أخيراً شعبٌ سَيّر العادات…!
} مريانا أمين
حول كائنات فوق الطبيعة وجسد الإنسان والحيوان وبعض الأحجار والألوان وغيرها من موضوعات متنوّعة تدور تحت مظلّة المعتقدات الشعبية التي وصلت إلينا في بلاد الشرق عبر موروثات سلوكية احتلّت قلوبنا وعقولنا لنحوّلها إلى مسلمات بصرف النظر عن صحّتها.
معتقدات يصعب علينا القضاء عليها لكن! في فلسطين تحوّلت إلى مفهوم آخر، بتغيّر الظروف الزمانية والمكانية لديهم.
فعلى سبيل المثال لا الحصر:
ـ في بلاد الشرق «رشّ الملح والشعير على العريس» تحوّل عند الأم الفلسطينية إلى رش الورد والأرز على إبنها الشهيد.
أمّا «رش الملح على باب المنزل» لمنع الشيطان من دخوله، بات الفلسطيني يرشّ الملح في عيون العدو على باب البيت لمنعه من دخوله لأنه أصبح في معتقدهم الجديد هو الشيطان الحقيقي.
ـ أما بالنسبة لـ «تبخير البيوت بالأعشاب لإزالة الحسد والعين»، اليوم أطفال الحجارة يفقأون عيون العدو بحجر دون خوف من عين أو حسد.
ـ ثم «تعليق الخرز الأزرق لحماية أهل الدار من الحسد لأنه يقتل الإنسان ويوقع الجمل»، اليوم شعب الجبارين يعلّق مخرزاً في قلب العدو ليوقعه كأسلوب وقائي؛ وبدلاً من كسر ابريق الفخار كي لا يعود الشخص غير المرغوب فيه ثانية، ما زال الفلسطيني يكسر الفخار وراء الجنود ويُدلي عليه الزيت المغلي أملاً منه بعدم العودة، إلى دياره ثانية.
ـ وللأولاد وأسمائهم وتغيّرها خوفاً من حسد أو مرض فيسمّونه بغيره حفاظاً على حياته. اليوم شعب الجبارين يغيّر أسماء الطفل والشاب كي يستمرّوا في النضال لوقت أطول دون أذية من صديق قبل العدو.
ـ ولأصحاب العيون الزرقاء تاريخ من الدلالات فمثلاً «صاحب العيون الزرقاء والأسنان الفرق» التي تجلب الحسد والفال السيّئ تحوّلت بعيون الشعب الفلسطيني لعيون الغرب الزرقاء الساكتة عن أذيتهم والمشاركة بتطهيرهم العرقي.
ـ والأصعب على قلوبنا هي الأصوات كصوت «الدقّ على الخشب» الذي تحوّل الى دقّ على توابيت الشهداء كلّ يوم؛ وكصوت البوم ليلاً دليل على أنّ شيئاً ما سيحدث تحوّل لصوت الدبابات المحاصرة للمخيمات لتنذرهم باقتحام آتٍ؛ فبعد كلّ قذيفة وكلّ رشق من رصاصات الغدر يشربون من «طاسة الرعبة» كي يشعروا ببعض الأمان.
ـ ولقارئة الفنجان حصّتها في تراثنا إنْ كان في صباحاتنا أو في أغانينا الشعبية؛ لكشف الطالع ومعرفة خبايا المستقبل .اليوم! تركها شعب الجبارين لبعض العرب لأنهم على يقين أنّ التبصير لا يجلب لهم النصر بل بالعزم والإرادة فقط.
وللسوشيل ميديا والتواصل الاجتماعي حصته في هذا العصر حيث تحوّلت بعض الشعارات كعبارات «الحسود لا يسود» و «عين الحسود فيها عود» إلى عبارات أشدّ وقعاً فكم من مرة قرأنا هاشتاغ# «فلسطين قضيتي»، «لا تنسوا فلسطين» ، «لا للتطبيع» و «لا سلام مع العدو» وغيرها…
ختام القول إنّه شعب غيّر رؤيته للأمثال المتعلقة بالخرافات وبالعادات التي لا تفنى من أجل تحقيق هدفه في النصر، ومصداقية هذا الرأي هو تزايد مؤيدي القضية الفلسطينية.
لكن! بالصبر والصمود والنضال سينتصرون لأنّ الحياة وقفة عزّ فقط.