بعد زيارتي للجنرال وكلام السيد لست قلقاً على التفاهم!
ناصر قنديل
– كنت أتوق لزيارة فخامة الرئيس العماد ميشال عون منذ مغادرته قصر بعبدا لأكثر من سبب عاطفي ووجداني وسياسي ووطني، لكنني كنت أرغب أن تأتي الزيارة بعد انتهائي من كتابي «ثورة… مخاض أم متاهة؟»، عن تجربة ثورة 17 تشرين وحكومة الرئيس حسان دياب، وهو يختزن مقاربتي لكل القضايا الشائكة العالقة والمطروحة للنقاش، حول عهد الرئيس ميشال عون ومشروع بناء الدولة والإشكاليات التي يلقي بثقلها على التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، خصوصاً أنني كنت أرى بخروج الرئيس عون من قصر بعبدا فرصة لاستعادة تلك اللقاءات الشيّقة المليئة بالفكر والنقاشات في الاستراتيجيات والتي تمتدّ بما يتجاوز حدود المواعيد البروتوكولية التي كان يفرضها موقع الرئاسة وهمومها واهتماماتها، حتى أن زياراتي للرئيس وهو رئيس، كانت ثلاث أو أربع مرات بمعدل دون الزيارة الواحدة سنوياً، واقتصرت على بحث قضايا بعينها في كل زيارة. أما هذه المرة وقد تم تحديد موعد الزيارة الإثنين صباحاً، وقد تأبطت نسخة من كتابي أهديها لفخامة الرئيس المقاوم الذي أحبّ وأحترم، فقد استعدت معها الروح التي كانت تبثها في لقاءاتنا مرحلة ما قبل الرئاسة.
– قبل أي شيء فرحت بالصحة الممتازة للرئيس وبشاشة ملقاة وعفويّة ترحيبه وذاكرة الصديق التي بادلتني كتاباً بكتاب، مع نسختين من كتاب عن عهده الرئاسي واحدة لي وأخرى للشقيق الحبيب غالب، قارئاً الإهداء بتمعّن طالباً إليّ أن أقرأ إهداءه وأن اقدر معنى اختياره للكلمات التي طرّز بها الإهداء، من المصادفات التي لم تكن في البال، لا في بالي ولا في بال الرئيس الجنرال، أن تكون كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مساء اليوم ذاته تدور حول الموضوع المحوري الذي استحوذ على لقائنا، وأقصد التفاهم بين التيار والحزب، وليس الرئاسة التي لم نقترب منها ولو بكلمة واحدة، ربما بسبب قناعتنا معاً بأن الأهم هو التفاهم، وأن مقاربة التفاهم بمنهجية معينة سيحمل ضمناً أجوبة حول كيفية مقاربة الرئاسة خلافاً أو اتفاقاً، بل إنه عندما يكون التفاهم بخير، ربما لا تعود شديدة الأهمية أن تأتي مقاربة الرئاسة اتفاقاً او اختلافاً.
– حرصاً على التزامي بقواعد أدب اللقاءات، لن أنقل عن لسان الرئيس ما يتجاوز حدود الانطباعات والتعليقات غير القابلة للتأويل، والتي لا يمكن توظيفها مباشرة في السياسة، وتركيزي على ما قلته شخصياً في هذا اللقاء بخلاف عادتي، وأنا أمقت الذين يفعلون ذلك واتهمهم بالاستعراض، ليس قطعاً بنية الاستعراض التي قد يقع في حبائلها كل من يُعيد نشر ما قال، بل لأنني أتحمّل المسؤوليته الأدبية لما قلت فهو كلامي، ولأنه مع تجنبي نقل وقائع الحوار مع الرئيس، يتيح للقارئ تكوين انطباعات عن سياق الحوار، ونبضه، واتجاهات الحركة فيه، والتموضع على أطرافه، هذا مع التأكيد أنني لم انتدب نفسي لمهمة وساطة بين الحزب والتيار ولا انتدبني أحد، بل إنني، كما يعرف مَن التقيتهم