أولى

حرّيّة الخيانة للوطن!؟

شوقي عواضة

في كلّ الأمم والأوطان يُخلّد المقاومون ويُحاكَم العملاء والخونة للأوطان، وفي تواريخ حركات المقاومة ضدّ الاحتلال والاستعمار قلّما شهدنا محاكماتٍ لتلك المقاومات والتآمر عليها على كافّة المستويات السّياسيّة والعسكريّة والأمنيّة وحتى الإعلاميّة إلّا في لبنان حيث ينبري فتية السّفارات وفي مقدّمتها السّفارة الأميركيّة للتهجّم على المقاومة وتشويهها وتطييفها وطعنها تحت عناوين متعدّدة، تارة تحت عنوان الدّيموقراطية وتارة أخرى تحت عنوان الحرّيات الإعلاميّة وحقوق الإنسان وسيادة الوطن وغيرها من العناوين البرّاقة التي لم تؤتِ أكلها ولم تبلغ الأهداف التي ترسمها السّفارات لفتيانها، وقد شهد لبنان العديد من القضايا التي انتهكت فيها سيادة لبنان على يد أدعياء السّيادة والمستثمرين بها. بل إنّ استثمار أولئك الموغلين في ذبح السّيادة وتقديم الوطن قرباناً للأميركي والصّهيوني تعدّى التهجّم على المقاومة ليصل إلى حدّ المطالبة بنزع سلاحها ومحاكمة المقاومين وإطلاق حملات التّضامن مع العملاء ومنع محاكماتهم، وما جرى في قضية سفّاح الخيام العميل عامر فاخوري خير شاهد على انتهاك الأميركي للسّيادة اللّبنانيّة من خلال تحدّي القضاء وكسر قراراته وتهريب العميل إلى الولايات المتحدة الأميركيّة بمباركة من (السّياديين) على قاعدة كرهاً منّا لأبيك فقط.
في معركة لا تقلّ أهميّة عن المواجهات العسكريّة. وبالرّغم من أنّ ما من مقاومة انتصرت إلّا وحكمت سوى لبنان، لم ولن يكون هدف المقاومة السّلطة، ورغم ذلك تُتهم بأنّها تتحكّم بالدّولة ومفاصلها في حين يتمّ تهريب رأس العملاء أمام مرأى العالم أجمع وفي حين يتمّ استفزاز المقاومة كلّ يوم التي لم تلتفت إلى الخلف بل جعلت أعينها دائما على أعداء لبنان.
آخر فصول التّهجّم والاستفزاز للبنانيين الشّرفاء هو استضافة قناة “أل بي سي” الفضائية العميلة الإسرائيليّة ماريا معلوف التي ظهرت منذ أسبوعين بفيديو مسجل ترتدي فيه القلنسوة اليهوديّة وترفع شارة النّصر في احتفال عيد التراث اليهودي الأميركي الذي يشارك فيه العديد من المنظمات الصّهيونية التابعة لـ ايباك ومنها منظمة حاباد التي سُميت لاحقاً مجموعة تشاباد لوبافيتش وهي حركة صهيونيّة تتبع لـ ايباك يتراوح عدد أعضائها بين مائتي ألف ومليون عضو. حركة فكريّة يهوديّة متطرّفة تتخذ من بروكلين بالولايات المتحدة مقرّاً لها وتتواجد في الكيان الصّهيوني أسّس أحد معلميها المتشدّدين واسمه شمول هابارتزى مدرسة “قابيل وهابيل” لتعليم النبوة في “إسرائيل”، أمّا أعضاؤها فقد توّجوا زعيمهم السابق “مهدياً منتظراً”!
طبعاً لم تكتفِ العميلة ماريا معلوف الصادر بحقّها عدّة مذكرات توقيف من القضاء اللّبناني بذلك، بل إنّ قناتها على اليوتيوب حافلة بلقاءاتها الإعلاميّة مع حاخامات ومسؤولين صهاينة، بالرّغم من كلّ ذلك وفيما يحتفل اللّبنانيون بعيد المقاومة والتّحرير تحتفل قناة “أل بي سي” على طريقتها بتكريم العملاء من خلال استضافة العميلة الصّهيونية ماريا معلوف على شاشتها وتظهر في الترويج بصورتها وهي ترتدي القلنسوة اليهوديّة، فما معنى استضافة عميلة تعمل مع ايباك الصّهيونية وما غاية القناة من ذلك ولماذا في هذا التوقيت تحديداً؟
على ما يبدو أنّ قناة “أل بي سي” هي سبّاقة في عالم التّطبيع وتعمل على ترويجه من خلال استضافة شخصيّاتٍ عميلة تحت عنوان الحرّية الإعلاميّة دون إدراكها أنّ العملاء والخونة لا حقوق لهم ولا رأي وحقهم المحاكمة فقط، أمّا إذا أرادت “أل بي سي” من خلال استضافة العميلة معلوف لفضحها فهي معروفة ولا تحتاج لتعريف خيانتها وعمالتها وبذلك فإنّ القناة تخطّت قانون التعامل مع العدوّ والترويج للتّطبيع مع العدو الاسرائيلي في ظلّ صمت المؤسّسات الرسميّة والمجلس الوطني للإعلام المعطَّل دوره في معركة التّطبيع مع العدوّ والمكبّل بقوانين لا تسمح له بأي دور تقريري في الملفات الإعلامية.
وعليه فإنّ ما تقوم به قناة “أل بي سي” يندرج ضمن الحرب الإعلاميّة التي يجنّد لها الأميركي والعدوّ الاسرائيليّ كلّ الطّاقات وهي بذلك تتخطّى القوانين اللبنانيّة وتتجاوز المؤسّسات الرقابيّة في محاولة لترسيخ معادلة تحت عنوان (حرّية الإعلام) للتّطبيع مع العدوّ الاسرائيلي والتمهيد لاستضافة إسرائيليين واستضافة لبنانيين على قنوات العدوّ وإعلامه وهذا قد حصل فعلاً دون أن يتمّ محاكمة أحد.
في حين تستمرّ حملة التشويه بالمقاومة ومطالبتها بإثبات لبنانيتها وعروبتها التي عمّدتها بالانتصارات بدماء الشهداء، وعليه يتوجب على أبواق السفارات ومنابرها وشاشاتها أن تثبت لبنانيتها وعروبتها ووطنيّتها وإلا فهي أبواق إعلام العدو حتى يثبت العكس من خلال رفضها استضافة العملاء الإسرائيليين وأن تتخلّى عن سياسة الدّفاع عنهم فحرية الإعلام تسقط حين تتحوّل الى حرية لخيانة الوطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى