زيلينسكي سقوط باخموت يعني أن الجيش سيفقد الروح القتالية وستفرض علينا التسوية / تأزم العلاقة بين بايدن ونتنياهو… وواشنطن تضع نتنياهو بين خياري التضحية بحلفائه أو الرحيل / رئيس أركان الجيوش الأميركية: لا نستطيع التعامل مع حرب تجتمع فيها روسيا والصين وإيران /
كتب المحرّر السياسيّ
قال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إن معركة باخموت سوف تقرّر مستقبل الحرب في أوكرانيا، مشيراً إلى أن تأخر المساعدات الغربية المطلوبة عسكرياً لتحقيق التوازن المطلوب بوجه القوات الروسية سوف يعني خسارة باخموت، وإن هذه الخسارة إذا وقعت سوف تخلق حالة معنوية يصعب معها انتظار القدرة القتالية للجيش الأوكراني الذي حوّل باخموت إلى رمز صموده وثباته، بحيث صارت خسارتها بداية تراجع يصعب تفاديه، مضيفاً أن الخسارة ستفتح الطريق نحو تسوية تفرض على أوكرانيا.
بالتوازي كان رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال مارك ميلي يتحدّث أمام الكونغرس عن خطورة التحدي الاستراتيجي الذي تمثله عسكرياً كل من روسيا والصين، وهذه الخطورة تصبح مضاعفة إذا كانت روسيا والصين في حلف عسكريّ. ويضيف الجنرال ميلي أنه لا يتخيل صعوبة الأمر إذا وقعت حرب كانت فيها روسيا والصين معاً، ثم يستطرد فكيف اذا كانت إيران معهما، حيث سيصبح فوق قدرة الجيوش الأميركية التعامل مع وضع كهذا.
فيما تفسر تصريحات زيلينسكي وميلي تقدير الموقف الاستراتيجي دولياً، تعتقد مصادر دبلوماسية غربية أن واشنطن تحتاج الى تهدئة ملفات المنطقة بأي ثمن، وأن هذا ما يفسّر صمتها على مضض تجاه سلوك حلفاء مثل تركيا والسعودية بالانفتاح على خصوم أميركا وفي طليعتهم روسيا والصين ومنحهم ميزات على حساب النفوذ الأميركي التقليدي. وتعيد المصادر هذا الصمت الى الرغبة الأميركية بتفادي انفجار ضخم في المنطقة قد تتسبب به رعونة الحكومة الإسرائيلية، هو الذي يفسر وقوف واشنطن بقوة بوجه التعديلات القضائية التي يسعى إليها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وحلفائه، لاستكمال وضع اليد على قرارات يرجح أنها سوف تشكل مدخل الانفجار الكبير، سواء بشرارة تنطلق من الداخل الفلسطيني رداً على التوحش الإسرائيلي، أو نتيجة اندلاع مواجهة بين جيش الاحتلال ودول المنطقة على خلفيات مختلفة، من إيران الى سورية فلبنان. وتعتقد المصادر أن واشنطن ستفعل ما يلزم لمنع حدوث هذا الانفجار، وهي لذلك ستضغط عبر الشارع والجيش والمعارضة داخل الكيان حتى يتم إيصال نتنياهو إلى أحد خيارين، التخلي عن حلفائه لصالح ائتلاف حكومي جديد بدونهم، بضمّ نتنياهو رموز الحكومة السابقة، أو المضي قدماً بالضغط وصولاً إلى انتخابات مبكرة تطيح بنتنياهو عبر نزع الأغلبية النيابية من الائتلاف الحكومي الحالي.
وبعدما نجا لبنان من فتنة الساعة و«توقيت الطوائف»، ومن قطوع الاشتباك في مجلس النواب بين النائب علي حسن خليل ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل، يبدو أن البلد سيدخل في عزلة عن العالم قريباً بعد خروج سنترالات بشكل كامل عن شبكة الإنترنت والاتصالات بسبب استمرار الإضراب المفتوح الذي نفذه موظفو هيئة «اوجيرو».
وقد خرجت سنترالات المتن الأوسط، جل الديب، المريجة، سن الفيل، اليسار، العمروسية، حلبا، شتورة والدامور من الخدمة، واشتكت مناطق عدة من انقطاع الإنترنت والاتصالات ما أثر على أعمالهم اليومية.
وحذّر وزير الإتصالات جوني القرم، من أن «الوضع خطير جداً على صعيد الإنترنت، وشركتا ألفا وتاتش مهددتان بالتوقف عن العمل ما سيعزل لبنان عن العالم»، ودعا القرم، مجلس الوزراء، الى «الاجتماع في أسرع وقت لحلّ مشكلة الإنترنت والاتصالات لأنّ الأمر يتجاوز صلاحيّتي».
