخرق الفوري والمتمادي لقاعدة سريّة التحقيق والذي يشكّل جريمة جزائية مستقلة هدفها الإساءة إلى سمعة القطاع المصرفي اللبناني ككل». وأوضح أنه «بتاريخ 21 شباط 2023، وخلال تنفيذ الخبير المعيّن من القاضية غادة عون مهمّته المتمثّلة بالاستحصال على حسابات رئيس وأعضاء مجلس إدارة ومدراء ومدققي الحسابات في بنك بيروت بمفعول رجعي ابتداءً من الأول من كانون الثاني 2016، صرّح بنك بيروت بأنه بحاجة إلى وقت إضافي للتدقيق في المعلومات المطلوبة. فقرّرت القاضية عون ختم مركز الداتا في المنصورية حيث الأجهزة، بالشمع الأحمر إلى حين ورود جواب من المصرف على مهمة الخبير. فانتقل الخبير صباح اليوم إلى مركز الداتا وختمه بالشمع الأحمر بمؤازرة من أمن الدولة».
وأفادت معلومات صحافية عن «ختم أحد فروع «بنك بيروت» في المنصورية بالشمع الأحمر بإشارة من القاضية غادة عون».
وبحسب المعلومات، فإن القاضية عون ختمت بالشمع الاحمر servers بنك بيروت في منطقة المنصورية لكي لا يتم التلاعب بالداتا داخلها بانتظار عودة رئيس مجلس إدارة المصرف سليم صفير من الخارج.
وأشار الوزير السابق نقولا نحاس إلى أن همّ ميقاتي إعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي في ملف المصارف بالشكل الذي يحافظ على مصالح الناس. واعتبر في حديث إذاعي ان ما نشهده من أزمة مصرفية هو بمثابة هبوط في النظام ككل ولا تجوز المعالجة بالقطعة بل بمقاربة شاملة وعامّة. وأوضح أن ميقاتي يعمل على إيجاد المخارج المناسبة من أجل الحفاظ على القطاع المصرفي، كما حقوق المودعين، آملاً التوصل الى حلحلة خلال الأسبوع الحالي وإعطاء كل ذي حق حقّه.ولفت الرئيس ميقاتي في حوار تلفزيوني مساء أمس، الى «أنني مسؤول عن الانتظام العام في البلد والقطاع المصرفي أساسي في البلد وأسعى لحلحلة مسألة الإضراب الذي سينتهي خلال 48 ساعة»، مؤكداً على «حماية القطاع المصرفي لإعادة انتعاش لبنان».
وأضاف: «لا أتدخّل بعمل القضاء والحديث عن «تبييض أموال» ضمن المصارف بالشكل القائم غير مقبول إذ أنه يضرّ بسمعة لبنان»، معتبراً أن «من أحرقوا فروع المصارف قبل أيّام ليسوا مودعين والتقارير الأمنيّة حول ما حصل وصلتني وفيها كافة المعلومات». وطمأن اللبنانيين أن «الوضع الأمني ممسوكٌ جيداً بشكل عام وأحيّي الأجهزة الأمنية كافة على دورها».
وقال ميقاتي: «أنا مؤتمنٌ على الدّستور ولا جبران باسيل ولا غيره «بقلّي شو أعمل»، وأنا لا أسلُب صلاحيّات رئيس الجمهوريّة أبداً. والكلام عن هذا الأمر غير منطقي وليس حقيقياً أبداً وليتوجّه الجميع وعلى رأسهم «التيار الوطني الحر» لانتخاب رئيس».
ولفت ميقاتي الى أن «لا مؤشرات لانتخاب رئيس جمهورية قريباً و«هناك فريق بدو ينهار البلد بالكامل ولنبنيه من جديد وإنقاذ لبنان مش صعب» وأدعو الشعب للنزول إلى الشارع ومطالبة النواب بانتخاب رئيس للجمهورية و «ما في شي مستحيل».
وأشارت مصادر إعلامية إلى حصول مشاورات وزارية لعقد جلسة لحكومة تصريف الأعمال الاثنين لمناقشة جهوزية الجهات المختصة بالكوارث الطبيعية وطلب مساعدة دولية في هذا الإطار.
واستجوب قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، على مدى ست ساعات، 18 صرافاً يعملون بطريقة غير شرعية، وموقوفين على ذمة التحقيق ومدعى عليهم بجرائم «تبييض الأموال» ومخالفة قانون الصرافة والإساءة إلى مكانة الدولة المالية والمضاربة على العملة الوطنية.
وقرّر أبو سمرا، في نهاية الجلسة، إصدار مذكرتين وجاهيتين بتوقيف كل من علي نمر الخليل وعيسى كنج، كما أصدر مذكرة توقيف غيابية في حق خالد موسى الذي لم يمثل أمامه واعتبر متوارياً عن الأنظار، فيما قرر ترك الباقين بكفالات مالية تتراوح بين 50 مليون و900 مليون ليرة لكل منهم.
ولم يفرج أمس، عن الصرافين الذين تقرّرت تخلية سبيلهم، في انتظار عرض الملف على النيابة العامة في بيروت غداً لإبداء رأيها بالأمر، فيما استمهل وكلاء المدعى عليهما مصطفى حجول ومحمد منصور (غير موقوفين) التحقيق معهما إلى حين الاطلاع على الملف، فأرجئ استجوابهما إلى 6 آذار المقبل، على أن يمثل في الجلسة نفسها الصراف الذي تم توقيفه أمس.
على صعيد آخر، وصلت العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله الى مرحلة حرجة، وأكثر درجة توتر منذ 6 شباط 2005 لا سيما بعد الكلام الأخير للنائب جبران باسيل، وكشف عضو تكتل «لبنان القوي» النائب جيمي جبور، أن «حزب الله فضل فك التفاهم مع التيار الوطني الحر واعتبر أنه لم يعد هناك لزوم للعلاقة التحالفية مع التيار واتخذ القرار»، مضيفاً أنه «لم يبق من تفاهم مار مخايل الا حفظ ظهر المقاومة ولم يعد هناك شراكة، والتباعد بين التيار والحزب حاصل والانفصال واقع».
وأشارت معلومات «البناء» الى ان «هناك أزمة يعترف بها الفريقان وليس هناك خارطة طريق لتجاوزها وهناك حرص متبادل على عدم إعلان نهاية التفاهم رغم ما يقوله البعض من الطرفين أو المحسوبين عليهما».
في المقابل لفتت مصادر التيار لـ«البناء» الى «التزامنا ببنود تفاهم مار مخايل والحزب لم يلتزم وبالتالي هو يبتعد عن مضمون هذا التفاهم، لا سيما مكافحة الفساد والشراكة الوطنية، والحزب شارك بجلسات حكومة تصريف الأعمال بما يخالف القانون ويضرب الشراكة الوطنية، وحذرنا أكثر من مرة من مغبة هذا الأمر ولم يتجاوب». ولفتت المصادر الى أن «باسيل لم يطلب أي موعد من حزب الله لا السيد نصرلله ولا أي قيادي آخر، نحن قلنا ما لدينا، ولا داعي للقاء مع الحزب إذا لم نلمس اي جديد والكرة في ملعب الحزب الذي عليه تصحيح العلاقة».