عبوة (مجدو): تصدير هزائم الكيان وفشله
شوقي عواضة
على مدى ثلاثة أيّام من التكتّم الإعلاميّ وفي ظلّ تصاعد المخاوف الأمنيّة من ارتفاع نسبة العمليّات العسكريّة في عمق الكيان وفقاً لتقديرات جهازي الشاباك والموساد حيث انشغلت نخبة القيادات الأمنيّة والعسكريّة في الكيان الصّهيوني وفي مقدّمتها وزير الأمن (الإسرائيلي) يوآف غالانت، الذي ترأس المشاورات الأمنيّة المكثّفة والرّفيعة المستوى بحضور رئيس أركان جيش العدوّ هرتسي هليفي، ورئيس جهاز (الأمن الإسرائيلي العام) (الشاباك) رونين بار، ورئيس شعبة العمليّات ورئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة، وضبّاط رفيعين آخرين شاركوا في اجتماعات تقييم للعمليّة دون الكشف عن مضمونها، وسط تقديرات أشارت إلى أنّ المباحثات تمحورت حول التّفجير الذي وقع في مجدو في ظلّ فرض الكيان تعتيماً إعلاميّاً على العمليّة التي فُتح فيها تحقيقٌ في انفجار العبوة الذي ذكّرهم بانفجارات العبوات النّاسفة ضدّ القوّات (الإسرائيلية في لبنان).
وفقاً لما نقله موقع (واللا) العبري في المعلومات الأوليّة ورغم التكتّم تحدّثت وسائل إعلام العدوّ عن احتماليّة أن يكون الهجوم “قوميّاً” أيّ نتيجة للانقسام الذي يشهده الكيان من الدّاخل على خلفية المواجهة بين المعارضة وحكومة (نتنياهو) وهذا يعني أنّ الأمور بدأت بالتدحرج أكثر فأكثر والذّهاب نحو تعميق الشّرخ والأزمة وصولاً إلى ترجمة الخلاف داخل الكيان وصولاً إلى مستوى المواجهة ويبدو ذلك جليّاً وواضحاً من خلال محاولة رئيس حكومة العدوّ نتنياهو امتصاص الحملات المندّدة بإصراره على مواقفه الأخيرة ومع إبدائه تقديم بعض التنازلات للوصول إلى حلٍّ وسطيٍّ يرضي جميع الأطراف في محاولةٍ لتخفيفه من حدّة الانقسام داخل الكيان في ظلّ تصاعد الأزمة الأمنيّة وهو ما عبّر عنه وزير الحرب الصّهيوني السابق بيني غانتس مخاطباً قائلاً:
(نتنياهو توقّف لأجل الأمن ولأجل الوحدة لا تدفعوا (بإسرائيل) إلى أزمةٍ دستوريّةٍ في ظلّ وجود الأزمة الأمنيّة، ليس لديك خيار سوى التوقف(.
وهنا كان لا بدّ من إنزال نتنياهو عن الشّجرة بصورة المنتصر والمقاتل الذي يدافع عن الكيان ووجوده فكان لا بدّ من خلق عمليّة شدّ عصب للكيان وإعادة توحيد صفوفه في مواجهة تصاعد العمليّات النوعيّة العسكريّة للمقاومة الفلسطينيّة في عمق الكيان الذي شهد في الآونة الأخيرة، عدّة عمليّاتٍ ومحاولاتٍ لتنفيذ عمليّاتٍ تفجيريّةٍ وفقاً لما أعلنته القناة 13 العبريّة مشيرة إلى ارتفاع مستوى التطوّر العلميّ والتّكنولوجيّ للمنفّذين في هذه العمليّات وهذا يعني اعترافاً واضحاً بمستوى تقدّم العمليّات في الداخل الفلسطينيّ وما يؤكّد ذلك ما نقله موقع (واللا) العبري مشيراً إلى العمليّة التفجيريّة المزدوجة في القدس إضافة إلى زرع عبوةٍ ناسفةٍ في حافلة في مستوطنة “بيتار عيليت”، الأسبوع الماضي والتي فرّ المنفّذ بعد زرعها في الحافلة محاولاً تفجيرها عن بعد دون أن تنجح أجهزة الاحتلال الأمنيّة في العثور عليه، وكذلك الأمر بالنّسبة إلى عمليّة مجدو التي قد تكون إحدى عمليّات المقاومة الفلسطينيّة والتي يحاول العدوّ استغلالها واستثمارها للهروب من أزماته الدّاخلية وهزائمه المتتالية ومحاولته إعطاء بُعدٍ عملياتيٍّ أكبر للعمليّة وتقديمها كمبرّر لشنّ عملية عسكريّةٍ على لبنان أو محاولة لكسر المعادلات التي أرستها المقاومة بقوّتها وتغيير قواعد الاشتباك في ظلّ الحديث عن إصرار كيان العدوّ على توجيه ضربات للجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة التي أعلنت مراراً وتكراراً أنّ أيّة عمليّة عسكريّة تستهدفها لن يكون هناك ردٌّ محدودٌ عليها.
هي حقيقة يدركها العدوّ مثلما يدرك حقيقة تاريخيّة تقول إنّ حزب الله والمقاومة اللبنانيّة لا يختبئون خلف أصابعهم كما يفعل العدوّ بل انّ المقاومة تمتلك من القدرة والجرأة على تبنّي ما تقوم به بكلّ فخرٍ واعتزاز دون أيّة مواربة وهي نفسها تلك المقاومة التي هزمت النّخب من الجيش الذي (لا يُقهر) الذي اندحر عام 2000 وأذلّته على أعتاب عيتا الشعب ومارون الراس وهي المقاومة الحاضرة والمرابطة عند كلّ مفترق والعين السّاهرة على الوطن. وهي جاهزةٌ للردّ على أيّ عدوان أمام العالم أجمع. وعلى نتنياهو وكيانه أن يعيدا قراءة تجربتهما في لبنان.