العودة إلى الاتفاق النووي تقترب
وضعت واشنطن عقبتين رئيسيتين في طريق العودة الى الاتفاق النووي، الأولى أسمتها بالملفات الإقليمية ومحورها مجموع النزاعات التي أحاطت بإيران بتحريض وتأثير أميركيين، وأعطاها البعض تسمية ملف النفوذ الإيراني في المنطقة، وأسماها بعض آخر التدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة الداخلية، ويسمّيها الإسرائيليون دعم إيران لقوى المقاومة، لكن محور هذا الملف كان الخلاف الإيراني السعودي؛ أما الثانية فكانت تتصل بتفاصيل الملف النووي الإيراني ووضعتها واشنطن تحت عنوان علاقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدولة الايرانية، ومدى ثقة الوكالة بأن ليس لدى إيران بعد عسكري سريّ لملفها النووي، ومعلوم أن ما صدر من تشكيك من الوكالة بصدقية إيران تم بتحريض أميركي، وما تم قبوله من تقارير اسرائيلية كانت واشنطن تقف وراء اعتماده.
خلال الشهور الماضية تجري في مسار منفصل عن المفاوضات حول الملف النووي تطورات نوعية وعميقة تتصل بهذين الملفين. فمن جهة مسار ثابت ترسمه المصالحات التي بدأت بالاتفاق الإيراني السعودي الصيني، وباتت العلاقة المصرية الإيرانية جاهزة للمصالحة بعدها، ووضع ملف الحرب في اليمن على سكة الحلول التفاوضية، وترجم ذلك بفتح السعودية الباب الواسع للعلاقة مع سورية، ورفع الفيتو عن المرشح المدعوم من المقاومة لرئاسة الجمهورية في لبنان، وتشكيل حكومة عراقية تلقى بالقبول وتحظى بالدعم من إيران ودول الخليج، بصورة لا تبقي شيئاً اسمه ملف إقليمي يمكن ربطه بالتفاوض حول الملف النووي مع إيران.
بالتوازي أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن توصلها الى تقدم إيجابي في ملفات عالقة مع إيران، خصوصاً حول ملف معلومات عن وجود برنامج عسكري عالق منذ عام 2003 وتمّ تخطيه عند توقيع الاتفاق عام 2015، وأعاد الأميركيون إثارته في المفاوضات المستجدة للعودة إلى الاتفاق، والثاني حول وجود بقايا يورانيوم مخصب على درجة 87% في محيط أحد المفاعلات النووية الإيرانية، وسربت الوكالة معلومات لصحف أوروبية تقول إن الاجوبة الايرانية كانت مرضية للوكالة، وهذا يعني ان الملف المتصل بثقة الوكالة بعدم وجود برنامج إيراني عسكري ضمن الملف النووي، لم يعد قائماً.
هذا يعني أن الطريق باتت سالكة نحو العودة الى الاتفاق، ويمنح كلام وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان عن تقدم تفاوضي نحو العودة إلى الاتفاق درجة عالية من المصداقية، وربما يعني أكثر، سواء تمت العودة الى الاتفاق كاملاً او إلى نصف اتفاق، لأن واشنطن تبدو متيقنة من اقتراب إيران من بلوغ العتبة الحرجة وهي لا تملك خيارات الا العودة الى الاتفاق لتعلن أنها منعت إيران من امتلاك سلاح نووي هي تعلم أن ايران لا تريد امتلاكه. وفي العادة عندما نسمع عن زيارات أمنية اسرائيلية رفيعة الى واشنطن، تحت عنوان البحث في تطورات الملف النووي الإيراني، وتهديدات إسرائيلية بالعمل العسكري، فهذا يعني أن لدى قيادة الكيان ما يؤكد اقتراب واشنطن من الذهاب لتوقيع الاتفاق مع إيران، والذهاب الى واشنطن والتهديدات بهدف طلب ثمن مقابل عدم التشويش، والثمن مزيد من المال والسلاح والالتزام بعدم ترك الكيان وحيداً في أي حرب مقبلة.
التعليق السياسي