دبوس
الأمن القومي الجماعي
الموقف الذي اتخذته الإنسانية إزاء التغوّل الأنغلوساكسوني اللاإنساني حينما أقدم على الاستيلاء على العالم الذي لم يكن معروفاً آنذاك، والذي كان مأهولاً بالسكان، فأعمل فيهم تقتيلاً وإبادةً وإلغاءً، هو موقف أقلّ ما يُقال فيه إنه سلبي لا يتسم بالجدية، وتعوزه المقدرة على استشراف الإخلال المريع الذي أحدثته هذه الاندفاعة في تمكّن طرف ما، أو عرق ما من مراكمة المكاسب الجغرافية والمادية لمصلحته مما أحدث حالة من اللاتوازن، ومن تمكّن طرف ما، غير مؤهّل جينيّاً للقيادة الحصيفة الواعية الرصينة العادلة للعالم من الإمساك بمنظومة القيادة، بعد أن حقق فائضاً في القوة وفي المقدّرات، بحيث آلت سدة السيادة إلى من لا يستحقها، ومن باب أوْلى لا يجب ان تكون بحوزته على وجه الإطلاق…
الموقف الغير مستنير والذي اتخذته البشرية شعوباً وقيادات في مواجهة هذا الانكباب الأنغلوساكسوني على الاستحواذ على اليابسة، وعلى الثروات، بحيث تمكّن في غفلة من الزمن والتاريخ والإنسانية، وهو الذي لا يمثّل أكثر من 5% من الكتلة البشرية، من الاستيلاء على 40% من اليابسة، و 70% من ثروات الأرض، مما شكّل تهديداً فادحاً للأمن القومي الإنساني الجماعي،
لقد طفق هذا الوحش الذي لا يتّسم بأيّ قدر من التماهي مع الإنسانية كما نعرفها، طفق يضمّ الى مناطق استملاكه، قارات بأكملها، مثل أميركا الشمالية، والجنوبية جزئياً، وأستراليا، وكاد ان يبتلع القارة الأفريقية من خلال إقامة رأس جسر له في جنوب أفريقيا كيما ينقضّ على مجمل القارة السمراء بعد ذلك، ولكن، ولحسن الطالع، باءت هذه المحاولة بالفشل.
على الإنسانية التي تحتفظ في ذاتها بشيءٍ من البعد الأخلاقي الإنساني ان تتصدّى لهذا الجزء المارق من الكتلة البشرية، فتعيد عقارب الساعة الى الوراء، وتفتح الأبواب على مصاريعها، بالذات في القارة الأسترالية، وفي الجزء الأعظم من أميركا الشمالية، وأعني بذلك تحديداً كندا، كيما يُعاد التوازن الى كرتنا الأرضية، وتعود الفطرة الكونية الى ممارسة تنوّعها وطبيعتها الربّانية، وفوق كلّ شيء لحماية الأمن القومي للإنسانية برمّتها، بعدما تعابث بها هذا الإنسان الشاذ، والذي يفتقد الى أيّ قدر من الحضور الإنساني انْ نحن أخضعناه للمعايير التي ترى فيه تكويناً في القلب منه، مجموعة من الاعتبارات الأخلاقية، تجعل منه شيئاً فريداً مميّزاً عن كلّ المخلوقات، يُقال له إنسان.
سميح التايه