أولى

رشيد كرامي ميراث ومواقف

ليس استشهاد الرئيس رشيد كرامي مجرد مناسبة لتكريم راحل تولى منصباً رفيعاً في الدولة، أو كانت له مواقف وطنية مشهودة، وحسب، والاستشهاد هو الأساس هنا، أي أننا أمام رئيس حكومة كان على رأس مسؤوليته في الدولة وتعرّض لعملية اغتيال، فكان شهيداً على خط اشتباك كبير حول هوية لبنان ومستقبل دولته، ولا قيمة لكل اللغو الذي يمكن أن يصدر في ذكرى استشهاده بالحديث عن خصال ومناقبية، مقابل التهرّب من أخذ الموقف الواضح من المعركة التي كان الشهيد الرئيس رمزاً بها وعنواناً لقيادتها وقدّم شهادته على خط الاشتباك حولها.
استشهاد الرئيس رشيد كرامي على خط الاشتباك حول وحدة لبنان بوجه مشروع التقسيم الذي حملته القوات اللبنانية، كما قال المجلس العدلي في حكمه المبرم حول الجريمة، وبمعزل عن مصير الجانب القضائي من القضية، فإن المعركة الوطنية التي كان الرئيس الشهيد عنوانها لم تُقفل بعد، ومشروع التقسيم لم يسقط نهائياً.
“حالات حتماً” كانت عنوان المعركة يومها، والمشروع يعود اليوم بثوب جديد اسمه الفدرالية. وها هي عملية الاستقطاب الطائفي تحت عباءة انتخابات رئاسة الجمهورية، وإعادة تشكيل المعسكرات على أساس طائفي للقول إن النظام اللبناني يحتاج الى تعديلات تمنح الطوائف فيه سلطة تسمية ممثليها في الدولة، بما يمثل سياقاً لا ينفصل عن نظرية استحالة العيش معاً، وصولاً الى دعوات الفدرالية والتقسيم، التي قام اتفاق الطائف على رفضها بصورة صريحة وواضحة لا لبس فيها.
يعبر الاصطفاف بوجه المرشح سليمان فرنجية عن محاولة لإعادة تشكيل معسكر طائفي يقف وراء الفدرالية، ولو من باب ما يُسمّى بحق التسمية، وقبله حق انتخاب نواب الطائفة بأصوات أبنائها، ومعهما اللامركزية المالية الموسعة، ونظرية لا يشبهوننا، ما يجعل إحياء ذكرى استشهاد الرئيس رشيد كرامي مناسبة لرفض كل مشاريع الفدرالية والتقسيم.
الشهيد الرشيد باقٍ في ضمائر الوطنيين عنواناً لفهم القضية الوطنية، ومعرفة أن القضية لم تنته والمعركة لم تُحسَم حول هوية الدولة ووحدة الوطن.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى