مقالات وآراء

الجامعة اللبنانية الثقافية «أمّ الصبي» والمسمّيات الأخرى وهمية ولن تدوم

‭}‬ علي بدر الدين
حالات الفلتان والتسيُّب وخرق القانون والدستور والأنظمة المعمول بها لضبط شؤون الوطن والمواطن باتت هي الطاغية والمتسيّدة، في حين أنّ الدولة ومؤسّساتها، أصبحت بحكم الأمر الواقع السياسي السائد منذ زمن وبفعل فاعلين الحلقة الأضعف، والجميع يستقوي عليها ويقضي على حضورها ويضعف هيبتها ويلغي تأثيرها في مجمل الأحداث التي تشهدها البلاد والعباد وكأنها غير موجودة وغير معنية بكلّ ما يحصل، حتى بلغ الأمر بأنّ اللبنانيين أصبحوا يعيشون في «حارة كلّ من إيدو إلو»، من دون أيّ غطاء رسمي سلطوي اقتصادي مالي تعليمي صحي اجتماعي معيشي إلا في حالات محدّدة ربما لا تستحق الإشارة إليها لأنها تساوي صفراً أمام الانهيارات المتتالية في كلّ القطاعات وعلى مختلف المستويات.
الأسوأ في ما يحصل من تدهور وانحدار وتردٍّ في غير مجال وقطاع أنّ كلّ فئة أو مجموعة أو جماعة فتحت لنفسها ومصالحها حساباً خاصاً بها، كما فتحت شهيتها على إنشاء جمعيات ومؤسسات وهيئات وروابط بالمئات ربما بالآلاف من دون أية ضوابط قانونية…
وللأسف فإنّ هذا الفلتان تمدَّد وتعمّم ليصل فعله وصداه إلى الاغتراب اللبناني الذي لطالما كان بمنأى عن «خزعبلات» الداخل وألاعيبه، واستغلال ضعف الدولة أو إضعافها لتمرير ترخيص جمعية لا تحوز على الشروط القانونية المطلوبة، حيث يشهد هذا الاغتراب الناجح جداً والمترامي والمتجذر في الأزمنة والأمكنة منذ عقود طويلة، حالات خروج عن سياقه التاريخي وثوابته الوطنية الراسخة، بإقدام البعض ممن لا يفقهون بالاغتراب ورسالته وجوهره ومعناه ودوره وأهميته بالنسبة للوطن الأمّ واقتصاده، على استدراج عروض لإنشاء جمعيات يُطلق عليها زوراً وخداعاً اغترابية، من دون توفّر ايّ حيثية قانونية أو شرعية لها، وقد تتجاوز المائة تحت عناوين ومسمّيات «ما أُنزل بها من سلطان»! وتنبت في لبنان وخارجه كالفطر من دون أن «يُعرَف لها حرف من طرف» ومن دون هيكلية تنظيمية وإدارية وقانونية تتيح لها تمثيل المغتربين اللبنانيين في أية دولة، ومن دون معرفة هويتها الاغترابية والوطنية ولا أهدافها وأجنداتها!
والمؤسف أنّ نواباً ووزراء ومسؤولين في الدولة يستقبلون هؤلاء وينوّهون بهم وهم لا يعرفون عنهم أيّ شيء، وكلّ ما يهمّهم ويغريهم هو الاسم والصفة، فضلاً عن قيام الإعلام الرسمي وبعض الخاص بالتسويق والترويج لمثل هذه الجمعيات التي تدّعي أنها تمثل المغتربين وتنطق باسمهم بنشر أخبارها ومواقف من يزعمون أنهم رؤساؤها بالكامل كأنها منزّلة ومقدّسة.
الجيل الاغترابي اللبناني المخضرم شهد على ولادة رسمية وقانونية وشرعية للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم برعاية وحضور الرئيس الراحل فؤاد شهاب في العام 1960 وقد أكد نظامها الأساسي على أنها «غير سياسية وغير عنصرية وغير طائفية وأنها الممثلة الشرعية الوحيدة للمغتربين اللبنانيين في العالم» وهي «أمّ الصبي» الحريصة جداً على جناحي الوطن المقيم والمغترب، هي الجامعة التي رغم كلّ الاستهدافات ومحاولات التمرّد والتصويب عليها من أصحاب المشاريع والأجندات الخاصة بقيت صامدة حيَّة راسخة في وجدان المغتربين وعقولهم وسلوكهم الوطني الإغترابي الوحدوي، وقد ازداد الإلتفاف حولها والاقتناع بها خاصة خلال المؤتمرين العالميين الأخيرين الثامن عشر والتاسع عشر حيث تمّ انتخاب عباس فواز رئيساً عالمياً فيهما ما أضفى على الجامعة ثقة مطلقة على قاعدة اختيار الرئيس فواز والهيئة الإدارية الجديدة لقيادة سفينة الجامعة والاغتراب، الذين قدّموا الكثير وحققوا إنجازات وأقاموا نشاطات ودعموا مؤسّسات وجماعات وأفراداً.
يؤكد مصدر في الجامعة أنّ مسيرة العمل والفعل والعطاء مستمرة رغم محاولات العرقلة والتصويب وتشتيت الطاقات الاغترابية بانتشار جمعيات وهمية تسمّى اغترابية وهي أو معظمها لا يملك أيّ مسوّغ قانوني أو شرعي، معتبراً أنّ ما يحصل على صعيد انتشار ما يُسمّى بالجمعيات الاغترابية لن يدوم طويلاً وهو مرتبط بطبيعة الحال بمجمل الأوضاع غير المستقرّة في لبنان على كلّ الصعد وفي كلّ القطاعات…

Related Articles

Back to top button