دلالات زيارة رئيسي إلى سورية: جني ثمار انتصار وصمود سورية وحلف المقاومة
} حسن حردان
شكلت زيارة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي إلى سورية على رأس وفد حكومي كبير ضمّ أهمّ الوزارات، محط اهتمام واسع النطاق عربياً وإقليمياً ودولياً، حيث لوحظ مدى تسليط الضوء عليها إعلامياً ومن خلال التحليلات الصحافية وتعليقات المحللين والخبراء والمراقبين للتطورات في المنطقة..
من هنا ليس من المستغرب أن تحظى الزيارة بكلّ هذا الاهتمام، لما لها من دلالات وأبعاد هامة على الصعد المختلفة:
أولاً تأتي الزيارة بعد صمود وانتصار سورية، وحلفها المقاوم. بما يكرّيس ويعزّز التحالف الاستراتيجي بين إيران وسورية، ويوجّه صفعة قوية للحلف الأميركي الصهيوني الذي حاول يائساً تشكيل حلف عربي «إسرائيلي» ضدّ إيران وفكّ عرى هذا التحالف بينها وبين سورية، وصولاً إلى عزلها وإضعاف دورها الإقليمي.. فالزيارة هي الأولى لرئيس إيراني لسورية منذ عام 2010، عندما انعقدت قمة لقادة حلف المقاومة في دمشق ضمّت الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس بشار الأسد وقائد المقاومة في لبنان سماحة السيد حسن نصرالله مما شكل في حينه تظهيراً علنياً لهذا الحلف المقاوم لأول مرة، ورسالة قوية لكيان الاحتلال الصهيوني على عزم حلف المقاومة في دعم مقاومة الشعب الفلسطيني… ولهذا ربط المراقبون بين انعقاد هذه القمة وتوقيت بدء الولايات المتحدة في شنّ الحرب الإرهابية في آذار 2011 باعتبارها رداً مباشراً على هذه القمة، في محاولة لضرب هذا التحالف بعموده الفقري سورية، بهدف عزل إيران، وضرب المقاومة في لبنان، وتصفية قضية فلسطين لمصلحة المشروع الصهيوني، وحسم الهيمنة الأميركية الكاملة على المنطقة، وتعويم سيطرتها الأحادية على العالم…
ثانياً، تحصل الزيارة في ظلّ التطورات الهامة الحاصلة في المنطقة والعالم في مصلحة حلف المقاومة، حيث عكست هذه التطورات المتمثلة بالاتفاق السعودي ـ الإيراني، برعاية صينية، والانفتاح العربي على سورية الذي أعقب الاتفاق، وتنامي دور الصين وروسيا عالمياً وفي المنطقة، عكست التحوّلات في ميزان القوى لمصلحة حلف المقاومة، والقوى الدولية المناهضة للهيمنة الأحادية الأميركية، وبالتالي تراجع النفوذ الأميركي، وفشل الغرب في إضعاف روسيا وتفجر الازمات المالية والاجتماعية في دول الغرب بدلاً من انفجارها في روسيا…
ثالثاً، تأتي الزيارة لتؤكد أنّ التحالف الاستراتيجي السوري الإيراني، الذي يشكل القاعدة الأساسية لحلف المقاومة والسند القوي لقوى المقاومة وظهيرها، قد صمد وانتصر في مواجهة الحرب الإرهابية وها هو يحتفل اليوم بانتصار سورية من خلال هذه القمة السورية الإيرانية في دمشق، التي تستهدف جني ثمار الانتصار بتعزيز التحالف بين البلدين على المستويات كافة السياسية والعسكرية والامنية والاقتصادية، حيث تستهدف القمة الارتقاء بشكل أساسي بالعلاقات الاقتصادية بين سورية وإيران إلى مستوى التحالف الاستراتيجي الذي يجمعهما في المجالات الأخرى، وهو ما عكسه الوفد الحكومي الكبير المرافق للرئيس رئيسي والذي ضمّ في تشكيلته وزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد والاتصالات وشؤون بناء المدن، وغيرهم من المسؤولين في العديد من المجالات، بغية توقيع اتفاقيات ثنائية تستهدف رفع مسنوب التعاون بين البلدين، وخصوصاً اقتصادياً، ومشاركة إيران بفعالية في مرحلة إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإرهابية في سورية..
رابعاً، وضع استراتيجية مشتركة للتعامل مع التطورات الحاصلة في المنطقة لمصلحة البلدين، على ضوء الاتفاق السعودي الإيراني والاستفادة من تداعياته الإيجابية، ومن الانفتاح العربي على سورية، وكذلك تنسيق الجهود في مسألة تطبيع العلاقات مع تركيا بما يحقق شروط سورية بوضع جدول زمني لانسحاب القوات التركية من سورية ورفع الغطاء التركي عن الجماعات الإرهابية في إدلب والتعاون في القضاء عليها باعتبار ذلك هو السبيل لاستعادة سيطرة الدولة السورية على حدودها ووضع حدّ للحالة الانفصالية في شمال شرق سورية، واستطراداً إجبار قوات الاحتلال الأميركي على الخروج من سورية..
خامساً، تعزيز التنسيق والتعاون الأمني والعسكري بين البلدين لاستكمال إنهاء الوجود الإرهابي، ومحاربة فكره التكفيري، وكذلك مواجهة الخطر الصهيوني، واعتداءاته المستمرة ضدّ سورية، ودعم قضية فلسطين ومقاومة الشعب الفلسطيني ضدّ الاحتلال..
لهذا كان من الطبيعي ان يشعر كيان الاحتلال الصهيوني بالقلق الشديد من زيارة رئيسي لأنها تعكس تعزيز التحالف الاستراتيجي السوري الإيراني، وتنامي قوة حلف المقاومة، والذي يأتي مترافقاً مع التطورات الهامة في المنطقة والعالم في غير مصلحة المشروع الصهيوني الذي بات في مرحلة تأزم وتراجع نتيجة فقدانه للكثير من عناصر قوته، التي شكلت الأساس في صعوده..
على انّ تطوير العلاقات الاقتصادية بين إيران وسورية، وهو محور هذه الزيارة، سوف ينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوري والإيراني، من خلال رفع معدلات التبادل التجاري بين البلدين بالعملات الوطنية وإقامة المشاريع الاستثمارية في سورية ومشاركة الشركات الإيرانية في إعادة الأعمار في سورية، مما يحبط أهداف الحرب الاقتصادية الأميركية ضدّ البلدين، ويخفف من الاعتماد على الدولار، ويقوّي العملتين السورية والإيرانية، ويحسّن من القدرة الشرائية للشعبين السوري والإيراني، ويؤمّن فرص العمل…