رئيسي في دمشق الأربعاء والقمة مع الأسد لتثبيت التحالف الاستراتيجي… واتفاقات اقتصادية / عون: دول أوروبية تمنع عودة النازحين… وباسيل: للاستفادة من التفاهمات لعودة لائقة/ حردان: النظام الطائفي ضد الطائف والدستور الذي يقسمون على احترامه دعا لإلغاء الطائفية/
كتب المحرّر السياسيّ
يصل بعد غد الأربعاء الرئيس الإيراني السيد ابراهيم رئيسي إلى دمشق في زيارة دولة بدعوة من الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، وتأتي أهمية الزيارة من كونها تشكل أول زيارة رئاسية إيرانية لسورية منذ بدء الحرب عليها، وكان الرئيس السابق أحمدي نجاد قد قام بآخر زيارة لرئيس إيراني الى دمشق ظهر خلالها في صورة واحدة مع الرئيس بشار الأسد وقائد المقاومة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بما اعتبره الأميركيون والإسرائيليون إعلاناً لنواة محور المقاومة، وربط الكثيرون بين هذه اللحظة وقرار الحرب التي شنّت على سورية. والقمة الرئاسية هذه المرة ستشهد مع اقتراب نهاية الحرب وتحقيق سورية الانتصارات المتلاحقة منذ سنوات بما أسقط الرهانات على سقوطها أو تقسيمها، تثبيتاً للتحالف الاستراتيجي بين إيران وسورية، وعلى جدول أعمال الزيارة توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية، ومناقشة التطورات الإقليمية الأخيرة، خصوصاً ما يجري في فلسطين، وتداعيات الاتفاق السعودي الإيراني والانفتاح السعودي على سورية، ومساعي المصالحة الروسية الإيرانية بين سورية وتركيا.
لبنانياً، سيطرت المواقف من قضية النازحين السوريين على المشهد السياسي، وقد تصدّرها أمس التيار الوطني الحر، حيث أعلن الرئيس السابق ميشال عون خلال زيارته إلى جزين، وفي حفل شعبي حاشد، “إنّ أغلب الدّول الأوروبيّة لا تريد النّازحين، وتريد أن تفرضهم علينا وأن يبقوا عندنا”، موضحًا أنّ “النّازح السّوري أتى إلى لبنان وارتاح هنا، وهو نازح أمني، لا سياسي. لكنّ الدوّل تفرض علينا أن نفكّر بأنّ النّازح السّياسي هو مثل النّازح الأمني، وهذه كذبة فيها وقاحة غير مقبولة”. بينما دعا رئيس التيار الوطني الحر للاستفادة “من الحوار والتفاهم السوري – السعودي – الإيراني، لتأمين عودة لائقة آمنة وكريمة للنازح السوري”.
لبنانياً أيضاً أعلن رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي في افتتاح دورة الشهيدة سناء محيدلي الإعلامية، أن أقصر الطرق لحل ملف النازحين يبدأ بزيارة حكومية سياسية إلى دمشق تضع الملف على طاولة البحث، مذكراً أن بوابة العروبة في اتفاق الطائف حدّدت بالعلاقة المميزة مع سورية، فأين أدعياء الحرص على الطائف من اللغة العنصرية التي تبث ضدها، وعن الطائف قال حردان إنه والدستور المنبثق عنه يشدّدان على اعتبار إلغاء الطائفية هدفاً وطنياً ويضعان آلية واضحة للخروج التدريجي منها، والمواد الدستورية واضحة في الدعوة لقانون انتخاب خارج القيد الطائفيّ، متسائلاً أليس هذا هو القانون الذي يُقسم الرؤساء على احترامه؟
لا يزال الملف الرئاسي محل أخذ وردّ وسط معلومات متضاربة حول مواقف دول الاجتماع الخماسي من الاستحقاق الرئاسي، في ضوء ما رشح عن موقف اميركي معارض للمبادرة الفرنسية وذهاب واشنطن الى إحباط هذه المبادرة، ويظهر ذلك في رسالة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي روبرت مانديز والعضو البارز في اللجنة جايمس ريتش إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، اللذين أعربا فيها عن قلقهما من الجمود السياسي في لبنان، وأكدا لبايدن ضرورة العمل من قُرب مع حلفاء أميركا وشركائها في المنطقة لدعم العملية الديمقراطية الشرعية ومرشّحين رئاسيين، يكونون مختلفين عن الرؤساء السابقين، ويملكون القدرة على خدمة الشعب اللبناني والخضوع لمحاسبته.
ما تقدّم، يؤشر، بحسب مصادر مطلعة لـ”البناء”، الى أن واشنطن لا تسير على خطى فرنسا في دعم رئيس تيار المرده سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وهي دعت فرنسا الى فرملة اندفاعتها تجاه مرشح فريق “الممانعة”، مشيرة الى احتمال ذهاب واشنطن الى فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين من فريق 8 آذار. وهذا قد يشكل رسالة واضحة الى الثنائي الشيعي أن لا مجال لانتخاب فرنجية، وسط تأكيد المصادر أن الفرنسيين اخطأوا عندما ابلغوا السعوديين ان الطرح الباريسي يحظى بتأييد الإدارة الاميركية.
وليس بعيداً فإن السفير السعودي وليد البخاري سيبدأ هذا الأسبوع جولته على المسؤولين السياسيين لوضعهم في المقاربة السعودية من الانتخابات الرئاسية وسط معلومات تشير الى ان السعودية انتقلت من وضع الفيتو على فرنجية الى فتح باب الحوار حول انتخابه.