من قيادتي الطرفين بمناسبة إهدائهم نسخة من الكتاب ودار بيننا حوار شبيه بالحوار مع الرئيس، يعلمون أنني كنت افتتح كلامي أنني لا أقول كلامي من موقع الوسيط الذي لا أرغب بلعب دوره، ولا أراني ناجحاً بلعب هذا الدور، ولا أرى الفريقين بحاجة الى مَن يقوم به، بل إن ما أقوله نابع من مسؤوليتي كمناضل وطني يحمل تاريخه بفخر على ظهره، وينظر للتفاهم بعين التاريخ ويخشى تهاويه كمنجز وطني تاريخي بسبب العبث السياسي والطائفي، أو الكبرياء الحزبية والعناد الشخصيّ، والكتاب حجة مناسبة لعرض أفكاري التي تضجّ بين صفحاته، ويشكل ما أقوله شفهياً في هذه اللقاءات بعضاً من وحيه، ولعل عنوان الكتاب الذي يعتبر حكومة الرئيس حسان دياب فرصة ضائعة في مشروع بناء الدولة، يقدم جواباً مختلفاً حول توزع المسؤوليات في ضعف فرص مشروع بناء الدولة في عهد الرئيس عون، وسبب ضياعها وأين كانت تختبئ، وكيف تمّ وأدها؟
– جاء اللقاء بالرئيس عون وقد سبقته لقاءات إهداء نسخ من الكتاب لقيادات الحزب والتيار بالإضافة لقيادات وطنية في مقدمتها رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري. وفي هذه اللقاءات دارت نماذج مشابهة من الحوار، أو قمت فيها بتلاوة نص مشابه من التحذير لقيادات الحزب والتيار، وقد شملت رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد، وتوّجت بلقاء الرئيس ميشال عون، والنص المشترك هو أن قراءتي لتجربة لبنان السياسية منذ ولادته ككيان سياسي معاصر وفق صيغة لبنان الكبير قبل قرن، أوصلتني الى قناعة قوية بأن الطوائف هي الجماعات السياسية الأشد رسوخاً وقدرة على احتواء الحياة السياسية، وأن حضورها في تنظيم شؤون الدولة ليس مجرد مؤامرة لتفتيت وحدة النسيج الاجتماعي، ما يجعل التخلص من هذا التنظيم بشطحة قلم مهمة وطنية، بل إن كل خروج من الصيغة الطائفية يجب أن يكون متدرجاً ومحسوباً بدقة كي لا يكون استبدالاً لطائفية ظاهرة بطائفية كامنة، وأن التسويات الطائفية معبر إلزامي لكل خروج سلمي وسلس من طائفية ثقيلة اليد غليظة الحضور إلى طائفية أشد رشاقة وأقل ثقلاً في تكبيل الحياة الوطنية والمدنية، وأن كلفة التباطؤ الذي يفرضه على مشروع بناء الدولة وتسيير مؤسساتها كنتيجة طبيعية للتمسك بالتسويات الطائفية ممراً، أقل بكثير من كلفة اهتزاز الاستقرار وتعريضه للخطر تحت وطأة مطالبة طموحة بالسير سريعاً نحو بناء الدولة، وأن ما جرى في اتفاق الطائف ليس إلا تكراراً لما حملته ثنائية الصيغة والميثاق ونجح بتوصيفه المفكر جورج نقاش بثنائية النفي، بقوله إن النفيين لا يصنعان وطناً، فبدلاً من لا للانتداب مقابل لا للوحدة مع سورية، جاءت ثنائية لا للتوطين مقابل لا للتقسيم، ولا للاحتلال الإسرائيلي مقابل لا لبقاء القوات السورية، ولا للوحدة العربية تحت عنوان لبنان وطن نهائي، مقابل لا للانعزال تحت عنوان لبنان عربي الهوية والانتماء، ولذلك لم ينجح مشروع الوطن بالتقدّم خطوة إضافية بعد اتفاق الطائف وأكمل مسيرة الأزمات التي كان يعيش في فقاعتها قلة.
