في يوم المغترب اللبناني: لا يصحّ إلاّ الصحيح
} علي بدر الدين
شكّل انعقاد «مؤتمر اليوم العالمي للمغترب اللبناني ـ واقع وتحديات» بدعوة من نقيب محامي بيروت ولجنة حماية حقوق المغترب اللبناني في النقابة، حدثاً وطنياً واغترابياً بإمتياز، لأنه جاء في زمانه ومكانه الصحيحين، ولطالما كان عقد مثل هذا المؤتمر حاجة وضرورة بل أملاً مرتجى، وتحقق فعلاً وإنْ متأخراً ولكن كما يقول المثل «مَن يأتي متأخراً أفضل من ألاّ يأتي أبداً».
تكمن أهمية المؤتمر أنه عُقِدَ في ظروف اقتصادية ومالية قاسية وصعبة يشهدها لبنان وستكون خطيرة بتداعياتها على الحاضر والمستقبل، وأعتقد انّ توقيته لم يكن صدفة أو لتسجيل نشاط لنقابة محامي بيروت، في ظلّ الجمود الطاغي على كلّ شيء في هذا البلد، ربما هدَفَ المنظمون الى تسليط الضوء على أهمية ومكانة ودور المغتربين اللبنانيين ومؤسّستهم الأمّ الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم برئاسة عباس فواز ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، في دعم الوطن بكلّ الإمكانيات والطاقات المتاحة في كلّ الأزمات والمشكلات والانهيارات المتتالية التي عصفت بالوطن وما زالت، وما أكثرها حيث تتدفق كالشلالات على مدار السنة من دون توقف.
ويقول فواز: «إنّ الإغتراب اللبناني شكّل ضمانة اجتماعية ومالية واقتصادية، خاصة في هذه الظروف القاسية غير المسبوقة التي يمرّ بها لبنان حالياً من خلال تحويلاتهم المالية واستثماراتهم الدائمة، علماً أنّ المقيم والمغترب لا يستطيعان أن يحصلا على ما يرغبان من مدّخراتهما وودائعهما، كاشفاً عن مساهمة المغتربين في الاقتصاد الوطني بـ 38% من الناتج المحلي الإجمالي، وانّ المغتربين يمثلون ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني رغم ما تعرّض له المودعون منهم من ظلامة وضياع لمدّخراتهم وجنى أعمارهم في المصارف اللبنانية».
هذا الكلام الواضح والصريح والشفاف يرسم خارطة واقع لبنان الاقتصادي والمالي السيّئ والرديء للغاية، وربما الآتي أعظم، دون أن نغفل الجانب المضيء، حيث يؤكد فواز: «أنّ المغتربين اللبنانيين لن يتخلّوا عن لبنان رغم الظلم اللاحق بهم ولطالما كانوا وسيظلون الرافعة له ولاقتصاده، وسوف يستمرّون في استثماراتهم الإنتاجية رغم الصعاب والنكسات والمظالم، لأنّ لبنان وطنهم وعباءتهم التي يشعرون فيها بالدفء والأمان».
بعيداً عن نمطية الكلام الكثير وتقليديته الذي قاله البعض في المؤتمر عن المغتربين، فإنّ هناك أحداثاً ووقائع وسلوكيات رسمية حصلت في الماضي وخيّبت الآمال، ومنها ما حصل مؤخراً لجهة التعاطي مع بعض منتحلي الصفة أو السكوت على من يزوّر الحقائق والأرقام والتواريخ والإنجازات أو استقبال ممن اغتصبوا أو يحاولون التسلق على مواقع ليست لهم ولا من حقهم، وتحديداً ما يتعلّق بالجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وهذا أمر يجب أن يؤخذ على محمل الجدّ لعدم تكراره لأنه يسيء إلى لبنان ومغتربيه وجامعتهم الممثلة الشرعية الوحيدة لهم والناطقة باسمهم، وهي التي عقدت تسعة عشر مؤتمراً عالمياً آخرها المؤتمر الذي عقد في بيروت في 10/11/2022 وانتخب بالإجماع عباس فواز رئيساً عالمياً، وهذا ما تجسّد في مؤتمر اليوم العالمي للمغترب اللبناني الذي أكد المؤكد حضوراً وتمثيلاً وشكلاً ومضموناً وشرعية واعترافاً، وسمع فيه المؤتمرون كلاماً فوق العادة من الرئيس فواز وإصراراً منه على الوقوف دائماً إلى جانب لبنان بجناحيه المقيم والمغترب، وهذا يعني ويُثبت أنّ الجامعة واحدة وهي التي عقدت مؤتمرها التاسع عشر وانتخبت هيئة إدارية ورئيساً، وليس هناك «جامعات» أخرى لأن لا أصول لها ولا جذور، إنما فروع منتخبة وتحظى بشرعية الجامعة الأصل والأساس.
وهنا يصحّ القول إنه «لا يصح إلا الصحيح» ونقطة ع السطر.