نساء في الظلّ
} إنعام خرّوبي
«إنّ المرأة التي تهزّ سرير طفلها بيسارها، تهز العالم بيمينها». قد تكون هذه المقولة أصبحت مألوفة وقد اعتدنا سماعها منذ الصغر، لكن لو تعمّقنا بها لوجدنا أنّ المسافة ما بين السرير والعالم هي عقود متواصلة من النضال والتضحية وبذل النفس، ولا تزال المرأة حتى اليوم تقف بينهما تمسك بيدٍ تنشئة المجتمع وباليد الأخرى العالم من دون أن ينال منها ضعف أو يتسلل إلى عزمها ملل.
لستُ هنا في معرض ذكر أسماء شخصيات نسوية نهضوية رائدة لها في الوجدان كلّ احترام وتقدير، ولا التطرق إلى الإنجازات الهائلة التي حقّقتها المرأة والظروف التي ساهمت في ذلك، أو تلك الحقوق التي انتزعتها من مُجتمع مثقل بموروثات قيّد نفسه بها قبل أن يقيّدها هي، كما أنني من ناحية أخرى لستُ بصدد الحديث عن المظلومية اللاحقة بالمرأة والتي تعيق قيامها بدورها الإنساني وتتجاهل كيانها ورسالتها، فذلك لا تتسّع له مجلدات. بل أكتفي بتوجيه تحية إجلال وتقدير إلى مناضلات منذ الزمان، من دون أن يدرين أو يقصدن، بعيداً عن ضجيج المؤتمرات وخارج الصور التذكارية والخطابات الصاخبة.
إلى امرأة هزّت العالم بصبرها وصمودها رغم الحروب والويلات والآلام والكوارث التي تعصف بأمتنا من كلّ حدب وصوب. لنساء قدّمن للوطن سنوات العمر ودموع العيون وفلذات الأكباد. لامراة تُنجب الأبطال وتحمل في كلّ يوم على كتفها المُتعب نعش زوج أو ولد أو أخ شهيد إلى المثوى الأخير…
لهنّ جميعاً تنحني الهامات إجلالاً وعرفاناً وتقديراً…