العالم الجديد: أميركا أطلسية وروسيا متوسطية والصين خليجية
مهما حاول الأميركيون وجماعاتهم في المنطقة التخفيف من القيمة الاستراتيجية للتوقيع الصيني على الاتفاق السعودي الإيراني، فهي تشبه محاولات التخفيف من القيمة الاستراتيجية للتفاهم الروسي التركي الإيراني الذي بدأ حول سورية.
واقعياً تفقد واشنطن القدرة على تحريك دولتين حليفتين كبيرتين في الإقليم، هما السعودية وتركيا، وأن روسيا بقوة التحالف مع إيران نجحت في جذب تركيا للشراكة في مثلث للسياسات ورعاية المصالح الإقليمية بعيداً عن واشنطن تحول معه البحر المتوسط إلى منطقة نفوذ روسية، وزاده حضور قوى المقاومة في معادلات البحر تعقيداً بوجه الأميركيين.
واقعياً ينقل الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، أمن الخليج من التنافس الأميركي الإيراني، الى رعاية ثلاثية صينية سعودية إيرانية تفقد معه واشنطن الكثير من أوراق القوة، خصوصاً بعدما لعبت قوى المقاومة في الخليج في تعاملها مع ملف أمن الطاقة دوراً بارزاً في تظهير محدودية القدرة الأميركية.
من حيث ترغب واشنطن أو لا ترغب، فهي قد جعلت حرب الطاقة نتيجة طبيعية لحرب أوكرانيا، وإصرارها على قطع سلاسل الطاقة من روسيا، ما جعل مصدر الطاقة الوحيد القادر على منع انهيار أوروبا هو النفط والغاز الآتي من الشرق الأوسط، عبر الخليج والبحر المتوسط، ما يجعل أميركا رهينة الحفاظ على الاستقرار في المنطقتين، حتى لو كان ثمن الاستقرار التساكن مع تمرّد الحلفاء، ومع نفوذ منافس لروسيا والصين.
عمليا تتحوّل أميركا الى قوة إقليمية في الأطلسي تمسك بالربع الغربي من العالم، بينما تصعد روسيا الى مرتبة العالمية ممسكة بالربع الشمالي، وها هي الصين تتقدّم نحو الربع الجنوبي بقوة بمساندة إيران والسعودية، فيما تستعدّ للإمساك بالربع الغربي.
التعليق السياسي