اللكمة أتت من حيث لا تحتسب…
} رنا العفيف
تلقى جيش الاحتلال «الإسرائيلي» ضربة موجعة جداً عند نقطة حدودية بين مصر وفلسطين، وقال رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو إنّ هذا الحدث استثنائي وغير عادي؟ هل هو فعلاً حدث غير عادي ولماذا؟
بطل من أبطال الأمن المصري يقتل ثلاثة جنود «إسرائيليين» عند الحدود، تعدّدت الروايات «الإسرائيلية» ضمن أطر جمة من الأسئلة، إلا أنّ الرواية الحقيقية تكمن في مضمون رسالة المجاهد المصري التي حملت روح الثورة العربية الحقيقية، رداً على جرائم الاحتلال «الإسرائيلي» الذي يرتكبها في فلسطين المحتلة.
المنفذ رجل أمني مصري، وهذا يعني أنّ الجندي المصري لا يزال يحافظ على عقيدته القتالية ضدّ العدو، بالرغم من مرور سنوات طويلة على كامب ديفيد الذي لم يفعل فعله على المستوى الشعبي، وأنّ الشعب المصري لا يزال يعيش عروبته وانتماءه لفلسطين ويرفض كلّ الاعتداءات والمجازر الذي يرتكبها بحق القدس وفلسطين المحتلة، وذلك من خلال رفض الشعب المصري قبوله لـ «إسرائيل» في مصر، وبالتالي قد تكون رسالة هذا البطل تتويجاً لرفض التطبيع، بالرغم من أنّ مصر تضع هذة الحادثة ضمن إطار عمليات التهريب، علماً أنّ عمليات التهريب كانت مفعلة قبل بناء السياج الأمني على طول الحدود…
في حين أنّ مصادر أمنية «إسرائيلية» تقول إنّ الشرطي المصري كان يعرف ما الذي يفعله ولم يعبر الحدود، وانّ إطلاق النار كان مخططاً له، ونتنياهو أيضاً قال إنّ الحدث لم يكن عادياً وإنما هو استثنائي وغير عادي، عدا عن الذي شكك في الرواية وعمل على أكثر من رواية لها متناسياً الرواية الحقيقية في المضمون والشكل…
يا سادة… ما حصل هو أمر غير عادي ولافت للانتباه لا سيما أنّ العالم اليوم يتغيّر ويضبط توقيته بحسب البوصلة المتوجهة نحو الحرب الكبرى التي ينتظرها الجميع، من مبدأ فكر سياسي معاصر، فكلّ إنسان عربي يحمل في فكره ونهجه القضية الفلسطينية لا يمكنه أن يتقبّل المجازر التي ترتكبها «إسرائيل» لا في فلسطين ولا في لبنان وسورية والعراق واليمن، وتحديداً في ظلّ الاجتماعات السرية التي تقام داخل قبو الحرم القدسي، فكانت سياسة «إسرائيل» الاستفزازية هي المسبّب لنتاج عمليات كثيرة سابقة ولاحقة في ظلّ غطرستها وحقدها على العرب والمسلمين بالعموم في المنطقة،
بالتالي هذة العملية هي ردّة فعل قد يكون لها تبعات ما لم يكن لها دلالات أخرى تتمحور حول إذا ما كانت ضمن حزمة أو سلسلة من العمليات للحدّ من وقاحة «إسرائيل» المستمرة، لا سيما أنّ ردّة الفعل هذه جاءت في وقت كانت «إسرائيل» تقوم بمناورة أسمتها «اللكمة الساحقة»، وإذ باللكمة توَجّه لـ «إسرائيل» من حيث لا تحتسب، ومن الأراضي المصرية، وهذا قد يكون له انعكاسات وارتدادات قد تطال التخطيط الأمني «الإسرائيلي» بعد هذه العملية التي قد تكون ضمن سياق ربط «وحدة الساحات».
لطالما تمّ ضبط التوقيت على إيقاع المواجهة الشاملة التي هي عنوان عريض للنصر الآتي الذي لا مفرّ منه، والذي وعد به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عندما قال إنّ المواجهة الشاملة هي التي نهدّدكم بها وليس أنتم من تهدّدون»، وهذه العبارة بالمعنى الاستراتيجي يجدر التوقف عندها، أيّ بمعنى أنه من الصعب على الإسرائيلي أن يخوض مواجهة على أكثر من جبهة، لذا يخشى «الإسرائيلي» اليوم الكثير في تقدير الموقف وتحديداً أمام روايته المتناقضة التي تسبّب له الكثير من الإرباكات، وبالتالي أرادتها لكمة ساحقة فأتتها ضربة قاضية لم تكن في حسبان سياسات «إسرائيل»، وهي ضربة خرقت السياق الأمني الاستراتيجي، واليوم… العيون شاخصة نحو سيناء كما هي الحال في فلسطين والضفة الغربية…
أمام هذا الحدث الكبير الذي يضعف جبهة الردع الاسرائيلي على مستوى متعدد، وأمام تسخين الجبهات تجد «إسرائيل» نفسها في موقع أضعف في مواجهة تصادمية سيكون لها بلا شكّ انعكاسات كبيرة على مجمل الوضع «الإسرائيلي»…