العدوان الصهيوني على نابلس ويوم القيامة المنتظر…
} د. جمال زهران*
لم يعد الصمت على جرائم الكيان الصهيوني، في حق شعبنا العربي في أرض فلسطين المحتلة، ذات معنى. ولم يعد الوعد بالانتقام من بعض الفصائل الفلسطينية وسط صمت السلطة الفلسطينية، التي تستأسد وراء المناصب والوهم بإدارة شؤون دولة فلسطين، أيضاً ذات معنى! فالعدوان الجديد للصهاينة، على أهلنا في نابلس بالضفة الغربية، والقتل العمدي لعشرة من أيقونات الشباب الفلسطيني المقاوم، وإصابة العشرات، لا يكفي في مواجهته التهديد بالانتقام، أو الوعد به، لأنّ ذلك كارثة تواجه شعبنا العربي، الذي يعيش تحت نير وظلم وعبث المحتلّ الصهيوني، وداعميه في واشنطن وعواصم أوروبا الاستعماريين. فالرد على استشهاد العشرة شباب، ومن قبلهم المئات والآلاف، أمر حتمي الآن، والتصعيد أصبح ضرورة حتمية. وقد أسقط الواقع، خيار «العلاقات العامة»، بالتبريد والاستيعاب لما حدث، والقول بأنّ هذه جريمة لن تتكرّر من عدو صهيوني يستهدف الإبادة الكاملة لكلّ الشعب الفلسطيني، بل وإبادة كلّ العرب وإقامة دولة الكيان الصهيوني من النيل إلى الفرات والعكس، دون رحمة، والخطة تسير على قدم وساق، بلا توقف، بل إنّ بعض النظم العربية تؤدّي دورها في ذلك، بلا خجل!
إذن… فإنّ التساؤل الذي يفرض نفسه هنا، هل سنظلّ نتقبّل هذه المشاهد التي تتمثل في القتل العمدي لأبنائنا، وفي الإهانات للنساء والتنكيل بهم، وتدنيس المسجد الأقصى، وهدم المنازل على ساكنيها، وطرد الشعب الفلسطيني من بيوته وأراضيه لإقامة المستوطنات، وهي سنظلّ نعارك في أجهزة ومنظمات وهيئات، من أجل الحصول على حقوقنا، ومن هؤلاء الذين صنعوا هذا الكيان اللقيط، ويحمونه، ويدعمونه، ويموّلونه، ويعطونه الأوكسجين اللازم لحياته باستمرار، ولأجل ذلك استمرّ (75) سنة حتى الآن؟! وإلى متى سنظلّ على هذا الحال، نعدّ الشهداء كلّ يوم، ونتباكى عليهم، ونعلن بقرب الثأر والانتقام، ولا نجد إلا «فتات» المقاومة؟!
لذلك، فإنّ استمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن، حيث يبادر العدو الصهيوني بالقتل العمدي، وآخر جرائمه قتله لعشرة شهداء من الشباب، في نابلس، ونحن نصدر الوعود بالانتقام، لهو أمر مخزي للغاية، ويكاد يدمي القلوب، ويشيع الشعور بالإحباط وفقدان الأمل!
والصحيح أنّ المقاومة تقوم بعمليات انتقامية بين آن وآخر، وآخر هذه العمليات، ما قام به المناضل/ خيري، ضدّ مواطني الكيان، وقتل عشرة صهاينة، منذ أكثر من شهر، ورداً على عملية صهيونية سابقة!
كما أننا لا ننسى معركة «سيف القدس» في رمضان قبل الماضي، وكانت النتيجة هي إذلال الكيان الصهيوني، وهزيمته وردعه بالتوقف عن الهجوم على غزة، إلا أنّ خسائر غزة كانت كبيرة، ومكاسب المقاومة كبيرة.
إلا أن تدخل بعض النظم العربية، للضغط على المقاومة لإيقاف العملية، وحققوا من خلالها مكاسب مع الشيطان الأكبر، الذي يتمثل في الولايات المتحدة الأميركية! تلك هي الإدارة بالعلاقات العامة، وليس الإدارة بالمقاومة المسلحة والمستمرة التي تستنزف العدو الصهيوني، لإجباره على الرحيل من الأرض المقدسة المحتلة في فلسطين والقدس الشريف، للأبد.
فالمعلومات المتوفرة من مصادر المقاومة، ومن تصريحات رسمية على لسان منظمات المقاومة المسلحة، وعلى لسان السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، ورموزه ومسؤوليه، يتأكد أنّ المقاومة أصبح لديها قدرات قتالية عالية، وأسلحة متقدمة ومنها الطائرات المسيرة والصواريخ محلية الصنع وبتقنية عالية، إذن ما الذي يجعلنا، نتأخر ونؤجّل مقاومة الحسم، لإنهاء احتلال فلسطين؟ والصحيح أنّ قرار المقاومة الشاملة من غزة والضفة الغربية، وفي داخل الكيان الصهيوني، وفي جنوب لبنان لتحرير شبعا، وفي الجنوب السوري لتحرير هضبة الجولان، وفتح الجبهات مرة واحدة، ألا يوصلنا ذلك إلى نهاية المشوار بالتحرير الشامل، والتأسيس لدولة فلسطين العربية وعاصمتها القدس الشريف، وإنهاء الوجود الصهيوني للأبد، وذلك مثلما تمّ تحرير القدس بقيادة الجد الأكبر للمقاومين، وهو صلاح الدين الأيوبي.
ربما يرى البعض من قصيري النظر، أنّ ذلك من الخيالات، ولكنني أسارع بالقول، بأنّ البيئة الإقليمية والدولية ملائمة تماماً، لمعركة المقاومة الشاملة للتحرير، وملائمة لـ «يوم القيامة» المنشود لتحرير فلسطين وبيت المقدس. ولنا في تاريخنا العظة والمرجعيات، ولنا في معركة تحرير جنوب أفريقيا من الأقلية البيضاء التي كانت تستعمر هذه المنطقة، وفي تحالف مقدس مع الكيان الصهيوني. كما أنّ القوة هي أساس العلاقات الدولية، ولن ينظر إليك أحد، ولن يحترمك أيّ طرف دولي، إلا بالاستخدام للقوة المسلحة، ومقاومتنا هي القادرة الآن وليس غداً. وعلى الله نصر كلّ المقاومين في سبيل تحرير بيت المقدس، ولدينا الوعد الإلهي.
نحن في انتظار معركة «يوم القيامة»، لتحرير فلسطين وبيت المقدس، بلا تردّد أو تأجيل. وعلى الله قصد السبيل. فما أخذ بالقوة، لن يُستردّ إلا بالقوة، كما علّمنا الزعيم/ جمال عبد الناصر.
*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية،
والأمين العام المساعد للتجمع العالمي لدعم خيار المقاومة