أولى

القمة العربية… ما لها وما عليها!

‭}‬ د. علي عباس حمية
القمة العربية استراتيجية أم نصب فخاخ وتنصيب ملوك؟
وهل هي اتحاد ونهضة وأمن غذائي؟ أم انها إعلان الحياد وسياسة الترويض؟
هل هي حرية التطبيع، ام حرية التحرير؟
ام انها لاستكمال التطبيع والاعتراف بالكيان من باب المصالحة والاستثمار؟
سياسة آمنوا أول النهار واكفروا في آخره!
أعلن المتحدثون في القمة العربية عن الاتحاد والنهضة والأمن الغذائي وكأننا نعيش نفس الشعارات المجترّة غير الناضجة والمتناقضة لأسلوب التعامل بين الدول العربية التي تتخاصم إلى حدّ العداء جراء كلمة او موقف وتتصالح وتتوافق بمصافحة وكأن شيئاً لم يكن.
فعلى الرغم من انّ الشعوب كلها مع قضية فلسطين ولا تريد ذلك الخصام او العداء بين الاخوة وتنادي دائماً بالوحدة والتكامل وتحرير فلسطين كلّ فلسطين وعدم الاعتراف بتطبيع او بقرار تقسيم فلسطين الى دولتين، ولكن آراء الشعوب مجرد كلام في الهواء لا قيمة له، ويتمّ اختطافه واختزاله برأي مستشار مستورد يتأثر به زعيم دولة ما أو مملكة رجعية تنادي للمستقبل.
انّ الترحيب بعودة سورية المنتصرة كانت وكأنها على قاعدة مجبر أخاك لا بطل، وقد تخللها مثلاً خروج أمير قطر، ووجود غرباء في القمة، لكن سورية ضبطت أعصابها وفرضت نفسها بانتصارها على الإرهاب والداعمين له، وليس من جميل لأحد عليها بعودتها وهي الظافرة وأسدها المنتصر على ضباع الإرهاب ومستورديهم، ومن ثم حاولوا إحراج سورية بوجود الرئيس الأوكرانى، ولولا انّ سورية بعقلها الكبير لا تريد ان تعطل القمة لخرجت من القاعة ولكن اكتفى وفدها بنزع السماعات وعدم الاستماع لزيلنسكي.
ألم تتمّ كافة مؤامرات التطبيع عبر تغييب سورية ومحاولة تدميرها؟ ومن ثم بعد تمكين «إسرائيل» من دولهم يريدون عودة سورية الى الحضن العربي، ولكن عن ايّ حضن يتكلمون، هل هو حضن التطبيع ام الانتماء؟
اما الرئيس بشار الأسد وبخطابه الاستراتيجي العميق وسياسة الانتماء لا الأحضان يكاد يكون الوحيد الذي سمّى العدو «الإسرائيلي» بإسمه، وأشار اليه بالعدو الصهيوني بعينه، ومن ثم البعض القليل من الزعماء العرب الذين نعتوا الكيان المؤقت بالعدو الصهيوني مشكورين، أما الباقون فنادوا بالدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 وكانوا يتكلمون عن فلسطين و»إسرائيل» وكأنهما «شقيقتان»، فهل كانت تلك هي السقطة الأولى أم الفخ الأول لقمة جدة؟ حيث أنهم يحاولون بقصد او عن غير قصد إعطاء مشروعية للكيان الصهيوني بعدما كاد يفقدها عالمياً، وأصبح على بداية طريق الذبول والاضمحلال وهو يعيش حالة من الانقسام الصهيوماسوني وفي أدنى مستوى منذ إنشائه، ويرتعب من المقاومة لدرجة الضياع، لتأتي بعض أفواه القمة بالنداء بالسلام وبحلّ الدولتين لإعطاء جرعة شفاء جديدة للعدو «الإسرائيلي» لعدة سنوات آتية، وصولاً الى برنامج رؤية 2030 التي هي في الأساس فكرة معهد الدراسات الأميركي «راند» المتعلقة بالحقبة الابراهيمية، وحتى يتمّ التمهيد لها يجب التموضع والإقناع والترويض بالمصالحات والاستثمارات لدمج العدو «الإسرائيلي» بيننا استكمالاً لمشروع الشرق الأوسط الجديد ولكن عن طريق الوئام والمصالحات والاقتصاد والغذاء على قاعدة التموضع والحرية ويكون لكلّ دولة لها شأنها الخاص، تعادي من تشاء وتصادق من تشاء حتى وانْ كان ذلك هو العدو الصهيوني، فهم يلجأون للمسايرة ورش الأموال والمساعدات لإعمار ما اقترفت أيديهم بعد ان فشلوا بالعسكر والإرهاب؟
أما السقطة الثانية ذكر السودان عبر المساعي الأميركية للحلّ، يعني لا بدّ من التلميح والتسويق لدور أميركا السلمي في المنطقة!
وأما السقطة الكبرى فكانت وجود الرئيس الأوكراني زيلينسكي وببزته العسكرية وإلقاء خطاب بغير مكانه ولا زمانه، ولماذا في القمة العربية؟ هل كان فرض أميركي علينا، مما يعني انّ أميركا كانت حاضرة ومؤثرة في تلك القمة أكثر من ذي قبل، ولكن عن بعد وعن طريق إظهار «رجل شجاع» يعمل معها خفية ويظهر معارضة وهمية لها.
ألم يكن بالإمكان لزيلنسكي ان يتكلم مع الأمير الشاب بعد الانتهاء من القمة، وهل كان أمره يهمّنا أكثر من فلسطين والاقتصاد العربي؟ أو حتى أهمّ من إنكار التطبيع وكسر قانون قيصر ورفض صفقة القرن واستنكار الاحتلال؟ وإعلان مساعدة فلسطين لاستعادة أرضها.
عفواً من العرب الم يُسمح للطيران المدني «الإسرائيلي» بالعبور من اجواء دول الخليج؟ ألم يُسمح ببناء كنيس للجاليات اليهودية المستحدثة؟ ألم تُبنَ قاعات لاتفاقيات الحقبة الابراهيمية؟ ألم تشرع السعودية ببناء المكعب لحرف الأنظار…؟ ألا يوجد أمنيون صهاينة في بعض المطارات العربية المطبعة؟ ألم يطالب هؤلاء في القمة بحلّ الدولتين؟ مما يعني اعترافاً بالكيان المؤقت؟ اذاً، أين هي فلسطين من القمة؟ أقله أين العودة؟ وهل من مذكّر، وأين المقاومة وعيدها في لبنان؟ وأين سيف القدس ووحدة الساحات وثأر الأحرار؟ ألا تستحقّ فلسطين ولبنان وسورية كلمة شكر او حتى ذكر رفع عتب لما تعانيه من اعتداءات صهيونية؟ وأين اليمن من القمة؟ أم انها قمة تتويج ملك؟
انها إذاً الحلول والنقاشات والحوار من منطلق نحن اخوة ولكن من باب التموضع والاختلاف، ونريد ان نتعاون ولكن دون ان يتدخل أحدنا بالآخر، مما يعني انه مطبّع وأنت مقاوم، ولكن نتعاون اقتصادياً و… ولكن أيضاً لا تنتظر مني يا أخي المقاوم اية مساندة عسكرية، وسوف أسعى بالصلح وبوقف إطلاق النار بالأغلب إذا كانت «إسرائيل» في وضع حرج!
يا جماعة… بغضّ النظر عن وضوح وجود أميركا في القمة العربية الزيلنسكية، وبالرغم من وجود القواعد الأميركية في الخليج وفي مدينة نيوم وشرما والبلاك ووتر والخرج والأسطول الخامس بالبحرين وقاعدة عيديد في قطر، فإنه لا يمكن لأيّ دولة في العالم وبالأخص دول الخليج استخدام الأسلحة الأميركية من طائرات حربية ومروحيات أو أنظمة دفاع جوي او عربات مدرّعة أو دبابات أو أنظمة صواريخ ضدّ «إسرائيل» أو أميركا او الخروج عن طاعتهم العسكرية لأنها أيّ تلك الاسلحة تستخدم جهاز تحديد العدو من الصديق او مصدر الترميز وفك الترميز التي تتحكم به أميركا من قواعدها، ويمكن لأميركا استخدام تلك الأسلحة ضدّ مستخدميها، (FOFS تحديد العدو، SOURCE CODING SYSTEM ) وبالتالي الى ان تصبح دول الخليج وغيرها المتسلحة أميركياً قادرة على تغيير تلك الأنظمة وفكّ رموزها في الأسلحة، عندها يمكننا القول إننا أصبحنا أحراراً في توجهاتنا وأفكارنا…
الحذر الحذر، فالقمة العربية غير الفعّالة مثل سابقاتها ولكنها الأخطر من حيث التوجهات والتضليل، ننتظر فكّ الترميز العربي للشيفرة الأميركية لنقول نحن هنا، ولكن حتى ذلك الحين تصبحون على خير…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى