دبوس
الصمت المدوّي
لقد كان الصمت الذي لاذت به جبهة المقاومة في غزة حتى الآن أوقع بكثير من كلّ الردود، فلندع هذا العدو الجبان يضرب أخماساً بأسداس، دعوه يتخبّط، ودعوه يخمّن فلا تسعفه تكهّناته في الوصول الى قرار، دعوه يقذف بمستوطنيه وبشعبه المارق الى غياهب الملاجئ إلى أجل غير مسمّى، دون ان يبدو في الأفق نهاية لهذه الجولة، دعوه يبقى في حالة استنفار واستدعاءٍ للإحتياط بلا سقف زمني، دعوه في حالة لا هي تهدئة ولا هي حرب، دعوه يتمنّى جرعة الماء فلا يجد إلّا سراباً، دعوه عند كلّ رشقة من الصواريخ لا يدري هل هي البداية أم النهاية، ماطلوا مع الوسطاء، وردّوا عليهم بأعسل الكلام وأعذبه، وبأنّ التهدئة والسلام هو ديدن لنا قبل ان تكون مطلب للعدو…
لا تعطوا أبداً إجابة نهائية، إبقوها ولأجل غير مسمّى حالة ملتبسة لا تؤشر الى ايّ شيء، قد تحمل في طياتها بداية حرب ضروس، وقد تحمل حالة من التهدئة والانفراج، نحن لن نخسر شيئاً، نحن في حالة حصار مستدامة، وفي حالة عوز وشقاء بلا نهاية، ولكن الابقاء على حالة اللايقين، حالة اللاحرب واللاسلام، حالة اننا قد نصحو على اندلاع مفجع للحرب صباح الغد، وقد نصحو على لاشيء…!
هدوء مصحوب بكل احتمالات الانفجار، الإبقاء على ذلك هو هدفنا، فليبقى جنود وضباط الاحتياط في جيش العدوان، والذين هم في واقع الحال من يدير مصانعه وشركاته ومؤسساته ومدارسه ومستشفياته، فليبقَ هؤلاء في حالة استدعاء متواصلة، وليبق مستوطنوه يمارسون الحياة بتردّد وبلا يقين، عين على الشارع والعين الأخرى على المخبأ، وأيديهم تتحسّس دائماً جواز السفر البديل، دعوهم يعضون بالنواجذ على أصابعنا، ونعض نحن أيضاً بالأسنان وبالأضراس على أيديهم القذرة، ودعونا ننتظر لنرى ونسمع من سيصرخ أولاً…
سميح التايه