خضر عدنان: الأسير المحرّر بالشّهادة
} شوقي عواضة
إذا كانت شهادتي فلا تسمحوا للمحتلّ بتشريح جسدي وسجّوني قرب والدي واكتبوا على قبري هنا عبد الله الفقير خضر عدنان، بتلك الكلمات ختم مفجّر معركة الأمعاء الخاوية الشّيخ خضر عدنان الأسير المحرّر بالشّهادة داخل سجن عوفر بعد ما خاض إضراباً عن الطّعام استمرّ لمدة 86 يوماً احتجاجاً على اعتقاله الإداري، ليرتقي شهيداً حطّم القيد بشهادته وهزم سجّانه متحرّراً من سجنه معرّجاً بروحه إلى خالقها.
هو صاحب التّاريخ الحافل بالجهاد والمقاومة ومقارعة المحتلّ داخل المعتقلات الاسرائيليّة وخارجها. لم يردعه عن مواصلة مسيرة الجهاد المقاومة اعتقال وسجن، ولم يثنِه عن الدّعوة لمقاومة الاحتلال تعذيبٌ ولا تنكيلٌ ولم تليّن عزيمته عتمة الانفراد وكثرة التنقّل بين سجون الاحتلال، ولم تسكته عن قول كلمة الحقّ في وجه سلطانٍ جائرٍ تهديدات ضبّاط الاستخبارات وأساليب المحقّقين الإرهابيّة خاصّة أنّه من قيادات حركة الجهاد الإسلامي في الضّفة الغربيّة ومن أبرز الأسرى، فقد اعتُقل الشّهيد عدنان 13 مرة، وأمضى نحو ثماني سنوات، متنقّلاً بين سجون الاحتلال الإسرائيلي كان معظمها رهن الاعتقال الإداريّ الذي واجهه الشّهيد سابقاً بخمسة إضرابات عن الطّعام انتصر فيها على سجّانه منتزعاً منه حرّيته على مدى سنوات اعتقاله منذ عام 2004 حيث خاض إضراباً عن الطعام لمدة 25 يوماً ثمّ إضرابه الثّاني عام 2012 لمدة 66 يوماً وعام 2015 لمدة 56 يوماً وعام 2018 لمدة 58 يوماً وعام 2021 لمدة 25 يوماً وصولاً إلى يومنا هذا حيث إضرابه السادس الذي كلّل مسيرته بالشّهادة بعدما رفضت إدارة سجون الاحتلال نقله إلى المستشفى بالرّغم من تدهور حالته الصّحية قبل عشرين يوماً، وأصرّت إدارة السّجون على احتجاز الشيخ عدنان في عيادة سجن الرملة في ظروفٍ صعبةٍ للغاية رافقتها عمليّات ممارسة المزيد من التعذيب والإرهاب بحقّ الشيخ الشهيد من قبل سجّانيه الذين كانوا يعمدون لحرمانه من النوم وإبقاء الأضواء مشتعلة واقتحام زنزانته كلّ نصف ساعة…
كلّ ذلك كان يجري في ظلّ صمتٍ دوليّ مطبق وغيابٍ تامٍّ للمنظمات الدّولية وحقوق الإنسان صمت (شرعن) تصعيد إدارة سجون الاحتلال لعمليّات القمع ضدّ الأسرى والمحرّرين وذلك ضمن إطار استكمال الطّوق على الأسرى والمعتقلين في سجون الدامون ومجدو وعسقلان والنقب وباقي المعتقلات والسجون. تصعيد قابله الأسرى بالمزيد من الثبات والصّمود والإصرار على نيل حرّياتهم وخوض معركة التّحرير التي لوّح بها سابقاً الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة معلناً استعداده لخوض حرب الدفاع عن الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي وهذا يعني أنّ معركة الأسرى هي في مقدّمة المعركة التي قد تؤدّي إلى مواجهة مع العدوّ إذا ما استمرّ في قمع الأسرى.
وعلى ما يبدو أنّ المشهد التصعيدي آيل إلى التّصعيد أكثر في ظلّ إصرار العدوّ على ممارسة إرهابه بحقّ الأسرى والمعتقلين بعدما رفعت إدارة السّجون حالة التّأهّب ضدّ الأسرى، ووفقاً لما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية فإنّ وزير الأمن القومي بن غفير قرّر رفع مستوى التأهّب في السّجون وإغلاق الزّنازين أمام حركة الأسرى، مضيفة أنّ بن غفير أبلغ الأسرى في السّجون بأنّهم إذا بدأوا إضراباً عن الطعام أو أقدموا على القيام بأعمال شغب فسيتمّ التّضييق عليهم!
تحذيرات بن غفير جاءت في ظلّ ردّ المقاومة التي حمّلت العدوّ الإسرائيلي كامل المسؤوليّة عن مقتل الشّيخ خضر عدنان فاستهدفت مستوطنة سيديروت وموقع كوسوفيم واشكول والعديد من مستوطنات الغلاف التي استهدفت بأكثر من ثلاثين صاروخاً من غزة وفقاً لما أوردته قناة 14 العبرية. ردّ استدعى رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو لإجراء تقييم للوضع الأمني في قاعدة جليليت بمشاركة وزير حرب العدوّ ورئيس الأركان ورئيس الأمن القومي ورئيس شعبة الاستخبارات ونائب رئيس الشاباك وقائد القيادة الجنوبيّة وعدد من القادة العسكريين. فيما أشارت معلومات إلى أنّ جيش العدوّ الاسرائيلي قدّم توصية على المستوى السّياسي تطالب بالرّدّ القوي على إطلاق الصّواريخ من غزّة، وقد تتجه الأمور لجولة تصعيد تستمرّ لأيّام وبالتالي أيّاً كان ردّ العدوّ وحجمه وقوّته ومكانه وتوقيته لن يسقط حقّ المقاومة بالرّدّ على أيّ عدوان ولن يلغي من قاموس المواجهة مع العدوّ معركة الأسرى الذي شكلوا طلائع المقاومين في مواجهة الاحتلال، وما استشهاد الشّيخ خضر عدنان سوى بداية تحوّل في قضية الأسرى الذين يخوضون معركة تحرير فلسطين من مسافة صفر وفي خطوط الجبهات المتقدّمة خلف الأسلاك الشّائكة وفي غياهب الزنازين التي سيخرج منها رافعو رايات النّصر لفلسطين والأمّة.