رسائل بوتين في خطاب الردع
} رنا العفيف
الصراع الهجين بين روسيا والغرب مستمر ومتشظّ، لا سيما تلك المخططات الغربية التي تهدف إلى إسقاط روسيا وهزيمتها بالقضاء عليها، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشدّد على أنّ بلاده ستردّ من خلال خطاب الردع، فأيّ رسائل ردعيه يحمل بوتين في جعبته وكيف كان صداه في الغرب؟
حسم الرئيس بوتين قرار المواجهة لإسقاط الخطط الغربية الهادفة إلى إضعاف روسيا والقضاء عليها. محمّلاً الغرب والولايات المتحدة الأميركية مسؤولية التصعيد في خطاب ذكرى بدء العمليات العسكرية. وقال إنّ النخب الغربية لا تخفي هدفها وهو إلحاق الهزيمة الاستراتيجية بروسيا، أيّ القضاء عليها لمرة واحدة وإلى الأبد، محمّلاً تلك النخب المسؤولية في تأجيج التصعيد، إذ كشف بوتين عن حالة المستوى لقوات الردع النووي مع كامل التأهّب في روسيا من قوات تتجاوز الـ ٩١ في المئة.
طبعاً مع تعليق مشاركة روسيا في المعاهدة الروسية الأميركية بشأن خفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، في حين أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن أسفه من إعلان روسيا هذا، واصفا إياه بغير المسؤول»، كما كان الأمين العام للناتو أعرب عن الأسف أيضاً مع تكرار التصريحات بالاستبداد بأنه لا يجب أن ينتصر بوتين.
من الواضح أنّ رسالة بوتين كانت على المستوى الداخلي ويقصد بذلك الشعب الروسي أو المجتمع الروسي وحكوماته ومؤسساته وكلّ الجهات المعنية بصمود موسكو، في ظلّ الصراع الممتدّ مع الغرب والولايات المتحدة لفهم صورة التطورات الحاصلة، بينما أيضاً اهتمّ الغرب برسالة بوتين وتحديداً في ما يتعلق بالحديث عن تعليق روسيا مشاركتها في معاهدة ستارت للحدّ من هيمنة الغرب والأسلحة الهجومية الاستراتيجية بالإضافة إلى تجهيزات وزارة الدفاع الروسي وباقي مؤسّساتها بخوض تجارب التدريب النووي في المحيط المتجمّد الشمالي، وبالتالي قيام روسيا بهذه التجارب على هذا النحو يؤكد أنّ روسيا جاهزة ومستعدة لكلّ الخيارات الموضوعة غربياً بأعلى درجاتها. وأنّ خوض معركة التجارب أو الاختبار لكافة السيناريوات المحتملة مدروسة بطريقة تحليلية ربما تعتمد أغلبها على قاعدة التجارب النووية الروسية التي انتهت عام ١٩٩١، وقد تكون روسيا قامت بتفعيل جزء منها في ظلّ ارتفاع مستوى الصراع الهجين الاستراتيجي بين الولايات وروسيا في ساحة أوكرانيا.
لطالما أراد الغرب اغتصاب القدرات النووية الروسية، من خلال مطالبة الروسي بالتزام الغرب بالتوازن النووي، كما لطرف الناتو أيضاً حديث عن ضرورة التزام روسيا بهذه المعاهدة، وبالعموم الخطاب الردعي بين حجم المشاكل المفتعلة منها والمتراكمة بالموقف الأميركي المعتمدة غالباً على استراتيجية الهجوم التكتيكي في مجال الأمن الاستراتيجي النووي التي كانت سارية المفعول لنقل بين روسيا وأميركا وتمّ تعليقها، مع احتمال إمكانية انسحاب روسيا مع الوقت، أيّ أنّ خطورة الاستراتيجية قد تتفاقم واللعب مع بوتين ليس بالأمر بالسهل خاصة أنّ الغرب والإدارة الأميركية تتحسّب أنّ هذا الخطاب مجرد تهديد، أيّ لا شيء ملموس منه على الأرض، وهو فقط يحاول تهديدهم، بينما الحقيقة تقول أو الخلاصة إنّ شظية الغرب أيّ كانت التي تحاول كسر ظهر روسيا وتحقيق أيّ هدف يخترق الأمن الروسي له حتمية الردّ والعواقب الوخيمة في ظلّ الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، أيّ سيكون لها ارتداد ربما في المجال الأمني الاستراتيجي التي تحاول واشنطن من خلاله شيطنة روسيا.
وعن تعليق المشاركة جعل الغرب في شتات سياسي وتحليلي يبني انتصارات وهمية، على عكس بوتين الذي يأخذ الحقبة السوفياتية كمنصة وهدف واضح مع ترك فسحة للمجال في الحوار أو المفاوضات، إذا الغرب التزم بضمانات ربما أمنية، بما أنّ روسيا لم تحصل عليها لليوم، أو ترك المجال للصراع المفتوح بين روسيا والغرب على الساحة الأوكرانية خاصة أنّ أميركا تقوم بجسّ نبض الروسي بعد أن أقدمت على إعطاء أوكرانيا بيانات تتعلق بضرب المنشآت النووية الروسية فما عواقب الطبطبة الغربية على رأس أوكرانيا؟