أما محلياً، فإن الأجواء الداخلية المسيحية لا تزال على حالها؛ فالتقاطع المسيحي القواتي – العوني – الكتائبي واضح لجهة تعطيل انتخاب فرنجية. إلا أن هذا التقاطع لا يعني أن هذه القوى يمكن أن تتفاهم على شخصية، وسط تأكيد حزب القوات أن لا تقارب مع التيار الوطني الحر في الملف الرئاسي أو في أي ملفات أخرى إذا استمر في تموضعه السياسي وفي مقاربة القضايا الأساسية وفق مصالحه الضيقة، علماً أن مصادر تكتل لبنان القوي تشير الى ان لبنان القوي لديه أسماء عدة مطروحة للرئاسة ابرزها جهاد أزعور، زياد بارود، ناجي البستاني، ناصيف حتي ومنفتح على الحوار بشأنها مع القوى السياسية.
واعتبر رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل أمس، من جزين أن لا أحد يهددنا بمعادلة “انا او الفوضى”، ويعتقد أنه يقدر أن يفرضها، لا أحد يفكّر بحلف ثلاثي جديد طابعه مذهبي/طائفي، بل الانطلاق منه للتأكيد على الشراكة ضمن الوحدة، القوة ضمن الوحدة وليس الضعف ضمن الوحدة ولا طبعاً الضعف بالانقسام. ولا أحد يفكّر بتحالف رباعيّ جديد لأن نهايته متل الذي قبله. ولا أحد يراهن على تسويات خارجية إذ مهما كانت قوّتها، لا تستمرّ فعاليّتها اذا لم تكن محصّنة ومغطاة بتوافق داخلي.
وأردف: “نحن نريد رئيس جمهورية يمثل طموح اللبنانيين في بناء الدولة، ونضالنا للشراكة في حكم متوازن – ولن نغطي أي كسر لإرادة اللبنانيين ولا اي تهميش لإرادة المسيحيين. ومن يهدّدنا أن يمرّ قطار التسوية من دوننا، فنحن لا نخاف من أن نكون خارجها لأنها ستكون عرجاء وستسقط.
وعلى خط ملف النازحين، يشهد الأسبوع المقبل خطوات عملانية حيث تمّ وضع خريطة طريق الأسبوع الماضي لضبط الانفلات والانتشار غير المنظم للنازحين السوريين. هذا وينتظر المدير العام للأمن العام بالإنابة العميد الياس البيسري الذي زار دمشق الحصول على الداتا المتعلقة بالنازحين من مفوضيّة اللاجئين مطلع الأسبوع المقبل إذا أوفت المفوضية بوعدها.
وقال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان: “وسورية هي التي منعت تقسيم لبنان، وساهمت في صناعة سلمه الأهلي وإعادة بناء مؤسسات الدولة. ومنطق الأمور والمصلحة الوطنية، أن تبادر الحكومة اللبنانية، وفي هذا التوقيت بالذات، إلى زيارة دمشق، والعمل على إعادة العلاقات الى طبيعتها المميزة، وبحث كل الملفات ووضعها على طريق المعالجة، لا سيما ملف النازحين. وهذه قضية سبق لحزبنا أن بادر إلى طرح حلول لها، واضعاً كل طاقاته في سبيل إنجاحها، غير أن الذين استثمروا في النزوح، منذ بداية الحرب على سورية، شكلوا جيوشاً محلية وأممية للتشجيع على النزوح، وهؤلاء أنفسهم، يستثمرون الآن في رفض النزوح ويجيّشون ضده بصورة عدائيّة مرفوضة جملة وتفصيلاً”.
ودعا الى إخراج هذا الملف من ميدان المزايدات والتحريض والاستثمار، كما دعا إلى وضعه في سياقه الطبيعي ومعالجته بالتنسيق والتعاون بين الحكومتين.
وقال حردان خلال إطلاق القومي دورة الاستشهادية سناء محيدلي للإعداد الإعلاميّ: ليس مسموحاً التفريط بوحدة لبنان وكفى تعطيلاً للاستحقاق الرئاسيّ وكفى تحريض الخارج لتعميق الأزمات الاقتصادية التي تشكل تهديداً للأمن الاجتماعي. نحن نريد لبنان منتمياً بحكم التاريخ والجغرافيا والمصير الواحد والمصلحة الوطنيّة إلى محيطه القومي وعالمه العربي، ومتمسكون بعناصر قوته.
وأكد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون من جزين أننا “نعلم من سبّب دخول النازحين السوريين إلى لبنان، وكانت هناك دول خلف ذلك الأمر، وضغطت علينا للإتيان بهم”. وقال عون خلال لقاء شعبي له ولرئيس التيار الوطني الحر النّائب جبران باسيل في جزين: “أدركنا في الفترة الأخيرة أنّ اللّعبة كبيرة، وهي مؤامرة على لبنان وطرحت سؤالًا في السّابق على إحدى السّفيرات، بأنّكم طلبتم منّا أن نكون حرّاسًا للشّواطئ، حتّى لا يخرج السّوريّون ويلجؤوا إلى أوروبا، لكن لماذا تعملون لتثبيتهم عندنا؟ لا تقبلون أن يصلوا إليكم، لكنّكم تفرضون علينا أن يبقوا عندنا؟ لماذا لا تساعدوهم كي يذهبوا إلى سورية؟”.
وشدّد عون على أنه “لن يخجل أن يقول إن أغلب الدّول الأوروبيّة لا تريد النّازحين، وتريد أن تفرضهم علينا وأن يبقوا عندنا”، موضحًا أنّ “النّازح السّوري أتى إلى لبنان وارتاح هنا، وهو نازح أمني، لا سياسي. لكنّ الدوّل تفرض علينا أن نفكّر بأنّ النّازح السّياسي هو مثل النّازح الأمني، وهذه كذبة فيها وقاحة غير مقبولة”.