تناغم بين المقداد وابن فرحان في احتواء التحفظات وصياغة بيان «قمة القدس»… والأسد هو الحدث / مسيرة الأعلام قد تفجر «سيف القدس» 2… وحزب الله لـ«مناورة تظهر استعدادات المقاومة» الأحد / عون: رئاسياً لا حلّ إلا بتفاهم يجمع الطرفين وإلا سنستكمل السير باتجاه جهنّم الأكبر /
كتب المحرّر السياسيّ
أنهى مجلس وزراء الخارجية العرب بسلاسة استعدادات التحضير للقمة العربية التي تحمل اسم قمة القدس بقرار من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، بعدما ظهر التناغم بين وزيري خارجية السعودية فيصل بن فرحان وسورية فيصل المقداد، سبيلاً لاحتواء التحفظات التي ظهرت في اجتماعات المعاونين، وبات الطريق سالكاً نحو القمة، بعدما قال المقداد إن الرئيس الدكتور بشار الأسد سوف يحضر حكماً وأن سورية لم تغب يوماً عن قمة عربية، وبدّد كل التساؤلات التي نجمت عن كلام سابق قبل أسبوعين، للأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط توقع فيه مسيرة طويلة لعودة سورية بصورة منفصلة عن موعد القمة، وترجيح عدم حضور الرئيس السوري للقمة، ليظهر أن ما يجري بين سورية والسعودية لا يفاجئ البعيدين فقط بل القريبين أيضاً، خصوصاً من الذين كانوا يضعون العصي في دواليب عودة العلاقات العربية مع سورية إلى حيث يجب أن تكون. ويجمع المراقبون العرب والأجانب على أن حضور الأسد للقمة سوف يكون الحدث الذي أراده ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ليقول للقريب والبعيد إنه يطوي صفحة متعددة الأبعاد من السلبيات، في اليمن ومع إيران ومع سورية، ليفتح صفحة جديدة واعدة بالإيجابيات، تشكل سورية فيها شريكاً للسعودية وليست فيها فقط واحدة من العناوين والساحات.
اليوم العيون تشخص إلى فلسطين، قبل أن تتفرّغ بعد غدٍ لمتابعة أحداث القمة، حيث مسيرة الأعلام الصهيونيّة تتحدّى الهدوء السائد بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة وجيش الاحتلال، فكل الاستعدادات لمسيرة الأعلام توحي بنيات اقتحام القدس القديمة والاعتداء على قدسية المسجد الأقصى، وبالتوازي استعدادات لجيش الاحتلال لاحتمال اشتعال مواجهة تستعيد مشهد سيف القدس عام 2021، وإعلان تفعيل القبة الحديدية حول القدس، بينما فصائل المقاومة في غزة مستعدّة أيضاً وتطلق التحذيرات من المساس بالأقصى والاعتداء على المقدسيين، وكل شيء يقول بان احتمال اندلاع معركة سيف القدس 2 قائمة وبقوة.
لبنانياً، لا جديد رئاسياً، وكلام تلفزيونيّ للرئيس السابق العماد ميشال عون عن الاستحقاق الرئاسي، يقول فيه «الأفضليّة اليوم هي للإصلاح لا لاسم مرشّح الرئاسة، لأنّ المعرقلين هم ثوابت في السلطة، فهل يمكن أن ندعم أحداً ونرميه في السلطة وهو غير قادر على العمل مع المنظومة الحالية؟ ويضيف أن «التناقضات كثيرة في مجلس النواب في موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذه التناقضات لا يمكن أن تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد، ومن غير المعقول أن تقاطع طائفة أو أن يتمّ انتخاب رئيس من دونها، ولا بدّ من وجود التأييد أو التفاهم». وأشار إلى إن «اتفاق التيار الوطني الحر والقوات على مرشح للرئاسة، لا يعني أنّه يمكن لهما أن يضعا فيتو على مرشحي الأفرقاء الآخرين، وكذلك الأمر بالنسبة للطوائف الأخرى، وإلا بتنا أمام تعطيل وعرقلة وضرب للعيش المشترك». وختم عون بمعادلة «رئاسياً لا حلّ إلا بتفاهم يجمع الطرفين، وإلا سنستكمل السير باتجاه جهنّم الأكبر».
وعشية انعقاد القمة العربية في جدة، برز اللقاء بين وزير الخارجية عبدالله اللبناني عبدالله بوحبيب ونظيره السوري فيصل المقداد وكان ملف النزوح السوري الحاضر الأبرز.
