فلسطين الحرة…
} ميرنا لحود
الأرض تنتفض في وجه الاحتلال الفاشي وحكومته «المجنونة والفاسدة». فالأخيرة تُحرق وتقتلُ وتهدّد وتؤكّد بتدمير ممتلكات الفلسطينيين ومحوها والتوعّد بالاستلاء عليها. إنَّ الكيان الذي خطط لصبرا وشاتيلا يستطيع القيام بما هو أكثر وأبشع في كلّ زمان ومكان. وأجيال الصهاينة تتنشق العنف وتتتلمذ على العداوة واللاأخلاقية وهم من أنجع ما يمكن أنْ تنتجه برمجة الاستفزاز والتعدّي. يأتون جماعات جماعات إلى أحياء الفلسطينيين مخفورين بجيش مدجّج بالسلاح ليُقابَلَ بالحجارة في غالبية الأحيان ومتى توفر سلاحٌ من هنا وإمكانيةٌ من هناك ليذهب شباب فلسطين من أربعينيات وما دون برسم مسار وكلّ على ابتكاره وبما تيسّر موقعاً قدر المستطاع لدى الصهاينة.
المسألة هي أولاً إعادة الاعتبار والزخم للقضية الفلسطينية ودفع النضال إلى الأمام. مقاومة فلسطين نموذجٌ يرعب «بيت العنكبوت» الزائل قريباً لا محال، ساحبةً من السلطة المترهلة ورقة «التنسيق الأمني» وباعثةً في نفوس الأبطال الشجاعة والعزم والهمّة. لقد اعتقد الصهيوني وأذياله أنَّ فلسطين شاخت وسقطت ورقتها الوجودية إلاّ أنَّهم يتفاجأون ومعهم العالم أنَّ فلسطين التي شبّت على ستة أحرف تُطبقها بسواعد شبابها وتترجمها حرفاً حرفاً وهي نقش ووسامٌ يُطبع على صدور المناضلين بدمهم والعبارة مقدسة ألا وهي الـ «مقاومة».
وكما ورد في الكتب المقدسة، إنَّ المواجهة مع الشيطان المُحرّض والمُفسد والمدّنس مقاومته واجبٌ على كلّ مؤمن والنصر من عند الله لأنَّ الأرض المستقاة من دماء الشهداء عصيةٌ وأبية على الكذب والاحتلال مهما طال الزمان.
الدماء الزكية بادرة خير لفلسطين وشعبها بعدما داست على حقوقه وكرامته إداراتٌ وأممٌ، وتآمرت على مستقبله وثقافته وقداسة أرضه سياسات كاذبة الوعود وظلَمت كلّ مؤمن بقضيته وكبّلته حتى الموت. أما الزارعُ للفتن من أمثال «العقبة» من هنا وهناك في محاولة خنق المقاومة ستلتف عقبات حول عنقه لأنَّه ببساطة متآمرٌ والتآمر نهايته معروفة. فلسطين انطلقت في مسيرتها المباركة وقريباً ستجنِي ثمرة كفاحها ليس فقط لقافلة الشهداء إنمَّا لكافة المستضعفين من نساءٍ ورجال وأطفال وعُزّل في كلّ فلسطين.
فلسطين وشبابها يكتبون بنضالهم التاريخ المسلوب منهم ويوثّقون بالمباشر نضالهم، ما يدحض كذب الإعلام «المُعولَم» الذي يعمل لوظيفة محدّدة تقتصر على نشر الكلام النابي المحرّض والمعلومات المتنافية مع الواقع. شبّان فلسطين المقاومون يُعيدون التراث ويحافظون على العادات والممتلكات ويجاهدون في المزروعات وفي طليعتها شجرة الزيتون التي غالباً ما يقتطعها الصهيوني ظناً منه أنّه يقتطع إرث شعبٍ.
هذه المقاومة تَقهر الذي «لا يُقهَر» ومهما حاول الصهاينة أخذ الرأي العام إلى متاهاتٍ لتصويب الأضواء على ما يريده ويحقق أهدافه الخبيثة فلن يفلح في قلع مقاومة جبّارة ومحقّة. ضرب حوارة ما هو إلاَّ نموذجٌ لكن الرّد الفلسطيني له نمط مختلف ويؤتي بثمار مرجوّة دون علم مسبق لأنَّ البغتة هي عامل أساسيٌّ. في ظلّ عالم «قادة الغباوة والمجانين» سواء كان لدى الصهاينة أم في الغرب وهذا واضح في التصريحات والأعمال والتصرفات الشخصية لكلّ منهم، انتقل الصراع من فلسفة إلى فلسفة من نوع آخر. لقد دخل الصراع للمقاومة إلى النوعي والمفصلي، ما يعني الاستمرار في المقاومة بغضّ النظر عن التظاهرات «الإسرائيلية» التي تعمّ شوارع المناطق المحتلة المناوئة للحكومة الفاشية. وهذا لأنَّ المقاومة غيرُ معنية بالسياسات الداخلية للمحتل ولا بقوانينه التي سيطرت على حقوقه وممتلكاته ومستقبله أصلاً. فالمقاومة معنيةٌ بالنضال والكفاح مستمرٌ حتى النصر والتحرر ليتحقق التحرير.