جنون مناورة «العبور» يصيب قادة الكيان وتصريحات حائرة بين حرب مع لبنان أو سورية أو إيران / قاسم: مع وحدة الساحات وقدراتنا استثنائية للمواجهة… والسيد نصرالله غداً يرسم المعادلات / الحكومة المربكة بقضية سلامة تتلقى الصفعات… مذكرة ألمانية ودعوة أميركيّة لتعيين بديل /
كتب المحرّر السياسيّ
لا زالت مناورة المقاومة تحت شعار “قسماً قادرون وسنعبر” محور أحداث المنطقة، حيث تحولت ترددات المناورة إلى العنصر الحاسم في النقاش السياسي والعسكري داخل كيان الاحتلال، بعدما أكتشف قادة الكيان حجم الأثر الذي تركته المناورة والرسائل التي حملتها على اتجاهات الرأي العام وجمهور المستوطنين، وعبّر تصاعد التعامل مع نتائج المناورة بين قادة الكيان عن فشل محاولات زرع الطمأنينة في نفوس المستوطنين، فانتقل الحديث من محاولات الاستخفاف بالمناورة إلى التحذير من مخاطرة المقاومة بإطلاق أسراب من الطائرات المسيّرة من سورية والتهديد بالرد القاسي عليها، والتلويح بخطر انفجار حرب بسببها، وصولاً إلى التهديد المباشر بشن حرب على لبنان والمقاومة، وانتهاء بالتهديد بحرب على إيران بذريعة تطوّر مفترض في برنامجها النووي. وآخر الابتكارات كان إعلان مناورة الأحد التي تحاكي حرباً على المقاومة في جنوب لبنان، أما المقاومة فقد ردت بلسان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي أكد جهوزية المقاومة لمواجهة كل الاحتمالات، كاشفاً أن “ما تمّ عرضه في المناورة هو جزء وعيّنة مما لدينا. فالصواريخ الدقيقة لم تُعرض وأسلحة أخرى أيضًا”، مؤكداً أن “الأميركي والإسرائيلي يعترفان بأن المقاومة لديها تطوير في عدد من الأسلحة المعروفة”. ولفت إلى “أننا مع وحدة الساحات، وليعلم الإسرائيلي أنه لا يستطيع أن يتخطى معادلة الردع”، مشدّدًا على “أننا نمتلك قدرات استثنائية لمواجهة العدو، ولدى الإسرائيلي حدود ولا يمكنه تجاوز معادلات الردع”. وغداً يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليرسم المعادلات بوضوح، ينتظره الرأي العام الإسرائيلي بمثل ما ينتظره اللبنانيون والعرب وصناع السياسة في العالم، أمام المكانة التي تحتلها تطورات وفرضيات المواجهة عبر الحدود بين المقاومة وجيش الاحتلال، واحتمالات أن يكون العبور إلى الجليل واحدة من مفردات هذه المواجهة.
داخلياً، كانت التداعيات المتلاحقة في ملف حاكم المصرف المركزي رياض سلامة هي الحدث، فبعد التوجّه الذي رسمه الاجتماع التشاوري للحكومة بترك الحاكم حتى نهاية ولايته في منصبه، تحدّث عدد من الوزراء عن رفضهم بقاءه ومطالبتهم بتغييره، مقترحين بدائل تراوحت بين إقالته وتولي أحد نوابه المسؤولية أو تعيين حارس قضائيّ من بين الخبراء يختاره القضاء لتولي المهمة، وصولاً الى تعيين حاكم جديد، وهو ما بدا أنه توجه البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، وجاءت مذكرة التوقيف الألمانية بحق سلامة لتشكل صفعة إضافية لموقف الحكومة المربكة، بينما صار السؤال بعد الموقف الأميركي عما إذا كانت الحكومة سوف تنقلب على موقفها وترتضي السير بإنهاء مهام سلامة؟
بقيت مذكرة التوقيف الدولية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الطاغية على باقي الملفات، وقد شكلت إرباكاً وضياعاً لدى المرجعيات السياسية والأمنية والقضائية في التعاطي معها.
ولفتت مصادر مطلعة على الملف لـ»البناء» الى أن القضاء اللبناني سيضع يده على الملف، ولن يعطي التوجيهات للأجهزة الأمنية لتنفيذ المذكرة الدولية (الأنتربول) بحق سلامة. وكشفت بأن لا قرار بإقالة سلامة في مجلس الوزراء في ظل انقسام حاد في الموقف من هذا الملف عدا عن أن أي قرار بالإقالة يحتاج الى ثُلثي مجلس الوزراء. موضحة أن الأجهزة الأمنية ستلتزم بما يقرره القضاء وتنفذ الإشارات القضائية.
وحضر الملف على طاولة جلسة اللجان المشتركة في مجلس النواب، حيث شدّد نائب رئيس المجلس الياس بو صعب على أن «الأفضل لسلامة أن يستقيل وهذا كان رأي معظم النواب».
إلى ذلك، يستمع المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان اليوم إلى حاكم مصرف لبنان في ضوء تسلّم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات من وزير الداخلية بسام مولوي مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحقه عن قاضية التحقيق الفرنسية أود بوروزي، على أن يتخذ القاضي عويدات قراره بعد الجلسة.
ورجّحت مصادر «البناء» أن يصدر قرار قضائي بمنع سلامة من السفر وحجز جواز سفره. وتبلّغ سلامة باستدعائه إلى قصر العدل بواسطة قسم المباحث الجنائية المركزية، وأفادت معلومات أنه سيحضر الجلسة.
وذكر مصدر قضائيّ رفيع لوكالة «رويترز» أن ألمانيا أبلغت لبنان شفهياً بصدور مذكرة توقيف بحق سلامة «بتهم فساد وتزوير وتبيض الأموال والاختلاس».
ونقلت وسائل إعلامية عن مصدر قضائي محلي مطلع بأن القضاء اللّبناني لم يتبلّغ ما أعلن عنه المدعي العام الألماني من صدور مذكرة توقيف غيابية عن القضاء الألماني بحقّ حاكم مصرف لبنان. وأضاف أن المذكرة الصادرة قد تندرج في إطار توحيد الملف الأوروبي المفتوح في نحو خمس دول أوروبية بحق سلامة.
ووفق ما علمت «البناء»، فإن الجلسة التشاورية أمس الأول، لم تخرج باتفاق بين الوزراء على كيفية مقاربة ملف الحاكم، إذ رفض أكثر من وزير إقالة سلامة أو اتخاذ أي إجراءات قضائية بحقه قبل تأمين انتقال سلس في الحاكمية لكي لا تذهب الى الفراغ ما سيؤدي الى تداعيات مالية واقتصادية ونقدية كبيرة، في ظل معلومات عن اتجاه مصارف مراسلة ومصارف عالمية لوقف التعامل مع مصرف لبنان.
وفي سياق ذلك، قالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ «رويترز» إن من المرجّح وضع لبنان على «القائمة الرمادية» للدول الخاضعة لرقابة خاصة بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وسيكون وضع لبنان على القائمة بمثابة ضربة كبيرة أخرى لدولة تعاني من تدهور مالي منذ عام 2019 وتكافح للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
في غضون ذلك، استمرّت مفاعيل المناورة العسكرية التي نفذها حزب الله في الجنوب الأحد الماضي، وقد ظهر حجم تداعياتها السلبية على العدو الإسرائيلي الذي خرج عن صمته بالتعليق على المناورة معبراً عن خشيته من رسائلها ومُقراً بقوة وقدرة المقاومة وضعف قدراته وجبهته الداخلية عن خوض أي حرب مقبلة، مكرراً تهديداته للبنان للتغطية على نقاط ضعفه ولرفع معنويات جيشه ومستوطنيه.
وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الى أن «حزب الله» يخطّط لإرسال قوات خاصة إلى المستوطنات الشمالية وتنفيذ عمليات أسر، وأن مناورته الأخيرة تدلّ على تطوّر قدراته البرية»، موضحة أن «المناورة العسكرية التي أجراها الحزب يوم الأحد قرب الحدود استعراض للقوة أمام أعين الجيش»، معتبرة أن «المناورة كانت أشبه بهجوم على مستوطنات إسرائيلية وتنفيذ عمليات أسر، واستخدم فيه الطائرات بدون طيار وراكبو الدراجات النارية».
ولفتت إلى أن «المناورة أظهرت وجود تحسّن كبير في قدرات وحدات «حزب الله» البرية، ولا سيما قوة الرضوان الخاصة، التي اكتسبت عملياتها خبرة في سورية»، شارحة أن «على ما يبدو وبتوجيه من الأمين العام للحزب حسن نصر الله، تقدّمت هذه الفرقة باتجاه خط التماس مع «إسرائيل»، في خطوة هجومية مهمة للغاية، وبدأت الانتشار في نيسان 2022 وأكملته في غضون عام، بهدف زيادة مستوى الاستعداد للحرب».
بدوره، زعم رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي في مؤتمر «هرتسليا»، بحسب ما نقل عنه المتحدّث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، بأنّ «الحرب في الشّمال ستكون صعبة في الجبهة الدّاخليّة، لكنّنا سنعرف كيفيّة التّعامل معها»، زاعماً أنها «ستكون أصعب على لبنان سبعين ضعفًا، وعلى حزب الله أكثر من ذلك».
وعصر أمس، ألقت طائرة للاحتلال الإسرائيلي مناشير تحذيرية تهديدية لرعاة الماشية ولسكان المزارع المحرّرة في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا.
في غضون ذلك، لم يسجّل الملف الرئاسي أي جديد وسط جمود يعتري المفاوضات بين القوى السياسية والتي عادت الى المربع الأول مع وصول الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الى طريق مسدود، علماً أن الحوار بينهما لم يتوقف وفق معلومات «البناء» وإن لم يصل الى نتيجة الأمر الذي يعزز حظوظ فرنجية ويجعله المرشح الجدي الوحيد.
وتشير مصادر نيابية مواكبة لحركة المشاورات على خط رئاسة الجمهورية لـ»البناء» الى أن «جميع المبادرات لم تتوصل الى نتيجة حتى الساعة، وهي في الأصل لم تكن جدية في ظل غياب الثقة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، علماً أن رئيس التيار النائب جبران باسيل اشترط السير بمرشح توافقي مع المعارضة بأن لا يشكل استفزازاً وتحدياً لحزب الله». ولفتت الى أن «القوى السياسية تعمل على الاستثمار السياسي في الملف الرئاسي ولا تقدم أي مرشحين يشكلون نقطة تقاطع بين المسيحيين والمسلمين».
وجرى البحث وفق المصادر في اللائحة التي اقترحها البطريرك الماروني بشارة الراعي واختيار اسم أو أكثر توافقيين لمواجهة مرشح الثنائي، وتضم اللائحة: الوزير السابق زياد بارود والنائب إبراهيم كنعان، جهاد أزعور، صلاح حنين وقائد الجيش العماد جوزاف عون والنائب نعمت أفرام والنائب السابق السفير فريد الياس الخازن والرئيس الفخري لرابطة متخرجي جامعة هارفرد في لبنان الخبير المالي حبيب الزغبي وآخرين.
ورأت المصادر أن «أسهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لم تنخفض كما لم ترتفع ولا زالت على حالها، وهناك غموض وتناقض بالإشارات الإقليمية تجاه لبنان». ونفت المصادر أن تكون هناك جلسة تشاورية للكتل النيابية في مجلس النواب حتى الساعة، فلم تتم الدعوة الى لقاء كهذا.
بدورها، لفتت أوساط نيابية في الحزب الاشتراكي لـ»البناء» الى أن «خريطة الاصطفافات لم تتغير والأسماء ما زالت نفسها ولم يتم التداول بأسماء جديدة، وأوضحت أن كتلة اللقاء الديموقراطي تنتظر التوافق المسيحي – المسيحي على مرشح مقابل مرشح الثنائي للنزول الى المجلس وانتخاب الرئيس»، مؤكدة أن الكتلة «ستؤمن النصاب ولن تقاطع أي جلسة لا الآن ولا في السابق لأنها ضد شلل المؤسسات».
في المقابل يشير مصدر مطلع على المشاورات السياسية والحراك الديبلوماسي الخارجي باتجاه لبنان لـ»البناء» الى أن «الظروف الإقليمية إيجابية والقمة العربية أرخت بظلالها على الساحة اللبنانية ولم يعد هناك مانع لدى السعودية بانتخاب فرنجية»، مرجّحاً أن يدعو الرئيس نبيه بري الى جلسة في النصف الأول من حزيران»، كاشفاً عن ضغوط دولية كبيرة ستدفع كافة الأطراف الى حضور الجلسة وإنجاز الاستحقاق، لا سيما العقوبات المالية التي تحضر من دول عدة ضد سياسيين لبنانيين.
وكشفت مصادر موثوقة لـ»البناء» أن مسؤولاً سعودياً وصل فرنسا فور انتهاء القمة العربية لاستكمال البحث مع الفرنسيين في الملف اللبناني، وأن مفاوضات تجري منذ أيام بين السعوديين والفرنسيين في محاولة لإنهاء الملف الرئاسي في حزيران المقبل، كما كشفت أن الخلية الخماسية تنتظر حصيلة المباحثات الدائرة في باريس وستنعقد في 8 حزيران المقبل لتظهير الاتفاق وإرسال رسالة عاجلة للمجلس النيابي اللبناني لحثه على انتخاب الرئيس تحت طائلة المسؤولية والعقوبات.
كما كشف المصدر لـ»البناء» أن الفرنسيين جددوا خلال تواصلهم مع السعوديين إصرارهم على السير بفرنجية رئيساً للجمهورية، وأن لا مرشح بديلاً يستطيع إقناع حزب الله والثنائي الشيعي فيه وفي ظل عجز القوى الأخرى المعارضة عن الاتفاق على مرشح بديل، ما سيطيل أمد الفراغ الرئاسي ويهدّد لبنان بالانهيار الشامل وكل المصالح الخارجية فيه.
كما علمت «البناء» أن السفير السعودي في لبنان وليد البخاري لا يزال في السعودية وسيعود الأسبوع المقبل وهو بدوره ينتظر حصيلة مشاورات باريس ليعود الى لبنان ويقوم بجولة جديدة على الكتل النيابية وينقل لها رسالة من فحوى المفاوضات الباريسية.
كما علمت «البناء» أن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يشارك في مفاوضات باسيل ويجري البحث بينه وبين الفرنسيين للتوصل إلى تفاهم يؤدي الى مشاركة باسيل في الجلسة المقبلة وتأمين النصاب والميثاقية المسيحية. وتشير المعلومات الى أن باسيل طلب ضمانات في العهد الجديد تتعلق بالشراكة الوطنية وفي مواقع أساسية في السلطة وفي مكافحة الفساد والإصلاحات في الطائف وإصلاحات مالية ونقدية. وأضافت المصادر أنه في حال تمّ التوصل الى اتفاق مع باسيل وحضرت كتلته النيابية الجلسة سيتم انتخاب فرنجية رئيساً. وأكدت مصادر نيابية مؤيدة لترشيح فرنجية لـ»البناء» أن المشكلة ليست بتأمين أكثرية نيابية لفرنجية، بل بالنصاب والتمثيل المسيحي الوازن.
ودعا رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «الآخرين إلى تسمية مرشحهم إذا لم يعجبهم مرشحنا»، متابعًاً: «لكن لا يوجد لديهم اسم، فهم باتوا يُفتّشون عن الاسم الذي يمكنهم الاتفاق عليه، فقط من أجل أن لا يسمُّوا سليمان فرنجية، وليس لأنهم يريدون ذاك المرشّح، بل يطرحونه من أجل عدم تسمية فرنجية، وهم حتى الآن لم يتفقوا على الأقل على اسم هذا المرشّح». وجدد التأكيد أنّ «الوقت يضيق أمام الجميع، وأننا نريد رئيسًا وحريصون على أن يكون هناك استحقاق رئاسي وأن ننتخب رئيس جمهورية يكون للجميع، وليس رئيساً يقول: لنا دولتنا ولكم دولتكم»، مشدداً على أن «مثل هذا الرئيس لن نسير به، لأننا نريد رئيساً لكلّ لبنان ولكلّ اللبنانيين».