نيويورك تواجه اليوم امتحان محاكمة ترامب… وواشنطن غاضبة من «أوبك بلاس»/ موسكو تستضيف أول اجتماع للرباعية… ومفاوضات صعبة حول البيان السياسي/ الخليفي في جولة استطلاع وتأسيس للحضور في الملف الرئاسي وعرض المساعي/
كتب المحرر السياسي
تواجه نيويورك اليوم امتحاناً صعباً في القدرة على ضبط الشارع الذي زحف إليها من أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يمثل أمام المحكمة بتهم جنائية تتصل بملفات مالية وأخلاقية، فيما تفيد استطلاعات الرأي انّ شعبية ترامب ارتفعت بدلاً من أن تنخفض رغم الطابع المشين للاتهامات التي لا ينكر ترامب حدوثها لكنه يعارض الوصف الجرمي لها، ويعتبر التجريم استهدافاً سياسياً متصلاً بالانتخابات الرئاسية المقبلة، ويشاركه هذا التقييم قادة الحزب الجمهوري ونوابه بمن فيهم المرشحون المنافسون لترامب على نيل تفويض الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية في 2024.
في موسكو التي ودّعت الرئيس الصيني على اتفاقات استراتيجية بين روسيا والصين كشركاء في معركة مواجهة الهيمنة الأميركية وشركاء إقامة معادلة عسكرية تعيد التوازن الى الوضع الدولي، وشركاء في تعاون اقتصادي تكاملي يرفع ميزان التبادل التجاري والاستثماري بينهما الى أضعاف ما هي عليه، هي موسكو التي تتابع يوميات الحرب في أوكرانيا على إيقاع إثبات لاجدوى الدعم الغربي المفتوح لأوكرانيا أملاً باستنزاف الجيش الروسي، حيث تشكل معركة باخموت المفصل الحيوي في مسار الحرب الذي بات هناك إجماع على أنّ الوجهة التي ستنتهي اليها معارك المدينة سوف تطبع مستقبل الحرب بطابعها، وهي موسكو التي تواصل مساعيها لإنجاز المصالبحة السورية ـ التركية، وتستضيف لهذه الغاية الرباعية الروسية الإيرانية التركية السورية على مستوى نواب وزراء الخارجية، في مفاوضات سورية ـ تركية صعبة للوصول الى بيان سياسي يتيح انعقاد الرباعية على مستوى وزراء الخارجية تمهيداً لعقد قمة تضمّ الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب أردوغان، في ظلّ اشتراط واضح وضعه الأسد ويعمل نواب الوزراء على صياغته، بالتزام تركيا بالانسحاب من الأراضي السورية، لتعقد القمة الرئاسية على أساسه.
في بيروت بدأ وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية، محمد بن عبد العزيز الخليفي، جولة تمتدّ لأيام وتشمل العديد من الشخصيات والزعامات اللبنانية، في ما وُصف بجولة استطلاع تحجز للدوحة مقعداً في الطاولة الدولية الإقليمية حول الرئاسة اللبنانية، التي تشكل الخماسية التي تشارك فيها قطر وتجتمع في باريس أبرز تجلياتها، وتقول مصادر تابعت زيارة الوزير القطري إنّ الجولة الاستطلاعية لا تخلو من إبداء الاستعداد للمساعدة واستكشاف طبيعة المساهمة المطلوبة من قطر، بما في ذلك فرضية استضافة لقاءات لبنانية مصغرة أو موسعة، وسط أجواء الترقب لنتائج لقاءات باريس التي عقدها الوزير السابق سليمان فرنجية، وما سيكون عليه الموقف السعودي بضوئها.
فيما تخيّم حالة من الاسترخاء السياسي والهدوء الأمني جراء استقرار نسبي في سعر صرف الدولار الأميركي، ملأت زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الفراغ الداخلي.
وأشارت مصادر «البناء» الى انّ زيارة الموفد القطري تأتي في سياق اهتمام قطر بالوضع في لبنان وباتخاذ الإجراءات والقرارات لتعزيز الاستقرار السياسي والأمني في لبنان من خلال إنجاز الاستحقاقات الدستورية لا سيما رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة لإقرار الإصلاحات السياسية والمالية والاقتصادية لوضع خارطة النهوض الاقتصادي بدعم أصدقاء لبنان من الدول العربية والخليجية والجهات المانحة وصندوق النقد الدولي».
ولفتت المصادر الى انّ الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في لبنان مصلحة عربية، وقطرية تحديداً، كون قطر شريكة في كونسورسيوم النفط والغاز في البلوكات الحدودية.
وأوضحت المصادر انّ زيارة الموفد القطري ليست بعيدة عن الأجواء التي تتحدث عن تبدّل في السياسة السعودية تجاه لبنان، وتهدف زيارة الموفد القطري للاطلاع على الأوضاع الاقتصادية وجسّ نبض الأطراف السياسية إزاء إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية وحثها على إنجاز هذا الاستحقاق، والمهمّ عند الدولة القطرية وفق المصادر اتخاذ القرارات اللازمة واستمرار برنامج المساعدات للحؤول دون وصول لبنان الى نقطة الانهيار الشامل والارتطام الكبير ريثما تنجز التسوية السياسية.
واستهلّ الخليفي جولته على القيادات اللبنانية بلقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا الحكومية.
وبعدها، زار الخليفي عين التينة حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري. وانتقل الموفد القطري الى دار الفتوى حيث التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان.
وجرى خلال الاجتماع استعراض الأوضاع العامة وتأكيد أهمية استقرار ووحدة لبنان. والتقى الموفد أيضاً وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب في قصر بسترس.
كما زار الخليفي بعد الظهر بكركي حيث استقبله البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
وأفيدَ أنّ الموفد القطري سيلتقي رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في مقر الكتلة.
وأشار الخليفي في حديث تلفزيوني الى أنّ «الزيارة الى لبنان تأتي في إطار تعزيز العلاقة الثنائية بين قطر ولبنان وتطويرها على كلّ الصعد، ونحن حريصون على مدّ يد العون والمساعدة للأشقاء في لبنان و»حثّهم على تغليب لغة الحوار والمصلحة الوطنية»، لافتاً الى أنّ «قطر تحرص على توحيد الجهود الإقليمية والدولية لمساعدة لبنان». وأشار الى أنّ «العمل ضمن المنظومة الدولية هو ركيزة أساسية ضمن استراتيجية قطر وسياستها الخارجية»، معتبراً أنّ «المشاركة في اجتماع باريس مهمة جداً وأهمّ النتائج التي خرجت عن لقاء باريس هي حثّ المسؤولين على ملء الفراغ الرئاسي».
كما يلتقي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الموفد القطري في معراب اليوم.
ولم يسجل الملف الرئاسي أيّ جديد بانتظار استكمال المشاورات الفرنسية مع الأطراف الدولية المتمثلة في اللقاء الخماسي ومع القيادات السياسية اللبنانية.
ولفتت أوساط مطلعة لـ «البناء» الى أنّ المباحثات التي أجراها المسؤولون الفرنسيون مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية كانت إيجابية بعكس ما أوحت بعض وسائل الإعلام بأنّ فرنسا أبلغت فرنجية بوجود فيتو سعودي عليه، موضحة أنّ فرنسا داعمة لترشيح فرنجية لأنها ترى فيه الأوفر حظاً من خلال التوازنات النيابية وكذلك نقطة تقاطع لأيّ تسوية إقليمية دولية لا سيما بين ثلاثي إيران والسعودية وسورية. مشيرة الى انّ زيارة فرنجية الى باريس لا تعني انّ الأمر حُسم، لكنه يتطلب نقاشات طويلة وزيارات عدة، غير أنّ الزيارة الأولى رسمت الخطوة الأولى لرحلة وصول فرنجية الى بعبدا.
