إستنفار رسمي وشعبي في حلب منذ اللحظات الأولى للزلزال قصص الناس متشابهة والأولوية لتأمين البيوت والأدوية والدعم النفسيّ
} حلب ـ عبير حمدان
جميع الجهات المعنية مستنفرة في مدينة حلب منذ اللحظات الأولى للزلزال الذي لم تزل تداعياته قائمة في ظل تراكم الدمار والضغط النفسي الذي يعاني منه الناس جراء تعاقب الأزمات والحصار.
صور كثيرة تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أضف الى التقارير المتلفزة للإعلام الرسمي وبعض الوسائل الإعلامية الإقليمية في ظل غياب إعلام يدّعي إنسانية لا يمتلكها وحرية منقوصة.
كل ما قيل ونُقل على العالم الافتراضي لا يُقاس بالواقع الذي يعيشه أهالي المحافظات المنكوبة في سورية جراء الزلزال الذي دمّر أحياء وأدّى الى تصدّع عدد كبير من المباني بحيث لم تعُد صالحة للسكن.
في مراكز الإيواء الكثير من القصص المتشابهة، قد تتفاوت على قاعدة حجم الخسارة فهنالك من فقد أحبة وهنالك من يفتقد الدفء والدواء والأمان النفسي وهنالك أطفال يروون ما عاشوه في لحظات وكأنه كابوس لم يستوعبوه بعد.
أما مشهد الدمار فيجعلنا نسأل أنفسنا ماذا كانت تخفي هذه المباني التي باتت ركاماً من حكايات وكيف كانت صباحات ناسها وأمسياتهم وهل تمكن من نجا أن يحمل معه شهاداته المدرسية وصوره العائلية المعلقة على الجدران..
في حلب مزيج من بنيان قديم وآخر عصري وعشوئيات كما كل المدن في بلادنا لم يفرق العامل الطبيعي بين الماضي والحاضر وحتى أن جزءاً من قلعتها نال نصيبه، وخلال جولة “البناء” في المدينة أجمع من التقتهم على أنهم سيتخطون هذه المرحلة رغم صعوبتها بالتكاتف والتضامن ومساعدة كل من كسر الحصار المفروض على سورية وشعبها.
العلي: تمكنا من احتواء الوضع وصامدون رغم الحصار
عضو مجلس محافظة حلب ناصر العلي أكد أن سورية صامدة رغم كل ما عانته وتعانيه، وقال لـ «البناء» خلال جولة له على مراكز الإيواء في مدينة حلب، نتوجه بالشكر الى كل من تضامن وحضر لتقديم المساعدة سواء من داخل سورية او من خارجها، مثمناً جهود وحضور الحزب السوري القومي الاجتماعي على الأرض وبين الناس الى جانب الجهات المعنية في الدولة.
وحول البيانات الأوليّة لحجم الأضرار قال العلي: «بعد استيعاب الصدمة منذ الساعات الأولى عملنا جميعاً على متابعة كافة التفاصيل ونحن الآن نقدّم بيانات حول أوضاع المباني التي تضرّرت وهناك لجنة من المهندسين تعمل على تقييم الأضرار وستقوم لجنة التنمية العامة بتجهيز هذه المباني تباعاً».
وأضاف: «نحن موجودون على الأرض منذ العام 2013 واليوم من الطبيعي أن نكون جاهزين ونعرف كيفية التصرف لتلقي الصدمة. والحمدلله تمكنا من احتواء الوضع والعمل متواصل على مدار الساعة على صعيد مؤسسات الدولة والجمعيات الخيرية السورية وكذلك تلك التي أتت من الدول الشقيقة لمساعدتنا وتقديم ما يلزم وكذلك الأحزاب الوطنية وأبرزهم الحزب السوري القومي الاجتماعي الحاضر بين الناس بطاقاته وإمكانياته».
أما في ما يتصل بالحصار المفروض على سورية، قال: «هذا الحصار على الشعب السوري سيكسر لأنه حصار مجرم، ونقول لكل من لم يبادر الى كسره أن سورية صامدة بثالوثها المقدس المتمثل بالجيش والشعب والقائد، وفي ظل هذا الصمود لا بدّ أن تتراجع الدول التي لم تجرؤ على التراجع خشية من الاميركي وستلحق بمن سبقها لأن سورية منتصرة بصمود شعبها وقوة جيشها وحكمة قائدها».
كاسنجيان: الضرر النفسيّ كبير
تضج كنيسة فرح في حلب بالناس الذين وجدوا فيها ملاذهم بعد الدمار الذي خلفه الزلزال، أطفال ونساء وشيوخ قصصهم متشابهة ووجعهم كبير.
الأب رافي كاسنجيان أكد أن الكوادر البشرية موجودة لإغاثة الناس، وقال: «منذ اللحظة الاولى للزلزال فتحنا أبواب الكنيسة للجميع بتوجيه من المطران بطرس ماراياتي لكي نكون الى جانب شعبنا وبعد أن تلقينا الصدمة الاولى تمكنا من أخذ الطريق الإداري بشكل علمي وإحصائي سواء لجهة عدد العوائل وحجم الأضرار التي طالت بيوتهم».
وأضاف: «الجميع يعمل دون توقف سواء مَن هم معنا في الكنيسة وكذلك الجمعيات الأهلية السورية وتلك التي أتت من خارج سورية».
ويتابع: «بعد المتابعة تبين لنا أن نسبة تضرّر الناس نفسياً وصحياً جراء الخوف بلغت 65 بالمئة، أما الضرر الإنشائي للبيوت التي لجأ إلينا أصحابها بلغ 35 بالمئة والآن نعمل مع لجنة السلامة العامة لإحصاء عدد البيوت المتضررة وحجم الأضرار وطبيعتها لنتخذ القرار بكيفية المساعدة».
وختم: «الحصار المفروض على سورية وشعبها أغلق أمامنا كل الأبواب لسنوات حتى في ما يتصل بأدنى مقوّمات العيش، ونقول شكراً لكل من بادر إلى كسره ويبقى الإنجاز الحقيقي في رفعه كلياً وليس لوقت جزئي ومحدّد».
بلدي:
نعمل على تأمين بيوت للأكثر تضرراً
أما عضو مجلس محافظة في حلب انطوانيت بلدي، فقالت: “نحن كأعضاء مجلس محافظة كنا حاضرين على الأرض منذ اللحظات الأولى للكارثة، حيث توزعنا على كافة مراكز الإيواء في مدينة حلب وذلك بإشراف السيد المحافظ لنكون مع الناس ونتابع أوضاعهم وما ينقصهم ومن يأتي لتقديم المساعدات لهم من جمعيات محلية وأحزاب ومنظمات غير محلية”.
وأضافت: «هناك جزء كبير من الأهالي الذين لجأوا على مراكز الإيواء يسكنون في طوابق عالية وهناك أبنية متصدعة، وبالطبع يبقى العامل النفسي أساسياً حيث إن تداعيات ما حصل يضاعف خوف الناس وعلينا مساعدة بعضنا للخروج من دائرة الضغط النفسي الذي سيبقى لفترة مسيطراً عليهم».
أما في ما يتصل بتأمين بديل عن المدارس كمراكز إيواء، قالت بلدي: «بالطبع العام الدراسي يجب ان يستمر ولكن هناك مراكز إيواء تقارب الـ2500 شقة سيتمّ تأمينها لأكثر الناس تضرراً».
يوسفي: الشعور الشعبيّ يؤكد أننا بلاد واحدة بعيداً عن أي تقسيم سياسيّ
من جهته قال عضو اللجنة المركزية في حزب البعث العربي الاشتراكي الدكتور زاهر يوسفي: «بعد تلقف الصدمة الأولى وانقشاع الرؤية كانت الدولة مستنفرة بكامل أجهزتها على الأرض في كافة المحافظات المتضررة وهول الكارثة كبير جراء حجم الدمار، في حلب أكثر الأحياء تضرراً أبنيتها قديمة وهناك المباني العشوائية أيضاً. وكان هناك اجتماع لمجلس الوزراء حيث وجه سيادة الرئيس الدكتور بشار الاسد الجميع نحو المحافظات المتضررة وهي أدلب وحماه واللاذقية وحلب».
