دبوس

شرّ البلية وكارثة الكوارث

التدمير الكلّي والمطلق لقوىً متقاتلةً يحتاج الى شرطين، الأول، ان تكون هذه القوى متعادلة، أما الثاني، فيجب ان يكون على رأس هذه القوى، قيادات على قدر كبير من الحماقة…
بالزغاريد، وبصرخات الفرح العارم، استقبل البرهان وهو يتفقّد إحدى قطعات الجيش السوداني، فما كان منه إلّا ان أطلق تصريحاً يدلّ على انّ الرجل فقد ما تبقّى في دماغه من أية خلايا مخّية قد تعينه على اتخاذ القرارات، لقد قال لا فضّ فوه، إنه وجيشه لم يستخدم القوة المميتة بعد، المميتة لمن…؟
لم يتحفنا بالتبيان، المميتة وحسب، الأرجح أنها مميتة لكلّ السودان، كما يدلّ عليه سير الأحداث، فالذي يدفع الثمن الأبهظ الآن ليس البرهان، ولا دقلو، بل السودان برمّته، شعباً ووحدة ووجوداً وكياناً…!
أسوأ ما يمكن ان يُبتلى به شعب في العالم، هو ان يتسلّط عليه في موقع القيادة والإدارة نوع من البشر لا يحتفظون بالحدّ الأدنى من التفاعل مع هواجس ومتطلبات وطموحات الناس، ولا يحرّكهم ولا يدفعهم الى المبادرة سوى المصالح والمنافع الشخصية، فإنْ اصطدمت المصلحة العليا للناس وللوطن وللأمة مع تلك الذات المتضخّمة في كيانه، تسحق المصلحة العامة، ويؤثر عليها الأنانية المفجعة، والرغبة في تحقيق الذات.
بجلاء نرى هذه الحالة في السودان المبتلي والمنكوب، وفي لبنان الممزّق والمتروك ليتهاوى طوعياً، ويتدحرج بلا رحمة نحو الهلاك، وفي فلسطين حيث نصّبت سلطة هاجسها وديدنها المكاسب الذاتية، التي تستحوذ عليها من محتلّ قاتل للبشر، سارق للأرض، مدنّس لكل ما هو مقدس، وآخر همّها التخلص من هذا الاحتلال!
فاجعتنا هي هؤلاء الذين قفزوا الى مواطئ صنع القرار بمشيئة خارجية، أوصلتهم عنوة الى هذه المواقع، ليعيثوا في الأرض فساداً وارتهاناً وتتبيعاً، ولا تزن عزة الأمة ونهوضها وتحرّرها في موازينهم شروى نقير.
سميح التايه