وأكّد بو حبيب أن اللقاء كان إيجابيًا وتم الاتفاق على عدة قضايا “ستبحث في اللجان المختصة في الجامعة العربية منها قضية النازحين السوريين وقضية المخدّرات وغيرها من القضايا”. وتابع “أبلغتُ فيصل المقداد استعدادي لزيارة دمشق في أي وقت وأنه مرحّب به في بيروت متى أراد ذلك”.
من جانبه، أكد المقداد ضرورة عودة اللاجئين السوريين الى سورية، مشيراً الى أنّ سورية ترحّب بكل أبنائها. أضاف: “سواء شجعت الدول الغربية عودتهم أو لم تشجعها فأهلاً بهم في بلدهم”.
وعن شروط عودة النازحين وإعادة الإعمار، قال: “مَن يشترط علينا عليه أن يأخذ هذه الأفكار ويحتفظ بها لذاته نحن لم نقم بالاستجداء ولن نقوم بذلك وخضنا حرباً ضد الإرهاب، ومن أراد المساعدة فأهلا وسهلاً”.
وأشارت مصادر “البناء” الى أن لبنان سيحضر بقوة في المداولات واللقاءات بين القادة العرب ووزراء الخارجية والمعاونين على هامش القمة، كما سيتضمن بيان القمة الختامي توصيات تتعلق بلبنان، سيؤكد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية ودعوة الأطراف الى إنجاز هذا الاستحقاق بالحوار عبر تسوية رئاسية تضمن الأمن والاستقرار في لبنان وتمهّد لوضعه على سكة الإصلاح.
وعشية توجّه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الساعات المقبلة الى جدّة، زار أمس رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، مكتفياً بالقول بعد الزيارة “لقاء إيجابي كالعادة وعرضنا النقاط التي سأتطرق اليها في القمة العربية”.
وخلال تسليمه رئاسةَ القمة الى السعودية، أكّد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطّاف أن “القمة العربية، تأتي وسط ظرف إقليمي خاص يشهد تطورات متسارعة”، وأمل عطّاف، “من الأخوة في لبنان التفاهم لإخراج البلاد من أزمتها الداخلية وإتمام الانتخابات الرئاسية”. ورحب عطّاف بعودة سورية لمقعدها في الجامعة العربية.
بدوره، أكد مستشار رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية ماجد بن محمد الأنصاري أن لا يوجد حالياً أي اجتماع حول لبنان في الدوحة. وخلال إحاطة إعلامية عقدتها وزارة الخارجية القطرية، أوضح أن الدور القطري مستمر في تقريب وجهات النظر، وأن الخارجية القطرية تقوم بالاتصالات بين الجهات المختلفة، ومستمرة في القيام بدورها الإيجابي بالتنسيق مع الجهات الإقليمية والدولية.
وعلمت “البناء” أن السفير السعودي في لبنان وليد البخاري سيغادر الى جدة للمشاركة في أعمال القمة العربية، وسيعود إلى لبنان بعد أيام وسيقوم بجولة جديدة على مختلف الكتل النيابية والقوى السياسية وسينقل لها أجواء القمة ومفاعيلها على الوضع اللبناني ومن المفترض أن يبلغ موقف بلاده النهائي حيال الاستحقاق الرئاسي على أن يترجم في جلسة للمجلس يدعو اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في منتصف حزيران أو قبل هذا التاريخ، وليس بالضرورة أن تنتج رئيساً للجمهورية.
ولم يبرز أي جديد على مواقف الكتل النيابية في ظل التداول بجملة من الأسماء من باب المناورة السياسية والتفاوض، وقد علمت “البناء” أن الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لم تصل الى أي نتيجة، فيما المساعي على خط التيار وقوى التغيير والقوات اللبنانية لم تنجح بالاتفاق على مرشح موحد. وأكدت مصادر نيابية في كتلة التغييريين لـ”البناء” الى أن لا جديد على صعيد الحوار بين أطراف المعارضة، ولا على صعيد الحوار مع التيار، وقد سقطت أسماء عدة بالفيتوات المتبادلة على رأسها الوزير السابق جهاد أزعور والنائب نعمت أفرام، فيما رفض التيار ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون.
في المقابل شددت مصادر فريق المقاومة لـ»البناء» على أن «الظروف لم تنضج بعد لانتخاب رئيس للجمهورية لكن لا يزال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الأوفر حظاً من بين المرشحين المعلنين والمفترضين، وتوافرت معطيات وتطورات على الساحة الاقليمية تصب في صالح فرنجية».
ولفتت إلى أن المرحلة الحالية تتطلب رئيساً يمتلك خبرة سياسية ورؤية إقليمية وروحية وطنية واستقلالية بالقرار ويتمتع بعلاقات جيدة مع الدول الصديقة للبنان، أكانت سورية أم الدول الخليجية بما يصب في مصلحة لبنان، لكن لا يخضع لإملاءات سفارات وسفراء ودول.
ولا تزال المذكرة الدولية التي أصدرتها القاضية الفرنسية أود بوريزي بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في واجهة المشهد الداخلي، وعلمت “البناء” أن الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية لن تنفذ هذه المذكرة لكون القضاء اللبناني هو المعنيّ ويلاحق سلامة بدعاوى عدة ولديه أولوية على القضاء الأوروبي والدولي.
وأشارت مصادر معنية بالملف لـ”البناء” الى أن “القرار ضد سلامة سيرتّب مفاعيل وتداعيات كبيرة على الواقع الاقتصادي والمالي والنقدي لجهة سمعة مصرف لبنان عند المؤسسات المالية العالمية والمصارف المراسلة التي قد توقف تعاملها مع مصرف لبنان، وبالتالي مع مصارف لبنان، الأمر الذي سيجفّف سيولة مصرف لبنان وعلى معاملاته الخارجية، ما قد يؤدي الى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء”. لكن مصادر سياسية أبدت استغرابها عبر “البناء” بـ “حملة الدفاع الإعلامية والسياسية المستميتة عن سلامة وجرائمه المالية”.
وفيما تداولت أوساط إعلامية خبراً عن فرار سلامة الى الخارج، أكدت مصادر “البناء” أن سلامة لا يزال في لبنان ولم يغادر، وسيكمل ولايته كاملة حتى 31 تموز المقبل وبعدها ستكون هناك مرحلة جديدة أمام سلامة ستحدد مصيره.
ورأى الرئيس السابق ميشال عون بأن “على القضاء والحكومة في لبنان أن ينفّذوا مذكرة التوقيف بحق رياض سلامة، وإلا فإنّهم يرتكبون مخالفة كبيرة”، ولفت الى أن “القاضية غادة عون أُجبرت على الدفاع عن نفسها عندما تمّ اضطهادها وتعطيلها من قبل القضاء كلّما أرادت التحقيق مع أحد المحميين، هي أُجبرت على الكلام لتمارس مهنتها بضمير وبشكل صحيح. وهنا المخالفة لا تقع على القاضية عون بل على من تحدّاها وأجبرها على الكلام”. أضاف: “ندعو القاضي سهيل عبود، الذي يترأس الهيئة العليا للتأديب التي ستتخذ القرار النهائي في قضية القاضية عون، إلى حفظ شرف الوظيفة التي يشغلها”.
واعترف عون بأن “التجديد لرياض سلامة كان خطأ جسيماً ارتكبه من رفض السير باقتراحنا تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان؛ ومن جدّد لحاكم المركزي هي الجهة التي كانت تملك ثلثي مجلس الوزراء، نحن لم نكن نملك الثلثين، وإلا لكنّا عيّنا بديلاً لسلامة منذ اللحظة الأولى ومن دون الحاجة لأي تأييد، وولاية رياض سلامة انتهت مع صدور مذكرة التوقيف بحقّه وكان يفترض أن تنتهي منذ بدء التحقيقات في ملفّه، لأنّ سمعة حاكم البنك المركزي يجب أن تكون كالماس لا كالذهب، بمعنى أن تكون شفافة جداً”.
واعتبر بأن “الإجراء الذي يمكن اتّخاذه اليوم في حاكمية مصرف لبنان يتراوح بين خيارين، إما أن يتسلّم نائب الحاكم الأول، وهو يتمنّع عن ذلك، وإما أن يتمّ تعيين حارس قضائيّ، لأنّه لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال تعيين بديل”.
وكشف عون “أنّ هناك تلاعباً قد حصل في موضوع التدقيق الجنائي، إذ كان يُفترض بالشركة أن تسلّم تقريرها الأوّلي في 28 أيلول الماضي؛ وقد مضى ما يقارب ثمانية أشهر، لكن التقرير لم ينتهِ بعد، وهنا خطأ تتحمّل الحكومة مسؤوليته”.
على صعيد قضائي آخر، أعلن الوكيل القانوني لرئيس مجلس إدارة مدير عام هيئة إدارة السير والآليات والمركبات هدى سلوم مروان ضاهر، في حديث تلفزيوني أن “قاضي التحقيق في جبل لبنان زياد الدغيدي وافق على إخلاء سبيل رئيسة ومدير عام هيئة إدارة السير والآليات والمركبات هدى سلوم، مقابل كفالة مالية قدرها مليار ليرة، مع منعها من مزاولة العمل لمدة أربعة أشهر”. وأحال القرار إلى النيابة العامة لإبداء الرأي بالموافقة أو الاعتراض وغدا يفترض على القاضية غادة عون أن تبت بالأمر”.