– أضيف، أنني من موقع هذه القراءة، أنظر للتفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر بصفته أول محاولة جدية عميقة وصادقة لتلاقي شريحتين صاعدتين في البيئتين الإسلامية والمسيحية، حيث صعد حزب الله من رحم الحركة القومية والوطنية العربية التي حملت لواء المقاومة وفلسطين والعلاقة المميزة مع سورية، التي تناوبت على حمل رايتها شرائح لبنانية إسلامية عديدة منذ ولادة لبنان الكبير، لكنها بلغت مرحلة النضوج والإنجاز مع حزب الله. وبالمقابل صعد التيار الوطني الحر من رحم الحركة الكيانية اللبنانية المناهضة لصيغ ملتبسة في العلاقة بسورية تحت عنوان تلازم المصير والمسار، والمتوجسة من السلاح الفلسطيني في لبنان، والتي تناوبت على قيادتها شرائح مسيحية عديدة، لكنها بلغت مع قيادة العماد ميشال عون وعبره مع التيار الوطني الحر مراحلها الأكثر نضجاً وحكمة، فميزت بين عودة القوات السورية الى بلادها والشراكة بعدها مع سورية، وتفادت بشجاعة الوقوع في فخ مد اليد للشيطان، تحت شعار حماية الوجود المسيحي، الذي نظرت اليه كجزء متجذّر من هذا الشرق في مقاربة أكثر التصاقاً بالنظرة الفاتيكانية من نظرة الكنيسة اللبنانية، وميّزت بقوة بين السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها، وبينه في الحالتين وبين سلاح المقاومة اللبنانية التي حررت الأرض وحمت الوطن من العدوانية الإسرائيلية المفتوحة الشهية على الأطماع دائماً، ومثلما يعبر حجم الالتفاف الشعبي حول كل من القوتين عن كونها التعبير الأشد قوة عن نبض اجتماعي قابل للحياة، يعبر تلاقيهما عن فرصة تاريخية نموذجية استثنائية لحل إشكالية تحوّلنا من طوائف الى وطن لم يولد بعد، كي نتقاتل لاحقاً على كيف نبني له دولة، فهل يجوز وقد أنتج لنا التفاهم فرصة التقدم في حلم ولادة الوطن المفقود، أن نقتله بداعي التقاتل على بناء الدولة المنشودة، وهل تسبق الدولة الوطن؟ وصولاً للقول إن هذا التفاهم لم يعد ملكا لصاحبيه التيار والحزب، بل هو ملك أجيال قادمة تكمل ما بدآه إذا تعذر عليهما المواصلة، وأن مجرد إنهاء التفاهم نكسة تاريخية غير قابلة للترميم، حيث الخلاصة التي يقولها لنا صاحباه بإعلان وفاته أن فكرة الوطن قد ماتت، لأن أحداً لن يجرؤ بعد العماد عون والسيد نصرالله على المغامرة والمخاطرة بتكرار ما حاولا فعله وأعلنا الفشل في إنجازه، ومَن سوف يدّعي القدرة على ما لم يقدرا عليه، وأي أكتاف أعرض من أكتافهما لتحمل مثل هذا العبء وهذه المسؤولية وتدّعي الإقدام إذا قررا التراجع؟
– بعد هذا العرض خلصت إلى الدعوة لقراءة التفاهم مجدداً ومحاسبته على ما أنجز وما لم يُنجز، مستعرضاً ما أعجبني جداً في توصيف التفاهم لمفهوم الديمقراطية التوافقية كقاعدة حاكمة لإدارة الدولة والحياة الوطنية، بما ينسجم مع ما أدعو إليه من ربط أي نقلة نوعية في مفهوم بناء الدولة بتوافر نصاب عابر للطوائف يحميها، كي لا تأتي الانتكاسة عودة الى الوراء بدل التقدم إلى الأمام، وكيف نجح التفاهم بتحقيق إنجازات تعادل ثمانية بنود من أصل بنوده العشرة، في مفهوم الحوار والديمقراطية التوافقية كما ترجمتها مقاربة الحكومات المتلاحقة منذ ولادته، ثم في بند قانون الانتخاب وافتتاح التفاهم بالتعاون مع حركة أمل عهداً جديداً لقوانين الانتخاب معاكساً لما ساد منذ اتفاق الطائف، سواء اعتماد قانون