وسأل القرم في مؤتمر صحافي بحضور مدير عام هيئة اوجيرو عماد كريدية: «هل يجوز إعلان الإضراب وأنا كوزير مسؤول أخوض مفاوضات، وأحاول فتح الأبواب لأجل الوصول إلى حل يُرضي الموظفين؟ هل يُعقَل أن يعلن الموظفون الاضراب ضاربين بعرض الحائط ما أقوم به من اتصالات واجتماعات لإنهاء هذا الملف وغير آبهين بالـ٥ ملايين لبناني بينهم أخوتهم وأخواتهم وأبناؤهم الذين لا يستطيعون الاستغناء عن خدمات القطاع؟». واعتبر أن «إعلان إضراب الموظفين هو بمثابة قرار متسرّع اتّخذتْه النقابة في وقت لم ينتظروا ما ستؤول إليه المساعي والحلول، علماً ان اي قرارات لزيادة الرواتب والأجور لا تخضع إلى سلطتي أبدًا بصفتي وزيراً للاتصالات، انما هي أمور مناطة حصرًا بمجلس الوزراء مجتمعًا، ولا يمكن قانونياً ومن موقعي أن أُقرَّ هكذا مطالب كهذه منفردًا».
بدوره، أشار كريديّة إلى أن «الإضراب لم يكن متسرّعاً إنّما قرارٌ مفاجئ»، مشدداً على أنه يدعم الإضراب. وأضاف في حديث صحافي: كان هناك جوّ من الامتعاض بين الموظفين»، لافتاً إلى أن «الحديث عن تخريب مكوّنات الشبكة غير صحيح». كما أكدت رئيسة نقابة موظفي أوجيرو اميلي نصار بعد مؤتمر القرم، ان الإضراب مستمرّ والوعود لا تكفي.
وعلمت «البناء» أن المفاوضات بين وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو مع موظفي الهيئة مستمرة، لكنها لم تخرج بحلول ترضي الموظفين الذين يطالبون بتحسين رواتبهم وصرفها على سعر صيرفة 28 ألف ليرة وليس 90 ألفاً، فضلاً عن منحهم بدل نقل إضافي حتى يتمكنوا من الحضور الى مكاتبهم. وكشفت المعلومات أن سنترالات إضافية قد تخرج عن الخدمة تباعاً خلال الأيام المقبلة، لكون الموظفين يتجهون في إضرابهم وتحركاتهم تدريجياً وما خروج سنترالات عن الخدمة أمس، سوى رسالة للوزارة والحكومة ستكون هناك رسائل أخرى»، كما علمت «البناء» أن وزير الاتصالات أبلغ الجميع بأن الموضوع ليس عنده وأكبر من طاقته وهو عند الحكومة التي لا تستطيع الاجتماع بسبب الخلافات السياسيّة.
وبعد انحسار زوبعة التوقيت، أشارت أوساط حكومية لـ»البناء» الى أن «رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مستمرّ بتحمل مسؤولياته ولن يعتكف في الوقت الراهن لكنه لا يتحمّل مسؤولية عرقلة مؤسسات الدولة والخلافات السياسية ومن غير المقبول تحويل الحكومة الى شماعة لتعليق كل الشوائب ومشاكل البلد عليها في وقت الجميع يعلم أن المشكلة في مكان آخر، عند المجلس النيابي والكتل النيابية وتحديداً الكتل النيابية المسيحية التي عليها الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الفراغ الرئاسي». وأبدت الأوساط استغرابها إزاء ازدواجية بعض الجهات في تعامل مع قرارات الحكومة ورئيسها، فترفض قرار تأجيل التوقيت الصيفي وتعود لتؤيد قرار الحكومة اعتماد التوقيت الصيفي، وشددت على أن تراجع ميقاتي ليس تخلياً عن صلاحياته الدستورية وموقعه بقدر ما هو حرص على السلم الاهلي والاستقرار.
ولفتت الأوساط الى أن «تهور بعض الجهات التي عملت من الحبة قبة أطاحت بجلسة مجلس الوزراء التي كانت مخصصة لمناقشة دراسة وزير المالية لتحسين رواتب الموظفين، كاشفة أن ميقاتي ممتعض حتى القرف مما آلت اليه الأوضاع خلال الأيام القليلة الماضية، وبالتالي لن يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء وكأن شيئاً لم يكن، بل على القوى السياسية كافة تقدير الدور والجهد الذي يقوم به ميقاتي في الإطار الضيق لتصريف الأعمال في لجم الانهيار وتوفير بعض مقومات الصمود لتمرير المرحلة حتى انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة انتظام عمل الدولة والمؤسسات».
وغادر ميقاتي إلى السعودية مع عائلته لأداء مناسك العمرة وقبيل مغادرته التقى ميقاتي السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الذي شدّد على ضرورة مواصلة الجهود المشتركة لحضّ قادة لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية، والمضي قدماً في الإصلاحات الجذرية.
وكان الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، استقبل ميقاتي، في مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي. ولفتت مصادر ميقاتي وفق مصادر إعلامية الى أن «هذا اللقاء كان مقرراً قبل سفر البخاري منذ أسبوعين بشكل مفاجئ الى السعودية حيث ألغيت جميع مواعيده في حينه بهدف التشاور في الرياض، وللمشاركة في الاجتماع السعودي الفرنسي في باريس».
وأكدت أن ميقاتي «سيعود الى بيروت بعد يومين حيث لن يستكمل رحلته الى الخارج كما سبق وتردّد»، لكنها لفتت الى أن «رئيس حكومة تصريف الأعمال سوف يكون متشدداً في التعاطي مع المسائل السياسية تحديداً ليشرك الجميع في المسؤوليات».
على صعيد آخر، علمت «البناء» أن ميقاتي اتصل بوزير المال يوسف خليل الجمعة الماضي وسأله عن دراسته للواقع الاقتصادي والمالي وحول القطاع العام وآلية زيادة الرواتب، فأكد خليل أنه الدراسة جاهزة وسيعرضها على مجلس الوزراء في جلسته التي كانت مقررة الاثنين الماضي قبل أن تطيح بها الخلافات حول التوقيت»، وعلمت أن الدراسة تتضمن منح الموظفين راتباً إضافياً و5 ليترات بنزين عن كل يوم حضور، لكن وفق سعر صيرفة 90 ألفاً وليس 28 كما يطالب الموظفون.
وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة نفى في بيان ما «تتناوله بعض وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام أن تكون صيرفة ابتداءً من اول الشهر المقبل حكرًا على الشركات وليس الأفراد او انها ستتوقف، مؤكداً أن «العمليات على منصة Sayrafa مستمرة كالمعتاد ومرتكزة على المادتين ٧٥ و٨٣ من قانون النقد والتسليف».
وراوح الملف الرئاسي مكانه وسط ترقب وانتظار للجهود الفرنسية مع السعودية لتسهيل التسوية الرئاسية في لبنان، وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بأننا «لم نلتزم مع أحد بتسمية خلال كل فترة الحديث عن الرئاسة، بل كنَّا نقول لمن يسأل عن عدم حسم الموقف وأنَّنا لا زلنا نفكر، ثم في مرحلة أخرى حسمنا خيارنا من دون إعلان الاسم، ثم جاءت مرحلة ثالثة تمَّ فيها الإعلان من خلال سماحة الأمين العام السيد حسن نصرالله». لفت قاسم في تصريح له، الى أنه «في كل هذه المراحل الثلاث لم نَعِدْ أحداً بأن يكون موقفنا مرتبطاً بموقفه أو بتسميته أو بآرائه أو بقناعاته».
بدوره، اعتبر رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط أنّ «الوضع في لبنان من سيئ إلى أسوأ اقتصادياً ونقدياً، لأن المسؤولين عن الحكم لا يريدون المُعالجة الجذرية، والأقطاب لدى اخواننا الموارنة قالوا علينا انتخاب رئيس، لكنهم مختلفون وكل منهم لديه شروطه على الآخر، أما الثنائي الشيعي فأعلنوا ترشيحهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وأنا مع التسوية وانتخاب رئيس يُعطي أملاً ببداية إصلاح سياسي واقتصادي».
ولفت إلى «أنني أعطي مثلاً عن وضع الجيش اللبناني، فراتب العسكري ألف دولار أميركي في الشهر قبل الأزمة، لكننا نرى اليوم المساعدات التي تأتينا من أميركا للجيش اللبناني والتي تبلغ قيمتها 100 دولار شهرياً، انظروا أين كان الجيش وأين أصبح. لذلك سمحوا للعسكر بأن يعمل خارج خدمته. وهذا أمر مخيف».
وعن الوضع الداخلي للطائفة الدرزية، أشار إلى أنّه «طبعاً هناك آراء مختلفة، وعلاقتي مع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان جيدة، وكل منا لديه وجهة نظر معينة، ورئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب موجود، ولا أحد يستطيع إلغاء الآخر، ولكن أي تفكير بدولة درزية هو انتحار فلا أفق لنا ولا مستقبل وليس لها معنى، فنحن حيث نحن، وعلينا الصمود بطرقنا، ويبقى ولاؤنا للأرض المتواجدون عليها ولا نقبل بمشاريع الاستعمار اليهوديّ».
على صعيد آخر، حدّد قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا جلسة في 6 نيسان المقبل لاستجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعدما استكمل دراسة الملف. ولفتت المعلومات إلى أن «القاضي أبو سمرا استعان، غداة تسلّمه الملف، بثلاثة خبراء محاسبة اختصاصيين لإلقاء الضوء شفهياً في شأن نقاط تقنية عند الاقتضاء من دون تكليفهم من المحقق الأول بأي مهمة».