إطلاق نار على الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة
في البداية يجب لفت الانتباه إلى حدود الخزي والمذلة التي تختزنها المؤسسات الإعلامية التي تبدي باستمرار الوقاحة في الحديث عن حدود إسرائيلية وأراض إسرائيلية بدلاً من قول الأشياء بحقيقتها عن الحدود مع فلسطين المحتلة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
إطلاق النار الذي قام به جنديّ أو شرطي مصري؛ أي أحد العاملين في عداد القوات المسلحة المصرية وانتهى بقتل ثلاثة جنود وإصابة ضابط من جيش الاحتلال هو حدث هام. والمهم فيه أهم من انتظار التحقيق الذي لن يفعل شيئاً سوى محاولة إفهامنا أنه حادث فردي أملاً بالسيطرة على الموقف من الجانبين، اللذين لا نية لأي منهما بالذهاب الى تصعيد، وليس لنا في هذا شغل، ولا هو ما نبحث عنه.
ليس مهماً السبب التفصيلي الذي وضع الجندي المصري في مواجهة جنود جيش الاحتلال، سواء كان بمبادرة منه لعمل وطني وقومي، وهو ما سيحاول التحقيق إخفاءه، أو إن كان السبب كما يُقال ملاحقة مجموعة مهربين، سواء وفق الرواية المصرية، أن الملاحقة كانت مصرية، أو العكس وفق رواية جيش الاحتلال.
المهم ليس هنا، بل في الإجابة عن سؤال، هو أنه عندما تقع لحظة احتدام في تداخل بين قوتين عسكريتين، متى يلجأ المقاتل إلى إطلاق النار دون سابق إنذار ودون أن يحاول عبر قنوات الاتصال تفادي التداخل وسوء الفهم. وعندما يقع إطلاق النار متى يلجأ المقاتل الى إطلاق النار للقتل. والجواب واضح وهو أنه يذهب المقاتل لإطلاق النار عندما لا يعتبر القوة المقابلة صديقة. ويذهب للقتل عندما يعتبرها عدواً ينتظر لحظة النيل منه. وهذا هو الأهم في كل ما حدث، لأنه يقول لنا إن المقاتلين في القوات المصرية المسلحة، رغم مرور قرابة 45 سنة على اتفاقيات كامب ديفيد، ورغم إنهاء حال الحرب على الحدود، فإن نفوس المصريين في الشعب والجيش لا تزال عامرة بروح العداء لكيان الاحتلال.
التوقيت يقول لنا شيئاً إضافياً، وهو أن ما تشهده فلسطين من نهضة لمقاومتها الشعبية الصافية، من جهة، ومن وحشية متزايدة في صفوف جيش الاحتلال والمستوطنين، بما فيها الاعتداءات على المسجد الأقصى والمرابطين فيه، أشعلت نفوس كل جندي عربي وطرحت عليه أسئلة جوهرية حول مبرر حمله للسلاح، فكيف عندما يكون موقعه على حدود فلسطين، وتتاح أمامه لحظة إطلاق النار على جنود الاحتلال؟
الحدث هام وشديد الأهمية، لأن مثله سيحدث وبقوة وعلى أكثر من جبهة، فكيف إذا صدقت رواية قادة جيش الاحتلال عن أن العملية منظّمة ومخطّط لها وكانت بالأصل مشروع استهداف لجنود الاحتلال بما هو أقرب لعملية استشهادية تستكمل مفهوم وحدة الساحات؟! وإذا صح الكلام عن جنازة عسكرية رسمية للبطل الشهيد تعبيراً عن تبنّي القيادة العسكرية المصرية؟!
التعليق السياسي