كتاب “صرخة ضمير” للدكتور حسين مشيك
د. طوني كرم مطر
تجدر الإشارة بداية إلى أنّ الكتاب يتضمّن مقالات سياسية رافضة للأمر الواقع كان الكاتب قد نشرها تباعاً على صفحته في “فايسبوك”.
والعنوان أراده د. مشيك بالفعل “صرخة ضمير” لأنّ الهدف منه المساهمة في نشر الوعي الكلي للمواطن اللبناني وإعلامه بما يجول داخل الكيان اللبناني.
وهذه المقالات المعنونة بعناوين مختلفة كان القصد منها توجيه البوصلة من أجل أن يقرأ المواطن كلماته، ويعتقد مشيك أنّ مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تساهم مساهمة هامة من أجل البدء في تأسيس جمهورية المواطنة وليتحقق المراد يجب البدء بالتواصل اللبناني ـ اللبناني…
والمقصود من هذه المقالات “صرخة ضمير” في وجه كلّ المنظومة الفاسدة التي لم تحقق أيّ تقدّم أو ازدهار، وخاصة على صعيد الواقع الزراعي والصناعي، لكانّ الهدف أن لا يبقى لنا وطن إسمه لبنان!
بهذه المقولة يمكن لكلّ مواطن أن يذهب إلى صندوق الاقتراع ليؤكد أنّ صوته سيساهم في بناء أسس وطنه انطلاقاً من تعبيره عن إرادته وإيصال مَن يجد فيهم القدرة لتحقيق ما يصبو إليه…
أما الذين يذهبون إلى صندوق الاقتراع على خلفية العصبيات العائلية والعشائرية والطائفية والمذهبية فهؤلاء إنما ستكون أصواتهم مساهمة في المزيد من الهدم لا البناء.
ويهدف د. مشيك من إصدار كتابه ورقياً إلى أن يبقى الكتاب وثيقة بيد الأجيال الطالعة لكي يشكل لها ما يشبه جرس الإنذار الذي يجعلها يقظة ومنتبهة لما يحصل في هذا البلد الجميل، ولتأخذ العبرة مما حصل في السابق حتى لا تتكرّر الأخطاء والخطايا نفسها.
ويدعو د. مشيك في مقالاته إلى عدم التفرقة ونبذ التقسيمات والمحاصصة التي أوصلتنا إلى دمار المواطن الإنسان. لذلك يجب أن يجتمع أبناء الوطن على كلمة سواء للوقوف في وجه التفرقة والعصبيات القاتلة.
وإذ يدخل د. مشيك إلى صلب المعالجات فإنه يعتبر أنّ الطائفية والتعصّب المذهبي هما المرض الأساس الذي أبقانا في هذا الظلام الدامس، والذي يدفع خيرة باتجاه الهجرة وخصوصاً المبدعين منهم.
ويتهم الكاتب الذين حكموا أنهم رموا المواطنين في خضمّ الجوع والعوَز وجعلوهم يرفرفون كما الطائر المذبوح من الألم.
وعن الموضوع العربي كتب د. مشيك مقالة خاصة بعنوان “أمة العرب؟” سائلاً لماذا لا يتحد العرب؟ ويحاول الإجابة على سؤاله بالقول إنه من غير المسموح للعرب أن يتحدوا ويتوحدوا، وهذا الأمر متفق عليه بين أصحاب الرأي لأنه لو اتحد العرب لأصبحوا قوة لا يُستهان بها.
وما يلفت الانتباه إلى أنّ د. مشيك ركز في كلّ مقالاته على إعمال العقل وكأنه يتبع الحكمة القائلة “لا غنى كالعقل ولا نجاح دون مشورة”، ويعتبر أنّ المسؤولية الكبرى تقع على من يملك العقل ولا يعمل به! معتبراً أنّ الله قد أغنى الإنسان بالعقل، وعليه فإنّ هذا الإنسان مطالَب بالبناء وتوجيه البوصلة التي تجعلنا موطن المحبة والسلام لا موطن التفرقة والإذعان.
ويؤكد د. مشيك في مقالة بعنوان عائلة الضمير التي هي الالتزام بالحروف والكلمات التي جعلت نفسها في تصرف الإنسان، وهنا يتطلب منا الواقع السؤال لماذا لا نذهب بإتجاه الكلمة الطيبة في التعامل في ما بيننا لنكون أهل الكلمة المضيئة؟
ويجمع الضدّين في مقالة “قانون الاستئثار” حيث يقول قانونهم والكراسي وجهان لعملة واحدة، متحدين متضامنين على أن يبقوا هم في سدة المسؤولية وكلّ الشعب لا يعنيهم وديمقراطيتهم هي الإستئثار بالسلطة والتحكم بالناس وأخذ الوطن بين مشاريعهم الشخصية بازاراً البيع والشراء ومشروعهم قائم على من يدفع يركب ومن لا يدفع يعتبر أنه تخلف عن الركب…
في الخلاصة، فإنّ كتاب “صرخة ضمير” هو ضمير حي لمن يرغب بأن يكون ضميره حياً، والدكتور حسين مشيك في كتابه هذا إنما يضع نظاماً لكيفية ثورة الشعوب وكيف تنال المطالب وكيف تتحقق الأماني…