وأضاف: «الحصار المفروض على سورية يمعن في عدوانه ضد الشعب السوري وللأسف دول كثيرة لم تتجرأ على كسره، في مقابل عدد قليل من الدول الصديقة والشقيقة والحلفاء التي لم تتأخر في مد اليد وإغاثة الناس وهي مشكورة على جهدها وحضورها سواء من خلال جمعياتها الأهلية والجهات الرسمية فيها أو الأحزاب. وكل ما يقال عن رفع الحصار لمدة 180 يوماً ما هو إلا كلام مستهلك لحفظ ماء الوجه والادعاء الانساني الكاذب».
وتابع: «من المعيب التمييز بين البشر حين يتصل الأمر بوقوع كارثة انسانية، فـ 13 دولة فقط قارعت قيصر وأتت إلى سورية، سورية التي لم تتأخر يوماً عن مد يد المساعدة لكل من احتاجها، نحن نشكر لبنان والجزائر والعراق وكل من ساهم ولكن ينقصنا الكثير بعد بسبب غياب المعدات اللازمة للعمل. فالفرق البشرية لا يمكنها العمل دون آليات، كلنا أمل أن نتجاوز هذه الأزمة وسورية قوية رغم كل ما تعرّضت وتتعرّض له، والشعور الشعبي يؤكد أننا بلاد واحدة بعيداً عن أي تقسيم سياسي».
كروم: نقابة المهندسين تعاين الأضرار والحصار آخر عمليات الإنقاذ
نقيب المهندسين في أدلب أحمد كروم المقيم في حلب قال: «الواقع القائم صعب كما رأيتم على الأرض وبالطبع نحن نتوجه بالشكر لكم ولكل من وقف إلى جانب سورية وشعبها في محنتهم الحالية».
وتابع: «سأتكلم عن تحرك نقابة المهندسين حيث صدرت قرارات مركزية على مستوى فرع النقابة في إدلب وتم تشكيل لجان في المناطق المحررة منها، وكذلك في حماه واللاذقية وحلب وعقدت اجتماعات في كافة المحافظات وكذلك في دمشق، لكي تكون جاهزة بالتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة لمتابعة الوضع على الأرض، ففي حلب على سبيل المثال هناك تضرر كبير في المباني والكشف على كل الأحياء التي طالها الزلزال مستمر، مع الإشارة إلى أن هناك مهندسين متطوعين في سبيل مد يد العون لناسهم وأهلهم، والناس هنا متكافلة مع بعضها البعض للخروج من الأزمة».
وعن الخطة الموضوعة في ما بعد الكشف، قال: “اليوم نحن في صدد التقييم كي نقرر أي المباني صالحة للسكن وبالطبع الناس يثقون بنا وينتظرون منا التقارير النهائية حول إمكانية عودتهم الى منازلهم أو العكس، وبالطبع مؤسسات الدولة جهزت مراكز للإيواء إلى حين إكتمال العمل بخطة بديلة”.
وأشار كروم إلى أن إمكانية إعادة النظر بطريقة البناء واردة وفق دراسة عملية واضحة، لافتاً إلى أن عمليات البحث ورفع الأنقاض كانت صعبة في ظل الحصار المفروض على سورية.
مهنا: همنا مداواة الجرحى
وإيجاد المأوى للناس
من جهته قال فاروق مهنا (تاجر) إن الجميع استنفر لإغاثة الناس منذ اللحظة الاولى للكارثة: “منذ وقوع الكارثة ومن جهتنا توجهنا لإسعاف الناس بالتنسيق مع قيادة حزب البعث فرع إدلب، وعملنا على تأمين مراكز الايواء للناس التي تضررت بيوتها ولم نزل موجودين على الأرض حتى تمر الأزمة وتتضح المعالم كلها”.
وأضاف: «الأضرار كبيرة جداً وفي كل هناك مبانٍ معرضة للوقوع، وهناك لجان منظمة من المهندسين التي تتابع الموضوع وبالتالي يعمدون الى إنزال المباني المتضررة».
وختم: «نأمل أن يُرفع الحصار كلياً عن سورية وهمنا اليوم مداواة الجرحى وإيجاد المأوى الملائم للناس، ونقول لكل من لم يتجرأ على كسر الحصار إن الظالم سينال عقابه مهما تجبّر، ونتوجه بالشكر لكل من أتى لإغاثة اهلنا مسقطاً الحصار بإرادة قوية».