دبوس
كونفدرالية
حينما قام ميل غيبسون، الممثل الأميركي المعروف، بطل أفــلام «ماد ماكــس» و «بريڤ هارت» و «ليثال ويبــون» بإنتاج فيلم «آلام اليسوع»، قامت الدنيا ولم تقــعد في أمــيركا من قبل اللوبيات الصهيونية والحركات اليهودية لأنّ ســردية الفــيلم تظهر بوضوح دور الــيهود الدنيء في صلب سيدنا المسيح، والتعاون مع الــقوى الشــريرة الحاكمة في ذلك الوقت، لجلــبه ومن ثم صلبه حتى الموت.
لم يرق هذا الأمر ليهود أميركا، وقاموا بشنّ حملة على ميل، لا تبدأ باللاسامية، ولا تنتهي بإنكاره لعذابات اليهود والهولوكــوست، الرجل، وفي معرض دفاعه عن نفسه قال بالحرف الواحد، «أنا لست مؤرّخاً، ولا متخصصاً في التاريخ، وحينما بدأنا العمل بالفيلم، استدعينا أولي الاختصاص وبعضاً من أفضل المؤرّخين الأكاديمــيين لصياغة ما الذي حدث بالضبط للســيد المســيح إبّان استجلابه وحتى صلبه، فكانت هذه هي القصة، أيّ أنها تؤرّخ الذي حدث فعلاً، وهي ليست من عندياتي…»
يحضرني هذا وأنا أتابع بمرارة الجدليات التي يثيرها بعض مسيحيي لبنان من الذين آثروا تغليب المصلحة الشخصية، والامتيازات الدنيوية على حساب الحقيقة، تماماً كما فعل بعض المسلمين الذين تدفقت ذاتهم الأنانية القابضة، وذلك النزوع المزري للنفعية على حساب الحقيقة، وعلى حساب التصدي للظلم ولمصلحة المظلوم، لقد طرأت مظلومية سيدنا المسيح والعسف الرهيب الذي ألحق به على يدي اليهود، والعداء المطلق بين أتباع سيدنا المسيح العظيم وبين قتــلة الأنبــياء مئات من السنين حتى قبل ظهور الإســلام، وأما دعوات أولئك الداعين، بسبب من منافع دنــيوية، ويقبعون على يمين اليمين من مسيحيّي لبنان، والتي تريد النأي بالنفس عن الصراع برمته ضدّ هــذا الكيان الإجرامي هي دعوات ناشزة، ولا تجــد لها موطئاً في الجسم المسيحي الكلي، بل انّ مســيحيّي المشرق كانوا وما زالوا في مقدمة أولئك الذين انخرطوا في معركة طاحنة ضدّ الشر، ونصرة للخير في المنطقة…
أما تلك الدعوات التي تستدعي الكونفدرالية تكريساً للتقسيم والانطواء بعيداً عن مشاكل الأمة المشرقية بمسيحيّيها ومسلميها فلن تجد لها مقرّاً ولا مستقرّاً في منطقتنا، وسوف تندحر كما اندحرت كلّ دعوات التقسيم والتجزئة الى غير رجعة، ولن يصحّ بعد ذلك سوى الصحيح.
سميح التايه