وعلمت «البناء» في هذا الإطار انّ السعودية أبلغت الفرنسيين بأن لا فيتو لديها على فرنجية ولا على ايّ مرشح آخر لكن هناك برنامج عمل وسياسة يجب انتهاجها في لبنان لكي تقرّر السعودية دعمها للتسوية. كما علمت انّ اللقاء الخماسي من أجل لبنان والذي عقد أكثر من اجتماع فوّض فرنسا إجراء جولة مباحثات مع القيادات اللبنانية حول الرئاسة وللعودة الى اللقاء لتقييم الأوضاع والبحث بخطوات جديدة.
كما علمت «البناء» أنّ السعودية أبلغت حلفاءها في لبنان بأنها لا تضع فيتو على فرنجية، ولا على أيّ مرشح، لأنّ المنطقة تعيش أجواء انفتاح ومصالحات وتسوية للملفات وقد تنعكس إيجاباً على لبنان بأيّ وقت. وأفيدَ بأنّ اللقاء بين السفير السعودي في لبنان وليد البخاري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لم يكن إيجابياً بعدما سمع جعجع عكس ما يريد، وهذا ما يفسّر تصعيد جعجع المستمرّ، وهو أشار أمس في حديث إذاعي الى أننا «سنفعل كلّ ما بوسعنا لعدم وصول محور الممانعة إلى بعبدا وميزان القوى يسمح بذلك».
وعشية خلوة بيت عنيا الروحية النيابية المسيحية المقرّرة غداً في حريصا، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال بشاره بطرس الراعي في بكركي، السفيرة الأميركية دوروثي شيا التي زارت أيضاً عين التينة.
من جهته استقبل الرئيس بري المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا التي زارت أيضا وزير الخارجية عبدالله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزاف عون.
على صعيد آخر أعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي «أنّ وزارة الداخلية جاهزة للقيام بالانتخابات البلدية والاختيارية». وقال، في مؤتمر صحافي عقده في الوزارة، في حضور المديرة العامة للشؤون السياسية واللاجئين فاتن يونس، «نحن ملزمون بدعوة الهيئات الناخبة، واليوم أو غداً نصدر التعاميم اللازمة بخصوص الترشيح ونكرّر طلبنا بتأمين الاعتمادات اللازمة لخوض الانتخاب». واعتبر أنّ «استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية في هذه المرحلة هو تحدٍّ لنا، ونحن اعتدنا على المواجهة لمصلحة المواطن ولتطبيق القانون»، مشدّداً على أنّ «الإصرار والنيّة ضروريان لإجراء الانتخابات ولكن لا يكفي ذلك، وإصرارنا ترافق مع عمل، ونحن نطالب بتأمين الاعتمادات، والمبلغ ليس كبيراً مقابل ما أنفق في العامين الماضيين».
وإذ دعا الى «التزام الانتخابات في موعدها لأهميتها وسنلتزم بالقانون في ما يخصّ دعوة الهيئات الناخبة»، أكّد «نحن على جهوزية إدارية، والقوائم الانتخابية حاضرة، وستصدر قرارات تقسيم أقلام الاقتراع وسنصدر قرارات المهل المتعلقة بالترشيح اليوم بعد الظهر». وأضاف «كنا طلبنا من الحكومة تأمين الاعتمادات اللازمة، فالعملية الانتخابية متكاملة وندعو المواطنين والإعلام للضغط معنا، لتحقيق مصلحة المواطن والالتزام بالقانون». ورأى «انّ الإصرار والنية ضروريان للانتخابات ولكن غير كافيين، ونصرّ على الجهات المختصة لتأمين الاعتمادات لما للانتخابات من مردود كبير على المناطق». وعن تكلفة الانتخابات، قال مولوي «تؤمّنها الدولة وبعض المال أتى من undp والباقي يجب على الدولة تأمينه حتى من حقوق السحب الخاصة». وحدّد «إجراء الانتخابات على النحو الآتي: 7 أيار في الشمال وعكار، 14 أيار جبل لبنان، 21 أيار بيروت وبعلبك الهرمل، و 28 أيار الجنوب والنبطية.