القضاء تلبية لرغبة التيار، وتجنيد قوة حزب الله وحركة أمل للفوز به في اتفاق الدوحة، علماً أن الفريقين رفضا القانون نفسه عندما تبناه حليفان آخران هما الرئيس اميل لحود والوزير سليمان فرنجية مع قدر من التمني السوري، وكذلك في قانون النسبية لاحقاً وإدخال نكهة القانون الأرثوذكسي عليه بما يلبي طلب التيار في الحالتين لجعل انتخاب النواب المسيحيين بأكبر نسبة ممكنة من تأثير التصويت المسيحي، وفي بند العلاقات اللبنانية السورية والنجاح بإقامة العلاقات الدبلوماسية التي ما كانت لتبصر النور لولا مكانة المقاومة في سورية ومكانة التيار لدى المقاومة وسورية بفعل موقفه من حرب تموز، وفي بند العلاقة اللبنانية الفلسطينية نجح التفاهم دون سواه بإنهاء السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، بقوة مكانة المقاومة في وجدان المجموع الفلسطيني ومكانة التيار في وجدان المقاومة والفلسطينيين معاً بقوة موقفه مع المقاومة وفلسطين، مروراً ببند «اللبنانيين في «إسرائيل»، وهنا يكفي أن نصاً تصالحياً في مقاربة المسألة ما كان ممكن القبول في بيئة المقاومة لولا قبول سيدها به، وصولاً الى بند السيادة والدفاع عن لبنان وقد ترجم أعظم ترجمة من جانب التيار بوقفته في حرب تموز والتزامه بعدها بالدفاع عن المقاومة خياراً وسلاحاً، وصولاً الى حرب الجرود مع التكفيريين وإنجاز الترسيم على الحدود البحرية كثمرة لهذه الشراكة الاستراتيجية، أما بناء الدولة والملف الأمني كبندين يرتبط الإنجاز فيهما بتوافر الشرط الحاكم للتفاهم في بنده الثالث وهو الديمقراطية التوافقية، فكل تقدّم مشروط بنجاح الفريقين بتوفير نصاب عابر للطوائف لجعله ممكناً، وهذا ما يجعل التفاهم مع الرئيس سعد الحريري والقوات اللبنانية قبل انتخاب العماد عون رئيساً تعبيراً عن هذا المفهوم وليس مجرد تسويات رئاسية، ولذلك فإن على الطرفين بدلاً من خسارة أحدهما للآخر البحث عن كيفية كسب المزيد من الحلفاء.
– بعد كل هذا العرض طبيعي أن يكون سؤال القارئ، وماذا قال الجنرال الرئيس، وماذا قال الآخرون من قيادتي الحزب والتيار، ولماذا لم تعُد قلقاً على التفاهم بعد زيارة الجنرال وسماع السيد، والجواب بحدود الممكن، أقول، عندما كنت أعرض سياق إشكالية البناء الوطني في تاريخ لبنان وتجذر الطوائف كجماعة سياسية مؤسسة، استطرد الجنرال مؤيداً باقتباس كلام للرئيس اميل اده، بحثت عن أصله بعد عودتي من اللقاء ووجدت أن الرئيس عون قد نقله بدقة، حيث يقول الرئيس ادة «نحن لسنا شعباً واحداً، نحن مجموعة طوائف، وكل دولة لها الدولة المرشدة… منا من يرى لبنان موطن أرز الرب، ومنا من يراه قباباً ومآذن، ويضيف من موقعه الداعم للانتداب الفرنسي، لنترك الفرنسيين عندنا، يعلموننا كيف نكون شعباً يستطيع بناء دولة، والا نحن ذاهبون للاقتتال كل عشرين سنة، فنصنع من لبنان ميدان حروب الغير على أرضه». وينهي ادة كلامه بالقول «أنا قد قلت كلمتي وأتمنى أن أكون مخطئاً»، وعندما استعرضت إنجازات التفاهم وعدم الإنصاف في توصيفه بالفشل، كان يشاركني الرأي ويختم بالسؤال، ولكن ماذا عن بناء الدولة ومكافحة الفساد، وعندما أجبت بأن التسويات الطائفية معبر إلزامي، قال: لكنني أنا الرئيس الماروني رفعت الغطاء عن الموظف الماروني حاكم مصرف لبنان، فقلت لكن مرجعيته لم تكن مسيحية، فوضع الرئيس الحريري الفيتو لحمايته ولحقته بكركي. فقال هذا حرام لأن هذا سيعني صعوبة تبلغ حد الاستحالة. وعندما قلت إن هذا يستوجب البحث عن مزيد من الحلفاء بدلاً من محاكمة التفاهم والمخاطرة بخسارة تحالف طرفيه، وأشرت إلى أن الخلل كان بعدم بذل جهد لبحث قواعد تحالف طرفي التفاهم مع آخرين، قال أصلاً كان هذا منطلقنا، فقلت كان يجب بذل جهد جدّي لبلوغ اتفاق الحد الأدنى مع حركة أمل، قال لقد صارحت حزب الله مرتين طالباً المساعدة لوضع قواعد تعاون وتحديد الخلافات مع الرئيس بري. وعندما تحدثت عن إنجازات التفاهم في العلاقات اللبنانية السورية والعلاقات اللبنانية الفلسطينية، قال للأسف ينكر الآخرون على التفاهم إنجازاته ويتجاهلونها. وعند بند السيادة والدفاع عن لبنان أضاف أن التيار ورئيسه تحملا العقوبات بلا تردد دفاعاً عن هذه الخيارات. وسألني هل تعلم اننا لم نوقع نسخة من التفاهم، لأن مثلي ومثل السيد حسن تُلزمه كلماته لا توقيعه، ويكتفي عندما يكون هذا هو شريكه بكلمة، وبرقت عيناه توهجاً، والمتعت فيهما لحظة شوق ووفاء وحب، ولا أعلم إن كان فيها أيضاً بعض العتب، لكنه ان وجد فهو يختلف كثيراً نوعاً وكماً عن بحة الصوت الحزين ونبرة العتب الواضحة عند الحديث عن التجربة مع الرئيس سعد الحريري وحرارة العاطفة التي تصرّف بها الرئيس والوزير جبران باسيل أثناء احتجاز الحريري، ولم يجدا مقابلها ما يعادلها بعد للأسف؟
– سألني الجنرال عندما قلت إنني لا أقوم بوساطة بل أبلغ رسالتي لقيادتي الحزب والتيار بأنهما لا تملكان شرعية ومشروعية إنهاء التفاهم، وإعلان نعي الوطن، ذاكراً من التقيت بمن فيهم الوزير باسيل، قال وماذا قالوا لك جميعاً. قلت كلهم شكروا الحرص وابدى مثله وطمأن أن لا أحد يستسهل إعلان سقوط التفاهم، واكتفي بأن أنقل عن الجنرال تعليقاً أنه ابتسم بفرح مرحباً خصوصا لدى ذكر انطباعي عن موقف الوزير باسيل، ولذلك أقول إنني عندما سمعت سماحة السيد حسن نصرالله مساء، بعد ساعات من لقائي بالجنرال، زدت ثقة بأن لا قلق على التفاهم سواء لجهة قدرة فريقيه على التلاقي في خيار رئاسي واحد، أو بحسن إدارة الخلاف بين الحليفين، وقد أودعت بين يدي الجنرال معادلتي التي أردّدها وردّدتها على مسامع من التقيت، وقوامها «ان السياسة ليست إدارة تحالف تكتيكي بين حليفين استراتيجيين ولا إدارة خلاف تكتيكي بين خصمين استراتيجيين، بل هي إدارة خلاف تكتيكي بين حليفين استراتيجيين، وإدارة تفاهم تكتيكي بين خصمين استراتيجيين»، مستذكراً أنني لجأت الى هذه المعادلة في مخاطبة القيادتين في سورية وإيران عندما اختلفتا على دعم ترشيح اياد علاوي أو نور المالكي لرئاسة الحكومة العراقية، وكيف ابتكرا معادلة حل قوامها، السير معاً بدعم المرشح الذي يستطيع داعمه من الحليفين أن يقول لحليفه الآخر، أنه يضمن له ما يريده من الرئيس، وهكذا تمّ التفاهم على المالكي لأن القيادة الإيرانية قالت إنها تضمن لسورية ما تريده من العراق، بينما قالت سورية بإنصاف إنها لا تستطيع أن تضمن لإيران عبر علاوي ما تريده من العراق، وربما تكون هذه آلية صالحة في توقيت مناسب في مناقشة الخلاف الرئاسي بين ركني التفاهم!
– سمعت سماحة السيد في المساء وزدت ثقة بأن التفاهم ليس في خطر، وقد خصص السيد لتأكيد الحرص عليه والتمسك به والسعي لإدارة أي خلاف تحت سقفه، أكثر مما خصّص لأصل الموضوع وهو الرئاسة.