قراءة في الحرب السودانية المرشحة للاتساع…
} عمر عبد القادر غندور*
يمكن القول إنّ الحرب الدائرة بين معسكري الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، بدأت تشغل بال الدول المجاورة في منطقة هشة تهدّد الأمن والاستقرار على أوسع نطاق، وخاصة مصر التي تعمل ما بوسعها لتطويق الاشتباك وعدم تمدّده الى حرب أهلية بالغة الخطورة، وربما ترى انّ الاستقرار في السودان يساوي في أهميته الاستقرار في مصر التي تربطها بالسودان أهمية استراتيجية مشتركة في إمدادات مياه نهر النيل لكلّ من البلدين، وأكثر ما تخشاه حرب أهلية طويلة الأمد تؤدّي الى تدفق آلاف السودانيين الى مصر ما سيؤثر سلباً على الأمن المائي في مصر، وقد وصل الى تشاد خمسة آلاف نازح سوداني حتى الآن.
والأكثر خطورة انّ السودانيين لا يعرفون الأسباب التي جعلت طرفي النزاع يرفعون السلاح.
كذلك أثيوبيا المجاورة لها مخاوف من توسع دائرة الصراع والتداعيات المترتبة على الاستقرار في المنطقة في ظلّ كلّ التوترات المستمرة في مناطق متنازع عليها ومن ضمنها سدّ النهضة الذي يمثل قضية موت وحياة بالنسبة للأثيوبيين…
ويبقى الأهمّ معرفة لماذا يتقاتل المتقاتلون؟
ويقول مراقبون وحقوقيون سودانيون انّ الولايات المتحدة التي لها أذرع ومتعاونين غير قادرة على فرض إرادتها على طرفي النزاع وهي ترفض فرض عقوبات، تماماً كما رفضت في وقت مضى فرض عقوبات على القيادة الأثيوبية في حربها على إقليم تيغراي التي استمرت لعامين وأسفرت عن مقتل أكثر من 600 ألف شخص.
بينما روسيا هي أكثر محدودية ويقتصر دورها على تقديم المساعدة العسكرية والتدريب للجيش السوداني بهدف زيادة نفوذها في أفريقيا، وتقول الدول الغربية انّ علاقة وثيقة تربط بين مجموعة فاغنر الروسية والدعم السريع في التدريب والحراسة وحماية قطاع الذهب، وقد سارعت قوات الدعم السريع الى نفي هذه الأخبار.
وهناك تسريبات انّ الإمارات العربية تبدي اهتماماً بالغاً بالذهب الذي تمتلكه قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دوقلو منذ منحه الرئيس المخلوع عمر البشير (الهارب حالياً من السجن) مناجم الذهب في جبل عامر حتى يتمكّن من دفع مرتبات جنوده!
ويحذر رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك من تحوّل الصراع في بلاده الى أسوأ الحروب الأهلية في العالم، وانّ ما حصل في سورية واليمن وليبيا سيكون مجرد مبارزات صغيرة وانّ هذه الحرب التي لن يخرج منها منتصر!
أما الصين فقد تبنّت نهجاً أكثر حذراً في السودان وتسعى للحفاظ على التوازن بين مصالحها الاقتصادية والالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وخاصة في بلد بالغ التعقيد والأبعاد، وتهدّد أزمته بانزلاق الى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس، ولا يعلم الا الله مدى طول أمدها وهو ما تخشاه الدول المجاورة للسودان، وهي بالتأكيد ليست في صالح الشعب السوداني المنهك والمهدّد بقيام عدة دول متصارعة على الثروات الطبيعية الضخمة التي يختزنها التراب السوداني.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي