إجبار العدو الأميركي على الانسحاب من سورية!
} د. محمد سيد أحمد
ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التمركز الأميركي غير الشرعي على الأرض السورية، ولن تكون الأخيرة بالطبع. فما تشهده الأيام الأخيرة من تطوّرات تؤكد أنّ العدو الأميركي سوف يُجبَر على سحب قواته المحتلة للأرض السورية. وهنا لا بدّ من التذكير بأنّ هذا العدو الأميركي على مدار تاريخه العدوانيّ لم ينسحب طواعية من أيّ دولة قام بالعدوان عليها. فحقائق التاريخ تؤكد أنّ انسحابه من فيتنام كان تحت ضغط المقاومة الفيتنامية التي قتلت ما يزيد عن 50 ألف جندي أميركي. والأمر نفسه تكرّر في أفغانستان حيث تكبّدت قواته خسائر فادحة اضطرته مؤخراً لانسحاب مهين…
وبالطبع لا يمكن أن ننسى انسحابه من العراق تحت ضغط الضربات الموجعة من المقاومة التي كبّدت قواته خسائر هائلة.
واليوم تُستهدَف القواعد العسكرية الأميركية غير الشرعية على الأرض السورية بطائرات مُسيّرة وتُقصف بصواريخ جعلته يفقد صوابه، وبعدما صوّت الكونغرس الأميركي برفض الانسحاب من سورية فسوف يُضطر تحت ضربات المقاومة البطلة والشجاعة للانسحاب صاغراً كما تعوّد دائماً.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد خاضت حربها العدوانية على سورية منذ مطلع العام 2011 ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، والذي تسعى من خلاله لتقسيم وتفتيت الوطن العربي، ولم تدخل الولايات المتحدة الحرب مباشرة بل دخلتها بطريقة غير مباشرة عن طريق الوكلاء الإرهابيين فقد قامت بتجنيد الجماعات التكفيرية الإرهابية التي تعمل تحت رعايتها تاريخياً، وساعدتها في الدخول للأرض السورية عبر وكلائها من الأنظمة المتاخمة للحدود السورية، وبالفعل تمّ جلب آلاف الإرهابيين من كلّ أصقاع الأرض لخوض حرب شوارع وعصابات في مواجهة الجيش العربي السوري، في معركة يعلم الأميركي جيداً أنها لن تكون في صالح أيّ جيش نظامي، فقد هُزم الجيش الأميركي بقواته النظامية في فيتنام، ثم أفغانستان، ثم العراق في مثل هذا النوع من الحروب، لكن خاب ظن العدو الأميركي حيث نجح الجيش العربي السوري في مواجهة جحافل الإرهاب وتمكن مع الحلفاء من تجفيف منابع الإرهاب على كامل الجغرافيا العربية السورية، في معركة طويلة الأمد سوف تدرّس في كبرى الأكاديميات العسكرية العالمية، ومع فشل الوكلاء الإرهابيين على الأرض حاول الأميركي تجنيد بعض القوى الداخليّة الخائنة والعميلة والتي باعت وطنها لصالح العدو الأميركي والتي تمثلت في قوات قسد الانفصالية الكردية.
لم يكتف العدو بذلك بل قام بإدخال قواته العسكرية ليحتلّ بعض الأراضي العربية السورية ويفرض سيطرته على بعض الموارد الاقتصادية الهامة للدولة العربية السورية وفي مقدّمتها مصادر الطاقة، حيث تمّت السيطرة على آبار النفط في منطقة الجزيرة بشمال شرق سورية، وتتمّ سرقة النفط ونقله بواسطة صهاريج للقواعد الأميركية في العراق.
ولم تقف الدولة السورية مكتوفة الأيدي أمام هذا العدوان الأميركي المباشر على أراضيها وعلى مدار السنوات الماضية تطالب الحكومة العربية السورية قوات الاحتلال الأميركي بالانسحاب والكفّ عن العدوان وسرقة النفط السوري، والعدو الأميركي لا يستجيب لكلّ المناشدات السلمية ويؤكد كذباً وزوراً أنّ وجود قواته لمكافحة الإرهاب على الأرض السورية، في حين أنّ العالم أجمع قد أصبح الآن على يقين من أنّ الولايات المتحدة الأميركية هي الراعي الرسمي للإرهاب في العالم…
وجاءت الضربات الصاروخية الأخيرة للمقاومة ضدّ القواعد الأميركية لتؤكد بأنّ مرحلة جديدة من المقاومة المسلحة ضدّ قوات العدو الأميركي قد بدأت بالفعل لإجباره على الانسحاب، في وقت تتغيّر فيه الخريطة الإقليمية والدولية بشكل متسارع. فالعدو الأميركي يفقد قطبيته الأحادية للعالم في ظلّ تصاعد الدور الروسي والصيني ليتحوّل العالم بفضلهما إلى عالم متعدّد الأقطاب، وفي اللحظة نفسها يتقدّم القطبان الجديدان ليعيدا ترسيم خرائط إقليمنا ليفقد العدو الأميركي جزءاً مهماً من تحالفاته الاستراتيجية في الإقليم…
ففي الوقت الذي تمكّن القطب الصيني من عقد اتفاق مبدئي لإنهاء النزاع الإيراني ـ السعودي، يسعى القطب الروسي لعقد اتفاق سوري ـ تركي لإنهاء الاحتلال التركي للأراضي العربية السورية، وهو ما يجعل تحرك المقاومة تجاه القواعد العسكرية الأميركية في سورية مقدّمة طبيعية لإنهاء حالة الاحتلال، بعدما تأكد العدو الأميركي أنّ مشروعه قد هُزم على الأرض السورية، ولم تتوقف الهزيمة عند هذا الحدّ بل هُزم مشروعه في الإقليم، وتراجع دوره بشدة على الساحة الدولية، اللهم بلغت اللهم فاشهد.