من حيث يدري جعجع ولا يدري باسيل قائد الجيش أقرب للرئاسة من أزعور
ناصر قنديل
يحشد المنخرطون القدامى والجدد في الماكينة الإعلامية لنظرية “خلصت وقوموا لنهني” لصالح ترشيح وزير المال في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة جهاد أزعور، الحجج للقول إن انضمام الكتل المسيحية الكبرى الى تأييد أزعور سوف يشكل كرة ثلج إذا أضفنا إليها تأييد بكركي، تجعل مهمة وصول المرشح سليمان فرنجية إلى الرئاسة أشدّ صعوبة، وتفتح الطريق لوصول أزعور، وإذا كان الشقّ الأول من المعادلة صحيحاً، أي تعقيد وصول فرنجية، فإن الشق الثاني منها مجرد أمنيات، لأن الحديث عن الشق الاقتصادي الذي يعلو السياسة ليس مجرد مبالغة، بل هو استغباء لعقول الناس. فالخارج الدولي الغربي والعربي يعرف أن حجم المشكلة المالية، لا الاقتصادية في لبنان، وحجم لبنان معها، لا تنتظر رئيساً عبقرياً في المال والاقتصاد، وإن كان كذلك فالمطلوب عكس عبقرية الذي صنعوا نظرية الانهيار، وأزعور واحد منهم، عبر سياسات الاستدانة وتثبيت سعر الصرف، كما تقول سيرته في وزارة المال. والمطلوب معلوم، وهو قرار خارجي غربي عربي بالإفراج عن تمويل النهوض ببضعة مليارات ومجموعة إجراءات معلومة في ملفات الكهرباء وعجز الموازنة والكابيتال كونترول وسواها من مقترحات صندوق النقد الدولي، والسؤال هو مقابل ماذا سوف يفرج الغرب والعرب عن الأموال؟
القضية أولاً وأخيراً في السياسة، وما هو واضح في معادلة لبنان نحو الخارج، أن الغطاء المسيحي لرئيس الجمهورية ليس جزءاً منها، بل هو شرعية داخلية يحتاجها، وحسابات تصويت لا بد منها، لكن الاهتمام الخارجي بلبنان فكله منعقد حول حزب الله ليس حول شيء آخر، لأن الاتفاق مع حزب الله وحده يضمن معادلة استقرار على حدود لبنان الجنوبية، وووحده يضمن أمن استخراج واستثمار ثروات النفط والغاز، والتعاون في مكافحة الإرهاب والتهريب عبر الحدود، يحتاج إلى التعاون مع حزب الله، وأي رئيس دون التفاهم مع حزب الله بنظر الغرب هو رئيس لا يحكم أو رئيس يفجّر لبنان، ولذلك يجب النظر لتعقيد وصول فرنجية الذي يمثله الاستعصاء المسيحي، بصفته ورقة تفاوض للخارج مع حزب الله، إما لفكفكة هذا الإجماع مقابل ثمن يُطلب من حزب الله لقاء فتح الطريق لحساب المرشح المدعوم منه، وهو سليمان فرنجية، من خلال نقل الإجماع إلى مرتبة أقل عدائية عنوانها قبول نتائج أي منافسة انتخابية، والتعامل مع العهد بعد الانتخابات، أو رفع سقف العروض المقدمة لحزب الله للتفاوض على اسم مرشح آخر، لن يكون أزعور حكماً، بعدما صار هو عنوان التحدّي.
العودة لأصل تفكير الأميركي والسعودي رئاسياً، يبرز مجدداً اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، كمرشح جدّي يمثل تطلعات الفريقين، مرفوض من حزب الله، ويحظى معهما داخلياً بدعم بكركي والقوات اللبنانية وموافقة النائب السابق وليد جنبلاط وعدد كبير من نواب التغيير وكتلة الاعتدال، وإذا كان رفض حزب الله يعود لسببين، واحد إقليمي له صلة بالخشية من موقع قائد الجيش في مناخ تصادم مع المشروع الأميركي في المنطقة، والثاني يعود للتضامن مع التيار الوطني الحر الذي يخشى وصول قائد الجيش ويرفضه، فإن العامل الثاني يكون قد سقط بمجرد سير التيار بترشيح أزعور في مواجهة مع حزب الله عبر الانتقال من عدم الموافقة على السير بدعم ترشيح الوزير سليمان فرنجية الى الاتفاق مع القوات على محاولة إسقاطه، ويصير السؤال إقليمياً، وليس محلياً، سياسياً وليس اقتصادياً، ماذا يطلب الغرب والعرب من حزب الله لتسهيل وصول فرنجية، وماذا يعرضون لعقد صفقة عنوانها وصول قائد الجيش؟
هنا تدخل العلاقة مع سورية ومكانة سورية عنواناً في الملفين، ملف تسهيل وصول فرنجية، أو ملف فتح الطريق أمام قائد الجيش. فالعلاقة السعودية السورية سوف تشكل قناة التفاوض الفعلية، وتحلّ السعودية هنا مكان فرنسا كعراب للرئاسة. وفي الحالتين، سيرتبط مصير الرئاسة بمسار الوضع السوري، وتفاهم ترعاه السعودية بين دمشق وواشنطن، ربما على خلفية عودة أميركية الى التفاهم النووي مع إيران ونية الانسحاب من سورية، مرفقة بصيغة حل سياسيّ يرضاها الرئيس السوري بشار الأسد كإخراج لرفع العقوبات عن سورية، من ضمنها ضمانة الأسد للالتزامات اللبنانية المطلوبة من عهد فرنجية المقبل، أو عروض إغراء إضافية لحزب الله وسورية مقابل رفع الفيتو عن قائد الجيش، وتبقى الأولى أرجح من الثانية، لكن إذا كان لترشيح ازعور من دور في إزاحة فرنجية، فسوف يكون لصالح قائد الجيش، كما يعلم ويرغب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ولا يرغب ولا يعلم رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل.