الأرض في عقيدتنا لها كلّ أيام العمر…
} سماح مهدي*
يؤمن السوريون القوميون الاجتماعيون بأنه لا خير ولا ارتقاء بلا الأرض. ويعتقدون ـ من العقيدة ـ أنهم من الأعزاء الذين يفتدون الأرض فيكسبونها، وأنهم خير من يواجه الأذلاء الذين ما كلفوا أنفسهم عناء الدفاع عنها والحفاظ عليها.
فقضية أرضنا القومية فيها كلّ الحق والخير والجمال والعدل. من أجل هذا يذهب مئات بل ألوف من الرفقاء وأبناء شعبنا ـ طائعين مختارين ـ إلى ساحات الجهاد، فمنهم من يرتقي شهيداً ومنهم من يُجرح، وغير قليل منهم من يُؤسر. إلا أنّ كلّ تلك التضحيات تمسي بسيطة لأننا مقتنعون بأنّ عملية محق كيان عصابات الاحتلال هي صراع طويل شاق وعنيف يتطلب كلّ ذرة من قوانا.
ليس خفيّاً على أحد أنّ أولى مصالحنا هي صيانة كلّ شبر من أرضنا القومية التي عليها نحيا، ومنها نستمدّ موارد الحياة. لذلك، لم يقتصر صراع الوجود الذي نخوضه ضدّ كيان العدو عليه وحده، إنما هو صراع اتسع ليشمل دولاً أجنبية كثيرة دفعتها مصالحها إلى إنشاء الكيان الغاصب وتبنّيه وبذل إمكانياتها لتثبيت وجوده.
ولأنّ تلك الدول الاستعمارية تعلم علم اليقين أنها أقامت على أرضنا ـ غصباً ـ كياناً اغتصابيّاً سرطانياً، فهي سعت إلى إيجاد تسوية «تشرعن» بموجبها وجود ذلك الكيان على جزء من أرضنا القومية. تسوية تتضمّن إرغامنا على التنازل عن قطعة من بلادنا في مقابل ما يسمّونه زوراً «السلام».
لكن يبدو أنّ هؤلاء الاستعماريين لم يتوقعوا أن يواجهوا في هذه الأمة من يؤمن بأنّ الوطن ملك عام لا يجوز ـ حتى ولا لأفراد منه ـ أن يتصرفوا بشبر من أرضه تصرفاً يلغي أو يمكن أن يلغي فكرة الوطن الواحد وسلامة وحدة هذا الوطن. وأكثر من ذلك، لم يتوقع الاستعماريون والمحتلون أن يتصدّى لهم من يؤمن بأنّ الوطن هو ملك لكلّ أجيال الأمة على تعاقبها، السابقة والحالية والقادمة، مما يجعل التنازل عن ذرة تراب منه جريمة تنحدر إلى مستوى الخيانة العظمى التي لا تمحى من سجلات التاريخ.
ولأننا نتسمك بهاتيك المبادئ التي ما حدنا عنها يوماً، وضعنا في هذا الصراع كلّ سلامتنا، كلّ مصالحنا، كلّ شيء عندنا، فنحن نؤمن بأنّ الحياة التي تليق بأبناء شعبنا وأمتنا ليست إلا حياة حرية وعز.
ولأنها بوصلة الجهاد، وقبلة الصراع، وبؤرة النضال، ولبُّ الكفاح، اختصرت سورية الجنوبية ـ فلسطين «يوم الأرض» في الثلاثين من آذار بعد أن ثبّتته يوماً للبطولة والفداء في العام 1976 بانتفاضة مدن وقرى الجليل والمثلث الفلسطينية من سخنين مروراً بعرابة وصولاً إلى دير حنا وسواها. فكُتبت في التاريخ صفحة من نور بدماء الشهداء خديجة شواهة ورجا أبو ريا وخضر خلايلة وخير ياسين ومحسن طه ورأفت زهيري.
من أجل تلك الأرض ارتبطنا بعضنا ببعض، وربطنا أرواحنا بعضها ببعض، نقاوم في سبيل إنجاز التحرير. فهي تريدنا عصبة واحدة أينما سرنا وكيفما توجهنا. ونحن استجبنا لأننا نجزم بأنّ مصير الأمة بأسرها مربوط بخفقات قلوبنا، ودوران دمائنا، ومتانة أخلاقنا وإيماننا، ووحدة بندقيتنا ومقاومتنا.
عذراً منك «الثلاثين من آذار»، ففي عقيدتنا الأرض لها كلّ أيام العمر، ويا ليتها تكفيها…
*ناموس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي