مقالات وآراء

‎حديث عن المناورة العسكرية على الواقف لكنه جالس…

منجد شريف

‎شكلت الدعوة إلى مختلف الوسائل الإعلامية، المحلية منها والدولية، لتغطية المناورة العسكرية في عرمتى سابقة في العرف الإعلامي المتبع عند المقاومة.
‎كانت الرحلة إلى الجنوب بحدّ ذاتها متعة، محفوفة بالمخاطر، عند البعض ممن لم يزوروا الجنوب اللبناني أبداً ولم يعرفوا شيئاً عنه ولا عن المناورة العسكرية، كان جمال الطبيعة يجذب أنظارنا، لنقف عند عظمة الخالق لتلك الجبال المزهوّة الشامخة، والمشاهد الخلابة للبساتين والزهور والربيع الذي يملأ كلّ المكان، فضلاً عن التنوّع المعماري للمنازل المبنية بطرق هندسية أضفت الى المشهد جمالاً آخر، كان رونق المكان فتاناً وآخاذاً، ومجيباً على الكثير من التساؤلات، فلولا من أعاروا جماجمهم لله وروت دماؤهم ذلك التراب ورفرفة راياتهم فوق كلّ تلك التلال، لما كان هناك شيء من كلّ ذلك الجمال، خاصة أنّ تلك المناطق كانت ساحة مفتوحة لمنازلة العدو وكسر عرشه فيها، ما دفعه عند اندحاره إلى حرق العديد من أحراجها التي شاهدناها والتي ما لبثت ان استعادت الحياة بفضل المجاهدين لتعطي درساً آخر له، بأنّ عزيمة الطبيعة تضاهي عزيمة البشر في الإرادة والإباء والحرية والحياة.
استقبلنا المنظمون عند وصولنا إلى مدخل المعسكر، كانت تظاهرة إعلامية بكلّ معنى الكلمة، ترافق فيها الإعلام المتنوع والمتضاد، فكانت مفارقة بحدّ ذاتها، استقبلتنا الفرقة الموسيقية بمعزوفة ترحيبية، ثم توزعنا على المقاعد، لتبدأ بعدها المناورة.
‎كانت مناورة متنوّعة ومتميّزة من كلّ النواحي، استعرضت فيها محاكاة لكلّ ما راكمته سنوات الجهاد من الخبرات العسكرية للمجاهدين، فتدرّجت المحطات في مراحل متعدّدة، من عرض للمهارات ومحاكاة للأسر، ومحاكاة لاحتلال موقع، ومحاكاة لدخول الجليل، ومناورات للقناصة من أبعاد مختلفة وكذلك للمُسيّرات الذكية والدقيقة والتي نفذت مهمات قتالية أضيفت إليها حديثاً، وكان إظهارها ضمن قول ما خفي كان أعظم، وبعدها تمّ استعراض لأنواع الصواريخ القريبة والمتوسطة المدى، والتي بالتأكيد لا تعبّر عن كامل القدرة الصاروخية لدى المقاومة.
اختتمت المناورة بعد كلمة للسيد هاشم صفي الدين تناول فيها موضوع المناورة، وكان مضمونها أنّ الجاهزية في الملفات الداخلية حاضرة كما الجاهزية في العسكر وأنّ التطورات الأخيرة أثبتت أن لا عدو للعرب وكلّ الأحرار في العالم غير الكيان الغاصب، وغير ذلك محض دجل، وهراء ومن أجل تفريق الأمة العربية والعالم الإسلامي، بعدها سلم السيد صفي الدين بندقية الشهيد الحاج عماد مغنية لقائد فرقة الرضىوان في دلالة أنّ الشهيد حي في كلّ مجاهد وفي كلّ حر .
‎بعدها اختتم النهار بمشاركة المجاهدين طعامهم، في إشارة منهم إلى أنَّ من سوّاك بنفسه ما ظلمك، ومن ثم كانت العودة إلى بيروت بعد نهار طويل، لكنه جميل لما شحنه في النفوس من الشعور بالغبطة والأمن والأمان، وبوجود البواسل الشجعان الذين حموا الديار…
‎وفي طريق العودة وعند النزول من الباصات دار حديث العتبة بيني وبين إحدى الزميلات عن ذلك النهار، وما تخلله من أحداث، فكان الرأي مشتركاً عن عظمة ما شاهدناه ولمسناه من كلّ الجوانب، كان حديث على الواقف وفي لحظة النزول من الباص، لكنه حديث جالس عن مدى متانة الإرادة والعزم عند من أمّنوا السلام لكلّ أبناء الشريط الحدودي كما لكلّ لبنان، وما زالوا مستمرين في التضحيات والعطاء، وما بدّلوا تبديلا…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى