مجهر الغرب للشرق الأوسط والعنوان سورية…
} ربا يوسف شاهين
تحركات بالجملة رافقت كارثة الزلزال الذي أصاب سورية، فالتصدّعات التي أحدثها الزلزال على مستوى القشرة الأرضية، كان كبيراً، وكذلك في السياسة، إذ تُعتبر سورية مركزاً حيوياً على المستوى السياسي بالنسبة لتموضعها غرب آسيا ما بين لبنان وفلسطين، اللذين هما جوهر الاهتمامات الغربية، والمتصلين بشكل مباشر مع الكيان الصهيوني.
فمسألة التحرك الإنساني تجاه سورية من قبل الحكومات والدول العربية، لا تنفصل عن التحركات الضمنية السياسية، فالحرب الإرهابية على سورية، كانت وما زالت الملف الأبرز لأصدقاء سورية وتحديداً روسيا وإيران، واللتين لم تنفكا عن محاولة التقريب بين الدول التي ابتعدت عن سورية في حربها الإرهابية، وخاصة العربية منها.
لكن الحدث الكبير، والكارثة الإنسانية سرّعت بالوقت من حيث المحادثات، ولنقل فتحت المجال للحديث عن الملف السوري في أعقاب تلك المحادثات، والتي جرت على مستوى وزراء الخارجية العرب، وهذا يعتبر مؤشراً إيجابياً على مستوى العلاقات الدولية، التي لا يبتعد فيها الجانب الإنساني عن السياسي، خاصة في الأزمات أو الكوارث الطبيعية، فمثلاً تشكل مصر والإمارات رافعتين مهمتين للمنطقة العربية والإسلامية بشكل عام، وها هي تونس تعلن إعادة فتح السفارة السورية على أرضها، وما زالت سورية ترحب وتشكر وتساند الجميع على كافة المستويات والجبهات السياسية المعلنة والغير معلنة، وهي التي تخوض صراعات سياسية ودولية من بعض دول الغرب الاستعماري حتى هذه اللحظة، إلا أنّ سنوات الحرب الإرهابية على سورية، كشفت زيف الادّعاءات والأكاذيب السياسية والإعلامية عليها، فما من عاقل ولو بالحدّ اليسير، إلا وأدرك أنّ سورية كانت وما زالت تدافع عن حقوقها التي انتهكتها يد المحتلّ، فما بين المحتلّ التركي والأميركي يقبع محتلّ «إسرائيلي»، يتابع اعتداءه على الأراضي السورية المحرّمة عليه دولياً، فلا يأبه لقوانين العالم الدولية التي نصّت عليها منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وما زال يرسل برسائل الحقد والدمار لإيهام كيانه بأنه القوة العظمى في المنطقة، وعلى الرغم من كلّ ما يودّ إيصاله في اعتداءاته بأنه يستهدف قوات الحرس الثوري الإيراني في سورية، إلا أنّ صواريخه المعادية، تفضح جرائمه المستمرة، وتتسبّب باستشهاد أفراد من الجيش العربي السوري والمدنيّين، وتسبّب خسائر مادية للدولة السورية، وعلى مرأى من العالم، حتى أنّ الدولة السورية في كارثة إنسانية بسبب الزلزال الكبير، وكلّ هذا في محاولة لإظهار سورية بأنها غير آمنة، لكن الحقيقة أن جُلَّ ما يَخشاه أن تنهض سورية التي تعتبر مركز محور المقاومة من جديد وبشكل أقوى من السابق، وتَستمرّ في دفاعها عن أرضها مع حليفيها الروسي والإيراني لأنها تدرك جيداً بأنّ محور المقاومة في لبنان وسورية وإيران واليمن والعراق، يُشكل تهديداً صارخاً لنواياها في تحقيق ما يسمّى «إسرائيل الكبرى» هذا المخطط الذي أوجده الصهيوني العالمي ثيودور هرتزل منذ أن أعلنت بريطانيا عن إنشاء ما يُسمّى «وطناً قومياً لليهود» في فلسطين المحتلة، واستكملت المهمة الولايات المتحدة الأميركية، فكان سِباق الغرب على منطقة الشرق الأوسط، وتَسليط المجهر على سورية، عبر حرب إرهابية كونية،
في المحصلة فإنّ ما قد حدث ويحدث وسَيحدث في المنطقة العربية والإسلامية بشكل عام، يُظهر وبكلّ وضوح، وعبر الاتفاقات التي تجري مع دول كانت منخرطة مع الغرب في الحرب على سورية كالسعودية، و»الاتفاق السعودي الإيراني» بوساطة صينية وتصريحات المسؤولين الأتراك عن رغبتهم في الحوار مع دمشق عبر وساطات «روسية إيرانية»، ورغم أنّ الباب كان مفتوحاً منذ منصة أستانا، بأنّ سورية استطاعت أن تحقق انتصاراً ليس فقط في الميدان العسكري، ولكن حتى على المستوى السياسي، فروسيا وإيران والجزائر والصين وفنزويلا، ما زالوا خير من يشهد على أنّ سورية بقيادتها الحكيمة، استطاعت إنهاء لعبة التقسيم التي كانت مرسومة لها، وأنّ الوقت كفيل بتحقيق الانتصار الكامل لسورية على كامل أراضها، عبر «الحوار السياسي» الذي اقترحته الأمم المتحدة ليكون عنوان المرحلة ما بعد العسكرية والتي احترمت أصولها الدولة السورية منذ اليوم الأول للحوار السياسي.